مشكل فشل إصلاحات التعليم يرجع أولا إلى اعتماد محليا لقاءات تشاورية بروتوكولية و استعراضية، اعتماد مقاربة تشاركية صورية، و اعتماد وطنيا الدراسات و التشخيصات المنجزة على ضوء التقارير الانطباعية و المزاجية المنجزة على هامش تقارير أنجزتها هيئات دولية، و نحن نعرف جميعا أنها تستمد معطياتها من جمعيات غير حكومية محدودة الوسائل و المقاربات كما أن هذه التقارير تتبنى معايير عالمية لا تراعي رهانات الدول الناشئة و ظروفها الاستثنائية، بل تعمم بشكل تعسفي معايير المجتمعات المتقدمة على المجتمعات المتعثرة، و هذا في حد ذاته أمر مخالف لعلمية التقويم، و يرجع ثانيا إلى عزل إصلاح القطاع عن القطاعات الأخرى التي تكون معها كلا لا يتجزأ، فالمدرسة هي مؤسسة اجتماعية مندمجة في النظام المجتمعي ككل، بكل حمولاته و إحباطاته و مشكلاته، فالفشل هو ظاهرة مجتمعية كلية، فلا يجوز أن يكون المجتمع ناجحا ثقافيا و سياسيا و اقتصاديا و فاشلا مدرسيا، و لا تصح المراهنة على نجاح المدرسة في وضع يكون فيه المجتمع فاشلا في كل الجوانب واضح وضوح الشمس أننا نحتاج إلى رؤية شاملة و سياسة شاملة في مقاربة شمولية و تكاملية تصلح كل أجهزة التنشئة الاجتماعية، خاصة الأساسية منها و هي المدرسة و التلفزة و المذياع و المسجد و المسرح و السنيما و حتى الأسماء و الأغاني التي تحمل شحنات إيديولوجية، و هذا من أجل ثقافة جديدة راقية و إنسانية بقيمها و أخلاقها و مفاهيمها و تصوراتها و عاداتها و معارفها و فنونها.