هناك من يحلو له اعتبار الإصلاح الحرج التي تعيشه المدرسة المغربية غموضا مقصودا من طرف قوى سياسية من أجل تصفية حسابات طبقية أو حسابات من نوع آخر، و أحترم هذه القراءات في إطار ديمقراطية النقاش السياسي و الثقافي، إلا أنني اراها أسيرة رؤية قديمة حيث كانت الدولة و القوى السياسية في تنازع مستمر حول الهيمنة على المجتمع، و كانت الدولة تجنح إلى أن تكون ضد المجتمع من أجل تركيعه. أما اليوم، في ظل الرهانات الاستراتجية الكونية و التحديات الاجتماعية و الاقتصادية و الاستراتيجية التي تثقل كاهل المغرب بحكم موقعه و طموحه في التوجه نحو إفريقيا و أوربا ، أرى أن الإصلاح يفرض نفسه رغم اللوبيات و التماسيح كما يقال، وجد المغرب نفسه مضطرا أن ينخرط في قطار التنمية و الإصلاح الحقيقي. و يرجع فشل الإصلاحات في العقود الأخيرة من جهة أولى إلى اعتماد لقاءات تشاورية بروتوكولية و استعراضية، كانت تشاركية صورية، و من جهة ثانية إلى اعتماد الدراسات و التشخيصات المنجزة على ضو ء التقارير الانطباعية و المزاجية المنجزة على هامش تقارير أنجزتها هيئات دولية بالمغرب ، و نحن نعرف جميعا أنها تستمد معطياتها من جمعيات غير حكومية محدودة الوسائل و المقاربات أو موجهة بنوايا معينة، كما أن هذه التقارير تتبنى معايير عالمية لا تراعي رهانات المغرب و ظروفه الخاصة ، فهي تعمم بشكل تعسفي معايير المجتمعات المتقدمة على المجتمعات المتعثرة ، و هذا في حد ذاته أمر مخالف لعلمية التقويم ، و من جهة ثالثة إلى عزل إصلاح القطاع عن القطاعات الأخرى التي تكون معه كلا لا يتجزأ ، فالمدرسة هي مؤسسة اجتماعية مندمجة في النظام المجتمعي ككل، بكل حمولاته و إحباطاته و مشكلاته ، الفشل هو ظاهرة مجتمعية كلية، فلا يجوز أن يكون المجتمع ناجحا ثقافيا و سياسيا و اقتصاديا و فاشلا مدرسيا ، لا يصح المراهنة على نجاح المدرسة في وضع يكون فيه المجتمع فاشلا في كل الجوانب ، بل الإصلاح يحتاج إلى رؤية شاملة و سياسة شاملة و استراتيجية شاملة في مقاربة شمولية و تكاملية حقيقية تصلح كل أجهزة التنشئة الاجتماعية. و بعد فشل هذه الإصلاحات يبدو لي أن المغرب اتجه نحو الإصلاح من الداخل، اقتنع أن يكون الإصلاح مغربيا، بعد ظهور مقاومة للإصلاح المستورد من الدرسات الأجنبية، و هو أمر واضح في بناء و تنزيل الرؤية الإستراتيجية 2030/2015. لكن كيف سنصلح و بأي تصور بيداغوجي مغربي؟ هنا أكتشف أن العجلات الاحتياطية معطوبة، ليس هناك فكر تربوي مغربي علمي و لا تنضيرات تصلح لأن تكون رافعة إصلاح؟