تعد نسبة وفيات النساء الحوامل من المؤشرات عن مدى تقدم البلدان , بحيث أن هذه النسبة تبقى مرتفعة في دول الجنوب , الفقيرة منها و التي هي في طريق النمو كبلدنا . وتبقى هذه الظاهرة صعبة التصدي بسبب الفقر و الأمية و العادات و ضعف البنيات التحتية و كذلك ضعف تأهيل مراكز التوليد . ليس العيب أن يكون الانسان فقيرا ولكن العيب أن يحس بأن وطنه قد أهمله و همشه خاصة عند الولادة . ان التنمية البشرية تبتدأ باستقبال الانسان المولود في ظروف مقبولة و لائقة مما يقتضي مزيدا من الاهتمام بمراكز التوليد و التحسيس بمخاطر الحمل , و هنا يجب التذكير بأن الحمل ليس بظاهرة هينة و بأن المخاطر قد تحدق بالمرأة الحامل الى أن تلد بسلام . تعتبر مدينة دمنات المركز لعدد من الجماعات القروية و ساكنتها التي تقدر بأزيد من مائة ألف نسمة أغلبها من الفقراء و يعتبر المستشفى المحلي بدمنات المؤسسة الوحيدة و القريبة التي تقدم خدمات التوليد و الاستشفاء لهذه الساكنة . صحيح أن هناك تطورا في البنيات التحتية و أن بعض الجماعات تتوفر على سيارات الاسعاف , الشئ الذي يدفع النساء الحوامل الى التدفق نحو المستشفى خاصة اذا كان الحمل صعبا . لن أتكلم عن ظروف الاستقبال في المستشفى و لا على الخدمات التي يوفرها هذا الأخير , بل تستوقفني مأساة تعيشها هذه النساء عندما لا يتم قبولهن من طرف مركز التوليد بسبب عدم وصول وقت المخاض وهذا منطقي اذ ليس من مهام المستشفى توفير السكن بل العلاج والتوليد , فمنهن من ينتظرن في شبه الفنادق بدمنات ومنهن من يستسلمن لقدر الله و يلتحقن بديارهن . وهنا يتضح مدى أهمية ايجاد حل لهذه المعضلة وذلك ببناء دار الأمومة قرب المستشفى لاحتضان و اسكان هذه النساء حتى يصل وقت المخاض ودخولهن الى المستشفى . هذه الدار ذات أهمية قصوى في الحد من معانات هذه الشريحة من المواطنات والتي قد تلعب أدوارا أخرى في مجال الصحة كالتحسيس الي غير ذلك لن تبنى الا في ايطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو من طرف المحسنين , ومن هذا المنبر أوجه نداء الى المكلفين بالتنمية البشرية للتفكيرفي مثل هذه المشاريع الانسانية و الاجتماعية خاصة وأن أغلب سكان دمنات ونواحيها هم من الفقراء .