يتكون العنوان من ثلاث مفاهيم أساسية ثلاثة، هي آليات و"التحليل السياسي". أولا: السياسة لغة واصطلاحا لغة من فعل ساس يسوس سياسة، وساس الأمر سياسة: قام به، وسوسه القوم أس جعلوه يقودهم، ويسوس الشيء يتعهده بما يصلحه. عن أَبي هريرةَ، قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ…أي يتولون أمورهم. اصطلاحا: هناك معاني متعددة، فجاءت بمعنى التدبير والإدارة، وكذا الاستراتيجية، أو الدسيسة كمرادف قدحي تتضمن قيمة تحقيرية وحاطة من النبل الذي يجب أن يحيط السياسات العمومية، وكأن عالم السياسة عالم غير أخلاقي. لهذا قال جان ماري دنكان: فن حكم البشر عن طريق خداعهم. ثانيا: التحليل، لغة: يعني الفك او الفتح وحل العقدة، بمعنى فك كل مركب وعكسه التركيب، وحلل الشيء أي جزأه ودرسه وكشف خباياه "ابن منظور". اصطلاحا: عملية تقسيم موضوع ما إلى أجزاء صغيرة ودراستها مجتمعة أو منفصلة مستقلة عن بعضها، من أجل حصول فهم واستيعاب أفضل له، ويوفر الإمكانية للإحاطة بصورة شاملة للإدراك. فهو مهارة فكرية متقدمة مرتبطة بالعمل السياسي وتعتمده الحكومات الرشيدة في اتخاذ القرار الداخلي والخارجي، ويرتبط بفهم الواقع السياسي في علاقته بما يجري دوليا. يتضمن التحليل السياسي شقان أساسيان لابد منهما ولا يمكن تصوره بدونهما: ماذا حدث؟ المقصود هنا ليس الحدث فقط، أو المعرفة السطحية فقد يحتمل أكثر من قراءة، وقد يبدو ظاهريا وباطنه أمر آخر. ولهذا فالعبرة بالإلمام بالسياق التاريخي في ارتباطه بالراهن السياسي بالإضافة للشخصيات والدول الفاعلة التي لها صلة بالحدث أو الدراسة أو موضوع التحليل. إدراك الأسباب، لماذا حدث؟ والإدراك يفوق العلم والمعرفة، كونها تشمل الإحاطة بكل الأسباب الممكنة والمحتملة. فعلى الباحث الجاد أن يبحث عن الأسباب الكامنة والخفية ربما لا يدركها إلا المتخصص والعارف بأصول التحليل السياسي. وتكمن أهمية موضوع التحليل السياسي في كونه يحلل الظواهر بشكل أكثر عمقا ووعيا بعيدا عن العاطفة، أو بدون أدلة واضحة ومنطقية، ويبتعد بنا عن الأحكام المطلقة وهو ما يسمح بتعدد وجهات النظر وقبول الرأي المخالف. شروط التحليل: إن عملية التحليل السياسي تقتضي عددا من الشروط التي يجب أن تتوفر في الداخل عليها وأهمها: – قدرة التجزئة والتحليل: – التخصص – التجرد من العاطفة: بحياد وموضوعية دون دخول الرغبات أو رؤى خاصة. والمقصود بالموضوعية تحليل النص بعيدا عن الموقف المسبق للباحث وعدم التحيز لمصلحة مادية أو سياسية ضيقة والتزام الموضوعية. وتبقى أمرا نسبيا. – الدقة: تحري المعلومة لعرض الحقيقة مجردة حتى تكون المصداقية في التحليل. – بعد النظر: الرؤية للأحداث وعدم الاستسلام لظاهر الأمور ولبعض المؤشرات التي قد تكون مؤقتة، فالأمور بمآلاتها. ومن أدواته: -المخزن المعرفي والذهني. – معطيات الخارطة السياسية الواقع السياسي. -مصادر المعلومات الحديثة والمتاحة. مصادر المعلومة الخاصة. المصادر الإخبارية الموثوقة أو الاشتغال الإعلامي الميداني أو الحضور الشخصي.