نظمت جمعية بين الويدان بأفورار إقليمأزيلال لقاء تواصليا مع جمعيات المجتمع المدني بالإقليم بعنوان " المجتمع المدني في إطار الدستور الجديد " أطره الأستاذ الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني يوم السبت الماضي 08 يونيو 2013 بمقر دار الشباب الشهيد أحمد الحنصالي بأفورار، حضره عدد كبير من الفعاليات الجمعوية بالإقليم. بعد كلمة الأستاذ محمد كسوة رئيس الجمعية بين الويدان ، الذي رحب من خلالها بجميع الحاضرين والحاضرات الذين لبوا دعوة جمعيته لهذا اللقاء التواصلي وتحملوا عناء السفر من مختلف المناطق بالإقليم ، كما رحب بالسيد الحبيب الشوباني وذكره بما تحتفظ به ذاكرة أفورار والفوراريين للسيد الوزير لكونه أمضى جزءا مهما من حياته بهذه البلدة ، حيث درس بها الابتدائي والإعدادي ، بعد انتقاله رفقة عائلته الصغيرة بين منطقة أنركي وتاكلفت وواويزغت ، واعتبر أن هذا اللقاء التواصلي بمثابة صلة الرحم بين الأستاذ الشوباني و أفورار وساكنتها ، ملتمسا منه الالتفاتة لهذه البلدة عرفانا ووفاء . وفي بداية كلمته شكر الأستاذ الحبيب الشوباني بدوره جمعية بين الويدان لإتاحتها الفرصة له للتواصل مع فعاليات إقليمأزيلال ، وصلة الرحم بهذه البلدة التي عرفت تغييرا كبيرا مقارنة بالماضي ، معبرا عن استعداده للتعاون مع شرفاء هذه البلدة لتحقيق حاجيات ساكنة أفورار . وبخصوص تصور الحكومة للمجتمع المدني بعد الدستور الجديد ، دعا السيد الوزير المجتمع المغربي بدراسة ما جاء به دستور 2011 ، الذي اعتبره بمثابة استقلال جديد ، مذكرا بالسياق الذي أفرزه ، ومذكرا بفترة الربيع العربي وحركة 20 فبراير وخروج الشعب المغربي للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد الناتج عن العلاقة الفاسدة بين السلطة والثروة ، مشيرا أن الجديد الدستور أتى لإحداث القطيعة مع هذه المرحلة ، كما اعتبر أن نهب خيرات البلاد وثرواته والرشوة واستغلال النفوذ هو السبب المباشر لتكوين الثروة ، وسيادة الطغيان والفساد بمختلف تجلياته...، وذكر ببعض ما جاء به الدستور الجديد من قبيل تقليص صلاحيات جلالة الملك ، بحيث أصبحت صلاحياته واضحة بنص الدستور ، كما أن صلاحيات رئيس الحكومة واضحة وتوسعت إذ صبح من صلاحياته التعيين في 1181 منصب سامي ، وبالتالي فأي مسؤول عينه رئيس الحكومة يصبح تحت أمره ، مؤكدا أن لغة التعليمات ليس عندها أي مستند قانوني أو دستوري . وأضاف السيد الوزير أن جمعيات المجتمع المدني باتت تتمتع بصلاحيات مهمة في إطار الدستور الجديد تحتاج إلى ترجمتها على شكل قوانين تنظيمية ، واعتبر أن الدستور الجديد أحدث انقلابا في موضوع المجتمع المدني متسائلا هل نتوفر على جمعيات مؤهلة للقيام بهذه الأدوار الجديدة وهي الملتمسات الخاصة بالتشريع حيث يمكن لجمعيات المجتمع المدني إنتاج مشاريع قوانين وتقديمها للبرلمان ، إضافة إلى العرائض الشعبية التي أصبح لها بقوة القانون دور في رفع ملتمسات قوانين للبرلمان لمناقشتها ، كما أن العرائض الشعبية ستوقع في إطار قانوني وتلزم الجهة الموجهة إليها أن تجيب على مضمونها ، فالسلطة يضيف السيد الوزير لم تعد حكرا على المنتخبين والحكومة ، بل أصبح للمجتمع المدني نصيب منها ، متمنيا أن يبقى المجتمع المدني ضمير الأمة الحي ليساهم من جهته في ممارسة دوره الرقابي على مختلف مؤسسات الدولة . وأضاف الشوباني في هذا الصدد أن المجتمع المدني سيساهم في اقتراح جداول أعمال المجالس المحلية طبقا للقانون الذي سيصدر ، بحيث ستدرج مقترحاته وتناقش بقوة القانون ، فجمعيات المجتمع المدني سيمارسون الديمقراطية التشاركية