من تأثيرات الأزمة الاقتصادية الخانقة على أفراد جاليتنا المغربية منذ السنوات الأخيرة،جريمة جديدة وقعت بالأمس ليلة الثلاثاء في ساعة متأخرة من الليل هزّت كل مشاعر الجالية المغربية والإيطاليين معا، بطلها أب مغربي يسمى مصطفى حجّيجي يبلغ من العمر 44 سنة ويسكن بمدينة كاستيلّو (بيرودجا) بإيطاليا.عاطل عن العمل ، مرّ عليه شهر واحد فقط عن انفصاله عن زوجته بمقتضى حكم الطلاق.التي فارقته بصحبة ابنها أحمد ذو 8 سنوات وابنتها جيهان ذات 12 سنة، لتستقر في سكن جديد بضواحي أومبيرتيدي ،حيث تقطن عائلة لها هناك.إلتحق في ساعة متأخرة من ليلة الأمس بالسكن الجديد الذي يتواجد فيه إبنيه وحدهما لأن أمهما ذهبت كعادتها إلى عملها بأحد المطاعم ،حيث تشتغل نادلة.في حين لم يتعرّف المحققون لحد الساعة هل وجوده بمكان الجريمة كان بموافقة وعلم الزوجة أم لا؟والمؤكّد أنه اتصل بها عبر هاتفه المحمول ليخبرها بأنه سيقدم على الإنتحار وانقطعت المكالمة مباشرة،لتتصل الزوجة على الفور برجال الدرك الذين هرعوا لمنزله فلم يجدوه ثم اتصلوا بالزوجة لتدّلهم عن عنوان بيتها حيث يتواجد الطفلان لوحدهما. لكن وصولهم المتأخر للأسف الشديد لم يكن مجديّا على الأقل لإسعاف الولدين المذبوحين من الوريد إلى الوريد و المرْمِيَيْن على أرضية الحمام واللذين فارقا الحياة بسكين الأب .وهذه المرّة لم يكون لهما فداء بكبش سمين بل كان الأب هو الكبش المرمي ببعض الخطوات منهما يئنّ ويحتضر وفي يده السكين الملعونة بعد غلقه باب الحمام،وتركه رسالة مكتوبة بقلم حبر فوق المائدة وعلى الحائط الأبيض رسالة ثانية كتبها بحبر دم أطفاله ،وبما أن المحققين صرحوا أن الرسالتين باللغة العربية مهداتين لوالديه ،كما أن تتمة ترجمتهما ستكون حجة ثابتة عن إدانته.حتى يتجرّع مرارة ما اقترفت يداه في كأس من العلقم حكما لا مفرّ منه مؤبّديْن حسب القانون الإيطالي .في حين لم تنفعه محاولة الإنتحار إذ وجده رجال الدرك مستلقيا على الأرض،غارقا في بحيرة من دمه ودم أبنائه،لم ينفعه قط طعن بطنه وقطع شرايين ذراعه حتى يقوى على دور الفداء ،وفي يده السكين شاهدة إثبات وترصّد على المجزرة الشنيعة في حق ملائكة أبرياء.كما أن هذه المرّة جريمة القتل والتصفية هذه في حقّ الفروع وليست كما يطلع علينا في الإعلام من حين لآخر لقتل الأبناء لأصولهم. لكن الأطباء كانوا أسرع مما توقع مصطفى ففي ساعات قليلة بمستشفى (مدينة كاسطيلّو) أسعفوه لتستقر حالته وينجو بأعجوبة من موت محقّق.وعوض حضور الملَكين الكريمين بقبره،كان على رأسه درَكَيْن حاقدَيْن ينتظران فتح عينيه التي لم تكد تصدّق الحلم من اليقظة أو الحياة من الموت. ليحلّ ضيفا على غياهب السجون بدل ظلمات القبور. والغريب في الأمر والشيء الذي احتار فيه المحققون أن شهادات جيرانه المقرّبين تنفي عنه أية صفة عنف أو سوء معاملة وبأنه كان أبا حنونا عطوفا على أبنائه،بينما الشجار والخصام مع زوجته كان يشعل البيت من حين لآخر.وشاهدة أخرى حكت سببا غيّر منحى التوقعات حيث ذكرت أن الزوجة كانت تعارض أمر زوجها بارتداء الحجاب مما جعلها كم من مرّة ترفع دعوى ضده للسلطات بتهمة التهديد والعنف والضرر،وهذا السبب كان لصالح الإعلام الإيطالي فقط كمعلومة لم يتحقق أحد منها وسوف تطلعنا التحقيقات المستقبلية إن شاء الله عن حقائق تغيب عنّا في الوقت الحاضر. وقبل أن يفتح مصطفى عينيه وتوضع دمالج القيد في يديه ،أعلن قائد مقاطعة أومبيرتيدي حيث وقعت المجزرة ،عن يوم حداد لموت الطفلين الجديدين بالمقاطعة،ووعد بالمتابعة النفسية لرفقائهما بالمدرسة،ومحاولة جمع مواطنين للمطالبة بالحق المدني ضد المجرم. والتساؤل المحيّر الذي أختم به الخبر: إن كان حقّا قد نجا مصطفى من الجراح الظاهرة هنا وهناك على جسده،فكيف ينجو من جراح قلبه وكبده اللذين قطّعهما إربا إربا بنفس السكين بلا رحمة ولا عطف ولا شفقة ،وكيف ينجو من عقاب ربّه يوم الحساب.والضحيتان بريئتان لا دخل لهما في مصابه،ولا ذنب لهما في الجريمة البشعة التي أقدم عليها أبوهما الحنون.