شارك تونسيون قدموا من مختلف الولايات، أمس السبت، في مسيرة شعبية دعت لها "جبهة الخلاص الوطني"، للتنديد "بسياسة الرئيس قيس سعيد المنقلب على الدستور، التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، منذ إعلان العمل بالتدابير الاستثنائية في 25 يوليوز 2021، وبتعاطي السلطة السلبي مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية". وطالب المحتجون في مسيرتهم الاحتجاجية بالعاصمة التونسية، بإسقاط ما يعتبرونه انقلابا على الدستور والقانون، وبرحيل رئيس الجمهورية، قيس سعيد. وأكدت تقارير إعلامية تونسية، أن آلاف المحتجين المشاركين في هذه المسيرة التي انطلقت من ساحة العملة بشارع الحبيب ثامر في اتجاه المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة، رفعوا شعارات مناهضة لرئيس الجمهورية ومطالبة برحيله، وأخرى رافضة لكل الأوامر والقرارات والمراسيم، التي أصدرها منذ الإعلان عن التدابير الاستثنائية، ومنددة "بتفرده بالسلطة وباتخاذ قرارات زادت في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعمقت اليأس في قلوب التونسيين مما دفعهم بالرمي بأنفسهم عرض البحر للبحث عن مستقبل أفضل". وأضافت ذات التقارير، أن من بين أهم الشعارات القوية التي رفعت خلال هذه المسيرة، شعار "إرحل" و"الشعب يريد ما لا تريد" و"الشعب يريد عزل الرئيس" ويسقط يسقط الانقلاب" و"حريات حريات.. دولة البوليس وفات (انتهت)" و"زاد الفقر زاد الجوع" و" لا إيصونص لا مازوط والشباب كلاه الحوت". وندّد المتظاهرون بتعامل السلطة مع حادثة جرجيس، وغرق مركب يحمل مهاجرين تونسيين غير نظاميين، تم العثور على جثث عدد منهم ودفنهم دون تحليل جيني في "مقبرة الغرباء" بمدنين، معتبرين أن السلطة القائمة غير قادرة على معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي "تفاقمت خلال الفترة السابقة، دون العمل على إيجاد حلول اجتماعية واقتصادية لها. وأفاد القيادي في جبهة الخلاص جوهر بن مبارك، في تصريحات أدلى بها للصحافة التونسية، أن "الجبهة التي خرجت 18 مرة للشارع للمطالبة بإسقاط الانقلاب والعودة للمسار الدستوري، تندد اليوم بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية المزرية، والإهانة التي يعيشها الشعب التونسي"، مؤكدا أن وتيرة الخروج إلى الشارع سترتفع خلال الفترة القادمة. وأعرب بن مبارك عن رفضه، أن "يأتي شخص يعتبر نفسه ولي أمرنا، ويعتبرنا رعايا لديه، ليأخذ زمام الأمور ويقودنا إلى مشروع نبوي جديد"، مضيفا، أن موقف الجبهة ثابت بخصوص مقاطعة كل "المسار الانقلابي" وأنها ستقاطع الانتخابات ولن تعترف بنتائجها، وبالمؤسسات التي ستنبثق عنها، معتبرا أن دستور البلاد هو دستور 2014، وأن "الانتخابات القادمة هي انتخابات قيس سعيد تنتظم بينه وبين أنصاره، ولا تعني الشعب التونسي، وهو ما سيؤكده التونسيون من خلال عدم مشاركتهم وعدم اهتمامهم بالانتخابات". من جانبه قال رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي، في تصريحات صحفية، إن "البلاد تنتفض"، مضيفا أن الجبهة تتظاهر في جهة وأحزاب أخرى معارضة في الجهة الثانية، كما أن الأحزاب الأخرى تتهيأ للخروج إلى الشارع خلال الأسبوع المقبل، والاتحاد العام التونسي للشغل خرج قويا من الامتحان الذي مرّ به والمجتمع المدني والصحافيون ينتفضون، معتبرا أن ذلك "سيحدث التغيير". ووجه الشابي لرئيس الجمهورية رسالة بمناسبة عيد الجلاء، قال فيها بالخصوص، إن الرئيس قد خون معارضيه وهدد بإجلائهم عن البلاد، محذرا إياه بأن يلقى مصير من كان على كرسي الرئاسة من قبله،" متابعا "منهم من وجد نفسه 13 سنة في الإقامة الجبرية ومن وجد نفسه في المنفى". من جهتها أكدت سميرة الشواشي (قلب تونس) في تصريحات صحفية، أن كل القوى السياسية التحقت بالمسار الرافض للانقلاب وللمزيد من تفقير التونسيين، ولحل المؤسسات وتخوين وتفرقة الشعب، مضيفة أن الجماهير التي خرجت اليوم للشارع بالآلاف تنادي من جديد بسقوط الانقلاب وبإرجاع الحرية التي افْتُكّت منها منذ سنة وثلاثة أشهر، ومشددة على ضرورة تنقية الحياة السياسية والتوقف عن هرسلة الخصوم السياسيين. وقال عماد الخميري (حركة النهضة) بدوره، في تصريحات، أن رسالتنا اليوم هي "إجلاء الانقلاب عن هذه الأرض وجلاء تونس من الوضع الكارثي الذي دفعت به سلطة الانقلاب منذ 25 يوليوز 2021 إلى اليوم، وبعد أن وصلت كل الأوضاع في تونس إلى الخطوط الحمراء وأصبح التونسيون غير قادرين على توفير قوتهم وقوت أبنائهم". وأضاف "لم ير التونسيون من هذا الانقلاب غير ضرب العدالة الاجتماعية وضرب الديمقراطية وضرب المؤسسات الدستورية، وهذه المسيرة وهذه الحشود هي دعوة للشعب التونسي لتحمل مسؤوليته من أجل إيقاف النزيف والانهيار وعودة الديمقراطية وعودة الحياة الدستورية". ولفتت القيادية في الجبهة شيماء عيسى (مبادرة مواطنون ضد الانقلاب)، إلى أن خروج الجبهة إلى الشارع في كل المسيرات والوقفات السابقة والحالية " أعطى نتائجه المرجوة وكذب سردية رئيس الجمهورية حول الشعبية والمشروعية، مضيفة قولها "نحن اليوم نواصل المقاومة وفضح سلطة الانقلاب وكل الوعود الكاذبة التي أطلقتها من تمسك بالديمقراطية ورفاه العيش للناس، والتي ثبت أن كلها أكاذيب فضحها الواقع والممارسة، وفق تعبيرها. وحسب ما نقلته قناة الغد بتونس، فإن "الأجهزة الأمنية كانت قد أغلقت، بشكل شبه تام، محيط مقر وزارة الداخلية، وجزءا كبيرا من شارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة، قبيل انطلاق مسيرة لجبهة الخلاص الوطني، التي تضم 10 كيانات سياسية". من جانبها ندّدت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، رفقة مناصريها والمنتسبين إلى حزبها بمنع السلطات الأمنية التونسية المحتجين من الدخول إلى العاصمة التونسية، للمشاركة في احتجاجات 15 أكتوبر، مرددين شعارات مناهضة للرئيس قيس سعيد من قبيل "يا شعب ثور ثور على حكم الدكتاتور". وتداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، العديد من الصور التي توثق للتواجد الأمني المكثف بشوارع العاصمة التونسية، قبل بداية الاحتجاجات ضد سياسات الرئيس قيس سعيد، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.