في مقابل الديمقراطية التمثيلية التي يمثلها المنتخبون . وحث وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني عموم الجمعيات القيام بواجبها في التثقيف الدستوري ، وأن الجمعيات يجب عليها أن تفكر بطريقة مخالفة لطريقة تفكير السياسي ، فالجمعية عليها التفكير في المصلحة الآنية للساكنة . وأكد الشوباني في معرض مداخلته أن وزارته ستعمل مع الجمعيات لتقوية قدراتها ومعرفة دورها وتأهيلها لممارسة حقها الرقابي والدستوري من خلال برامج للترافع وصياغة الملتمسات وتكوين المهارات . من أجل ذلك كله تم إطلاق حوار وطني يقول السيد الوزير ، و اللجان التي أحدثت هي من أجل الحوار والإصغاء للوقوف على أفكار ومقترحات الجمعيات لأخذها بعين الاعتبار أثناء صياغة مقترحات قوانين ، وكان بالامكان أن نأتي بهذه القوانين إلى البرلمان ونصادق عليها ، لكن نريد إشراك المجتمع المدني ، إذ أن الفراغ التشريعي يعلل الوزير هو الذي يتخذه البعض فرصة للاستفادة من الريع من خلال الجمعيات ، إذ أن بعض رؤساء الجماعات و البلديات والمجالس الإقليمية و الجهوية ... يتخذون ذلك مطية لتكريس الاستغلال والزبونية في منح الدعم والمنح لجمعيات دون أخرى دون الاعتماد على معايير واضحة وموضوعية وهو ما تسعى الوزارة الوصية إلى محاربته من خلال قوانين واضحة ومعايير واضحة للانتقاء والاستفادة في إطار من الشفافية ، مذكرا أن قليلا هي الجمعيات التي لديها تقارير أدبية ومالية واضحة . وأشار الأستاذ الشوباني إلى أن عدم الانخراط في الجمعيات خسارة للدولة ، حيث أوضح أن نسبة الانخراط في الجمعيات بالمغرب ضعيفة جدا لكون 145 جمعية ل 100 ألف مواطن مما يدل على أننا شعب غير منظم ، لأن منطق الدولة المتقدمة هو الشعب المنظم ، داعيا إلى تأسيس عدد كبير من الجمعيات سنويا ، في أفق بلوغ مليون جمعية أسوة بالتجربة الفرنسية . و في ختام مداخلته قال الأستاذ الشوباني ، أن مجهودات تبذل بغية صياغة ميثاق شرف خاص بالجمعيات ،وإدراجه بالمناهج التربوية بشراكة مع وزارة التربية الوطنية ، داعيا أيضا جمعيات إقليمأزيلال إلى العمل على خلق تنسيقيات وشبكات لخدمة القضايا والمشاريع الكبرى التي تهم المواطن ، واعدا إياهم بالتعاون لخلق مشاريع بمدينة أفورار والإقليم ، مذكرا مرة أخرى بطفولته وشبابه اللذين عاشهما متنقلا بين عدد من الجماعات بالإقليم . بعد كلمة السيد الوزير فتح باب التدخلات ل24 من فعاليات المجتمع المدني والسياسي الحاضرة لهذا اللقاء التواصلي ، تناولوا من خلالها عدد من الإشكالات التي تعترض سبيل الجمعيات بالإقليم ، والعراقيل التي تحول دون النهوض بها والمساهمة ايجابيا في التنمية . وفي معض رده أكد الشوباني أن حوار اليوم وضعه أمام مجموعة من الإشكالات والبؤر العويصة التي تحتم على احكومة العمل لتجاوزها من خلال سن قوانين تسد هذه الثغرات ، وأكد مرة أخرى أن الدستور الجديد جاء في فترة الحراك وحركة 20 فبراير ، لكن يضيف السيد الوزير أن الحركة لم تستوعب بعد 20 فبراير التي اعتبرها ملكا للجميع وظاهرة جماعية لا هي بيسار ولا بيمين ولا بحزب ، بل هي صرخة مجتمعية كان فيها الجميع ...، وأن الحركة قد تستمر إذا دعت الضرورة للنزول إلى الشارع لكن بشكل آخر غير الشكل الذي خرجت به سابقا . وقال أن الخروج من الحركة كان حتميا لأن لكل واحد هدف ، فمن إسقاط الفساد والاستبداد ، إلى من يطالب بإسقاط النظام .