وكأنهم كانوا نائمين في كهف معزول، فخرجوا فرادى وجماعات استجابة لنداء زعيمهم الذي يدير الوكالة الرسمية، نعم خرجوا للاصطفاف كرجل واحد ومواجهة المقهورين والمغلوبين والفقراء والمساكين والهشتاغيين، ولقمع حملتهم الإلكترونية وتدويناتهم المنادية بخفض أثمنة المعيشة والوقود. أضحكني كثيرا ركبهم النوستالجي الذي ساروا فيه كما ساروا يوما إلى جانب وزير الدولة الراحل إدريس البصري، وتعجبت كثيرا من حدة ذاكرة ذاك الشخص الذي استطاع جمع كلمتهم، وايقادهم من سبات نومهم، ودعاهم للدفاع عن شركات الوقود ضد رغبات المواطنين وضد جيوب الضائعين. ولعل هذه المجموعة من المنسيين في ركام صحافة الأمس، خرجوا للتدرب بأقلامهم كما يتدرب اللاعبون القدامى بأقدامهم. ذاك أنهم يشبهون فعلا لاعبي الأمس البعيد حينما يحيون مباريات تكريمية او استعراضية بالرغم من تقدمهم في السن. وكأني بصحافيي زمن إدريس البصري لهم حاجة يسعون إلى قضائها لدى شركات الوقود، ومن يعرف ياترى؟ فكم حاجة تقضى بالتبرك والتملق. صدقوني لست أبدا ضد الدفاع عن السيد رئيس الحكومة إن كان في الأمر إنصاف له، ولست أبدا ضد الدفاع عن الشركات الاستثمارية إن هي تحلت بالمواطنة، ولكنني أتأسف للاختفاء السريع لهذه الشرذمة من الكتاب التي كنت أظن أن صلاحيتها انتهت في سنوات التسعينات، وان بطارياتها لم تعد قابلة للتعبئة من جديد. نعم، كنت أعتقد أنهم أصبحوا كالدواء المنتهية صلاحيته، قد يضرك العلاج به، اما المنفعة، فوالله لن تجنيها منه مهما حاولت جاهدا. لكنهم في آخر المطاف خرجوا بقيادة قصاصة صادرة عن وكالة المغرب العربي للأنباء، جاءت من وحي مديرها، خليل الهاشمي الإدريسي، لعله بواسطتها يسعى بأن يوهم المحتجين بأن هناك رأي رسمي مخالف. دعني عزيزي القارئ من كل هذا، وتعال معي لنطرح سؤالا لعله يكون وجيها: أين اختفى هؤلاء الناس حينما تعلق الامر بالدفاع عن الوطن ضدا على الأكاذيب والاباطيل التي حملها تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش؟ اين تبخروا؟ ولماذا تخلفوا جميعا عن هذا الركب الوطني والصادق؟ اين كاتب قصاصة وكالة المغرب العربي للأنباء، التي كانت تشبه بيانا سياسيا حينما تصدت للمواطنين لتدافع عن عزيز أخنوش؟ أليس الوطن في حاجة الى قصاصة شبيهة أو أقوى منها؟ نعم إنها اسئلة أملتها اللحظة التي نعيشها اليوم، وإن كان الجواب قد يكون مخيبا للآمال، فالدفاع عن الوطن ينطلق من الأحاسيس والقلوب، وليس من فتحات الجيوب...والسلام