أصدرت إدارة البحوث والدراسات بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية العدد 151 من سلسلة كتاب الأمة تحت عنوان "علم الجمال .. رؤية في التأسيس القرآني" للدكتور عبدالعظيم صغيري يتناول الكتاب رؤية الجمال ثمرة للفطرة والعقيدة والتشكيل الثقافي، والتأثر بالجمال في لوحات الوجود استعداد فطري وتذوق ذاتي، وارتكاز الرؤية الجمالية على دوافع الغريزة هبوط وارتكاس بالقيم الجمالية، وتذوق الصور الجمالية البديعة ارتقاء بالإنسان إلى الإيمان بقدرة المبدع سبحانه، وآفاق وملامح الجمال في القرآن والسنة واجتهادات العلماء. ويعتبر الكتاب محاولة جادة للكشف عن الرؤية الإسلامية أوالمذهبية الإسلامية وتأسيسها وتأصيلها للجمال انطلاقًا من القيم الإسلامية.. وتأتي أهمية هذا الجهد المعرفي والثقافي من أن المكتبة الإسلامية بشكل عام ومجالات البحث في هذا الشأن لم تتوفر إلا على النزر اليسير الذي لا يكاد يكشف عن المذهبية الإسلامية في مسألة الجمال، على الرغم من غنى القيم الإسلامية وتجلي ذلك بشكل واضح في الحياة والحضارة الإسلامية. لذلك فقد لا يكون مستغربًا، أن يُتهم الإسلام والمسلمون بالعداوة للفن والجمال، والزعم أنهم ضد الجمال واعتباره من المحرّمات.. ولعل في ذلك قدر من الحق والكثير من التجني، ذلك أن الإسلام دين الفطرة بكل أبعادها، فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأن دعوته للمسلم أن يكون كالشامة بين الناس، ملتزمًا بآداب الطعام والشراب والاغتسال والزينة، وأن من تعاليم الإسلام أخذ الزينة عند كل مسجد عند كل تجمّع إنساني، واستنكار تحريم زينة الله الذي أخرج لعباده والطيبات من الرزق . وقد يكون مرَدّ تشكل هذه الصور المشوهة عن الدين والتدين تجاه الاستمتاع بالجمال وتنمية الإحساس به، هو الموقف مما انتهى إليه الفن المسمى بالجميل من الارتكاز إلى الغريزة والشهوة بدل الفطرة، وانتهاك الحرمات وممارسة العهر والإباحية والعري وتقديم الصور الفاضحة المنافية للفطرة باسم الفن والجمال! . فالجمال يتألق ويترقى كلما كان منطلقًا من الفطرة والقيم الأخلاقية، ويصبح أكثر نطقًا ودلالة بقدر ما يحمل من معاني الخير وبما يستدعي من مديد النظر والتأمل والتعمّق، للولوج إلى الفكرة والرسالة، التي تكمن وراء المنظر الجميل أو المظهر الجميل.