عجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات والتدوينات والتغريدات التي تطالب بالكف عن "أسلمة انتصار الفريق المغربي"، وعدم اعتبار نزالات أسود الأطلس في مونديال قطر "حروبا مقدسة لأحفاد طارق بن زياد". قد تبدو للوهلة الأولى هذه المطالب والرسائل التي تصدر جلها عن أتباع التيار العلماني – البعيد بعد السماء عن الأرض، عن وجدان الشعوب العربية والإسلامية – آراء عادية وطبيعية في عالم أصله الاختلاف والتنوع. لكن مضمون هذه الرسائل يفضح نيات أصحابها الذين يسعون لتكريس "ثقافة الانهزام" التي نشرها بيننا المستعمر. فليترك هؤلاء الانهزاميون الناس تترجم الربح والخسارة كل حسب معتقداته وأحاسيسه وأحلامه مهما عظمت وكبرت وبدت مستحيلة المنال. أصحاب هذا الخطاب الانهزامي ليست لديهم الجرأة والنية ولا القدرة على الدخول في حرب الرموز والقيم التي دشنها الغرب حتى قبل انطلاق منافسات المونديال. الغرب دخل المونديال بنية هدم القيم الإنسانية الفطرية، فجاء الرد قاسيا من أحفاد طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين. هؤلاء الذين يحاولون تقزيم "المواجهة" بين فريق يحمل ويجسد قيما وأخلاقًا اندثرت في دول الغرب الغارق في فوضى انعدام القيم، ليسوا سوى أبواقا وصناديق صدى لتكريس ثقافة الانهزام وحتمية انتصار الغرب المادي على ثقافات لازالت تؤمن بالروحانية قبل المادية. دعونا نفرح بانتصارات وبطولات أحفاد طارق ابن زياد ويوسف بن تاشفين واستمتعوا أنتم بكرة القدم كلعبة مجردة من كل حمولة سياسية أو ثقافية أو حضارية. دعونا نحلم باسترجاع أمجادنا وبطولاتنا وتاريخنا فلعل ركلات أسود الأطلس وهتافات مشجعيهم من جاكارتا إلى نواديبو مرورا بصنعاء ووهران توقظنا من سباتنا الذي دام خمسة قرون. سير سير سييير على بركة الله.