اتخذت دبلوماسية الملك محمد السادس خلال سنة 2015 شكل توجهات استراتيجية جديدة للأداء الدبلوماسي الوطني وتميزت بالتخلي عن الخطاب المهادن بخصوص قضايا المغرب الكبرى. فبعد الأخطاء الدبلوماسية والسياسية التي راكمها المغرب فيما مضى، جاءت الدبلوماسية الملكية واعية ومدركة للتحديات التي تنتظر المغرب في استحقاقاته الدولية ولا تنتظر المبادرات الحكومية ولا البرلمانية التي لم تعط النتائج الدبلوماسية المرجوة فيما يخص قضية الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للبلاد. وتجلت ثمار الدبلوماسية الاستباقية والناجعة التي يقودها الملك من خلال الطفرة النوعية التي شهدتها علاقات المملكة مع عدد من البلدان، ومجموع اتفاقيات التعاون والشراكة المبرمة معها في شتى المجالات، فضلا عن تمكن الآلة الدبلوماسية المغربية من حشد دعم نوعي لعدد من القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية للمملكة. وأفلح المغرب خلال سنة 2015 بفضل الزيارات التي قام بها الملك محمد السادس إلى دول القارة الإفريقية، في تعزيز موقعه الريادي على المستويين الإقليمي والقاري، كما استطاع فتح آفاق جديدة لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تجمعه بعدد من بلدان القارة، إلى جانب التعريف بعدالة ونبل القضايا التي ينافح عنها. ومكنت الجولة الإفريقية التي قام بها الملك محمد السادس لعدد من البلدان الإفريقية من تعزيز موقع المغرب كفاعل أساسي داخل محيطه الإفريقي وتقوية الشراكة متعددة الأبعاد التي أرساها مع هذه الدول الشقيقة والصديقة، وكذلك من تكريس مكانة المغرب كمنبع للتسامح والتعايش والممارسة الدينية القائمة على الوسطية والاعتدال. وشكلت 2015 سنة تعزيز العلاقات المغربية الخليجية من خلال الجولة التي قام بها عاهل البلاد إلى عدد من دول الخليج العربي والتي أكدت الرغبة الأكيدة التي ما فتئت تحذو المملكة في إعطاء دفعة قوية للتنسيق القائم بين الدول العربية في عدة مجالات، وفتحت آفاقا واسعة أمام تعزيز الشراكة الإسترتيجية التي تجمع المغرب بمجموعة من الدول الصديقة. ومما لا شك فيه، أن حرص الملك محمد السادس على القيادة الفعلية للدبلوماسية المغربية والمضي بها قدما نحو تحقيق المزيد من المكاسب على أكثر من واجهة، يشكل دعما نوعيا للدبلوماسية الرسمية والموازية، كما يعد حافزا قويا للفاعلين الأساسيين في هذا المجال، بما في ذلك الوزارة الوصية والبرلمان وفعاليات المجتمع المدني، على مضاعفة الجهود وتكثيف المبادرات سعيا إلى تحسين صورة المملكة وصون مصداقيتها ونصرة قضاياها الوطنية العادلة.