مقالع جماعة تيموليلت: ملايير يجنيها أباطرة اقتصاد الريع ومآسٍ تحصد حياة البؤساء. هل يمكن أن يحدث كل هذا أمام عيون الجميع ويصمت الجميع؟ نعم ممكن، فالمقالع المتناسلة في جماعة تيموليلت (بأيت سري ) تعطي الدليل على أن هناك غيابا مطلقا للقانون، والمآسي الاجتماعية والصحية والمادية التي نشرتها بين السكان تشي بأن اقتصاد الريع صارت له أجنحة ولا أحد يستطيع الإمساك به. في هذا الربروتاج تحدث البسطاء وفضّل الآخرون التزام الصمت. المسألة واضحة، فالفساد لا يمكن أن يفضح نفسه، تماما مثل الأفعى التي لا يمكنها أن تلدغ نفسها.. الطريق نحو المقالع مفروشة بالبياض، لكنه ليس بياض الثلج، بل بياض الغبار، والذي جعل أشجارالزيتون، التين واللوز عاقرا والأبقار تدر أقل قدر من الحليب والأطفال يرون بربع طاقة عيونهم.. باختصار، إنه الغبار الذي حوّلَ حياة السكان إلى جحيم، جحيم حقيقي وليس مجرد استعارة لغوية. هناك مشاكل تقترب من الألم وآلام تقترب من الموت العلني وفضائح كثيرة بالجملة.. جماعة تيموليلت تعبرها مئات الشاحنات يوميا، وهي شاحنات عملاقة تحمل كل واحدة منها عشرات الأطنان من حجارة المقالع، وكلها تمر عبر مئات الحقول والأشجار والأغراس والمنازل وتمر قرب آلاف السكان، الذين صاروا يرددون عبارة واحدة: اللهم إن هذا منكر.. ألا يرى العالم مأساتنا؟ التين والزيتون.. والشاحنات الحقول المحيطة بالطريق لم تعد حقولا، بل أكواما من الغبار، ويكفي أن تحرك العشب حتى يطير منه غبار شبيه بالدقيق. إنه الغبار الذي يقضي على كل شيء، وكأن الأمر يتعلق ب«تشيرنوبيل» حقيقية، تشيرنويل على الطريقة المغربية. في أيام الشتاء، يقل هذا الغبار نوعا ما، يقول السكان، لكن الضجيج لا يقل واضطراب النوم يستمر وهلع الأطفال لا يتوقف، من فرط هدير الشاحنات، التي تبدأ في التحرك منذ الفجر. و زيادة عن كل هذا، ها نحن نستيقظ على كارثة إنسانية ذهب ضحيتها عامل على إثر سقوط صخرة من الحجم الكبير أثناء اشتغاله بأحد مقالع الرمال بأيت اسرى كما أصيب شخص آخر بجروح لتنضاف هذه الكارثة إلى ما تعرفه هذه الجماعة من كوارث على جميع المستويات ( الإنسانية، البيئية و الاقتصادية...).