وإذا ما وقع المغرب لا قد الله في أي منزلق سيؤدي ذلك إلى نتائج وخيمة ، والاختلاف لن يكون حول تعريف الفساد ، وإنما كيف سنواجهه كمنظومة متجذرة في المغرب ، فالفساد يضيف هو ظاهرة تختلط بالمجتمع في كل تجلياته والحديث عن التماسيح هو حديث عن قبيلة منها وليست فرد معين . وعن العالم القروي أكد السيد الوزير أن الحكومة خصصت لهذه المناطق أكبر اعتماد في تاريخ الحكومات ، وأن هناك مجهودات لتطوير المنظومة القانونية ، للانخراط للنهوض بالإصلاح ، أمام تراكمات السنوات الماضية التي مستغربا كيف يحتج اليوم من موقع المعارضة من كان بالأمس وخلال سنوات طويلة في موقع المسؤولية ؟ ، وأن الحكومة الحالية تدبر الفساد الكبير الذي خلفته ، وحول الجهوية الموسعة أو ما سماه بالصلاحيات السياسية الموسعة ، طرح السيد الوزير سؤالا بأي منتخبين سنواجه المرحلة المقبلة الجديدة ؟ واعتبر أن خمس سنوات من عمر المغاربة مهم جدا ، لذلك لا ينبغي الإسراع والتعجيل في إخراج القوانين التنظيمية لأننا في مرحلة تأسيسية ، مؤكدا أن التوافقات "خرجت" على المغرب ولن نخضع للابتزاز ولا للتوافقات. وأشار الشوباني أن الحكومة التي يقودها حزبه تواجه مقاومة شرسة من قبل المفسدين الذين طالب الشعب بمحاربتهم وإسقاطهم ، لأنهم يوجدون بيننا ، وشبه ما يقع لهم بلعبة عض اليد ، مؤكدا أن يدهم معضوضة ولن يكونوا أول من يصرخ ويطلق يد الآخر ، لأن ليس عندهم كواليس ، "ولي عندو حل سحري لمشكل البطالة مثلا يقول لينا كيف نحله " ، مؤكدا أن المغرب اليوم يعيش صراعا بين من مع الإصلاح وخصوم الإصلاح الذين لا يدخرون جهدا في التشويش والمقاطعة والعرقلة ...، وبأن حكومته ستقوم بالممانعة اللازمة والضرورية من أجل إنجاح الإصلاح . وأوضح الأستاذ الشوباني أن بعض الفرقاء السياسيين نعتبرهم منافسين ، ويعتبروننا خصوم ، ولذلك دعوا إلى مقاطعة كلل مبادرات الحوار التي أطلقتها الحكومة في العدل والمجتمع المدني وغيرهما ، وبخصوص مقاطعة لجنة الحوار التي أطلقتها وزارته اعتبر ذلك تشويشا لا يستند على أي أساس ، فالذين تم تعيينهم باللجنة عينوا بأسمائهم وليس بجمعياتهم ، لأن هناك عدد كبير من الجمعيات في المغرب ، فبأي حق أعين جمعية دون أخرى ، لكن الذي حدث يضيف السيد الوزير أن هناك بعض الإخوان في الجمعيات يعتبرون أنفسهم جنرالات المجتمع المدني ، وهذا المنطق مرفوض ، لأن العمل الجمعوي ليس فيه جنرالات ولكن فيه متطوعون . فالاستبداد حسب السيد الوزير ثقافة قبل أن يكون موقفا ، و أن أطروحة المقاطعين أطروحة سياسية هشة غير متماسكة وغير مقنعة و أصحابها يخسرون سمعتهم ومصداقيتهم ، مذكرا أن حزب العدالة والتنمية لم ولن يلعب لعبة المقاطعة ، لأنه لايؤمن بثقافة الكرسي الفارغ . وحول العراقيل والمضايقات التي يتعرض لها المجتمع المدني قال السيد الوزير، إذا تعرضتم للتهديد استمروا في العمل والنضال ولا تتراجعوا إلى الوراء أو تنسحبوا ، لأن تاريخ المغرب مليء بالتضييق وفيه النفي والتهديد والاعتقال والاغتيال كذلك ...كما وعد بتعميم المنحة على طلبة المناطق المشمولة ببرنامج جبر الضرر الجماعي . وقد كان اللقاء مع الأستاذ الحبيب الشوباني ناجحا بكل المقاييس حسب تصريح عدد من ممثلي الجمعيات المشاركة بالنظر إلى مستوى الحوار الجاد و النقاش الحضاري الذي كان سائدا و حجم الحضور ونوعيته ، ومما زاد من روعة اللقاء تلقائية و عفوية السيد الوزير بعيدا عن البروتوكولات المألوفة وصلته الرحم بالكثير من أصدقاء طفولته وجيرانه الذين حجوا بكثافة لدار الشباب الشهيد أحمد الحنصالي لاستقبال السيد الوزير ولعل تذكره لهم بالأسماء وبالتفاصيل الدقيقة والصغيرة جعلت الكثير منهم يترك العنان لعبرات صادقة تنم عن صدق المشاعر المتبادلة بين الطرفين ، إضافة سلاسة لغته وإصغاءه الجيد لجميع المتدخلين والمتدخلات .