أثبتت التقارير الدولية و الدراسات التي انجزتها منظمات دولية غير حكومية كالهيئة الأممية لمكافحة الفساد ، بأن لفساد السياسي هو أصل كل أنواع الفساد التي تنخر المجتمع و التي تحول دون أي تحول ديمقراطيي حقيقي . لأنه يشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الاجتماعي و للعدالة الاجتماعية. و و هو أخطر من الإرهاب ، لأنه ملازم للمجتمع سلوكا وممارسة . و تتجلى مظاهره في رغبة المسئول في الحصول على امتيازات و مكاسب مادية دون أن يكون له الحق فيها . فالفساد السياسي هو الذي يساعد على تفشي مظاهر الفساد لأنه يرعى خرق القوانين لحسابات حزبية أو قبلية او عرقية أو عائلية و في مقدمتها القوانين الانتخابية لأنها تعتبر المدخل الرئيس للتحكم في القرارات و إفراز مؤسسات ضعيفة تساهم في حماية الفساد المالي و الإداري و الفساد الأخلاقي . إن الفساد السياسي هو الموجه في التقطيع الانتخابي حتى يضمن للأعيان و المقربين من الدوائر العليا من الفوز في الانتخابات كرها أو طوعا ، إما بالمال أو بالترهيب و التخويف او بالإقصاء .و ذلك هو المدخل الأساسي لتفشي مظاهر الرشوة و المحسوبية و الواسطة واختلاس المال العام و تبديده . و بشكل عام فان الفساد السياسي يعكس بشكل جلي كل الممارسات المشبوهة. والمريبة السياسية والاقتصادية و الإدارية ، و هو أصل كل الاعمال والتصرفات الخارجة عن القانون و عن الأخلاق السياسية . و إن ما تعرفه بلادنا من تخلف تنموي ، اقتصادي و اجتماعي هو نتيجة الفساد السياسي و الذي كان سببا في إفلاس المنظومة التعليمية و في ضرب مجانية التطبيب و في تفشي البطالة و البؤس و اليأس و الإحباط وسط الشباب و في تفشي الجريمة و التطرف .لأن الزعماء السياسيين و المسئولين عن الشأن العام و الشأن المحلي ظلوا يحافظون على مواقعهم في البرلمان و في الحكومة من أجل أبنائهم و نسائهم و صاحباتهم ليرسموهم (ن) في المناصب المهمة خارج التباري و دون الإعلان عنها ، لأنها تدخل في الريع السياسي ، و قد خلقوها عبر المؤسسة التشريعية التي دخلوها من باب الفساد الانتخابي . و إن التوافقات الحكومية مع المعارضة و الأغلبية إنما هي توافقات مصلحيه ضدا على مصالح المواطن و الوطن ، و إلا كيف نفسر التستر على جريمة نهب 1700 مليار سنتيم المرتبطة بالمحروقات و يظل المواطن المغربي يكتوي بأسعارها التي تزداد ارتفاعا و المحمية من طرف الحكومة و أغلبيتها ومعارضتها ؟ و كيف نفسر التستر الممنهج عن نهب 41 مليار درهم المخصصة للبرنامج الاستعجالي للتربية و التكوين ؟ و كيف نفسر التستر على فضيحة ميناء أسفي الجديدة الذي خصصت له 4 ملايير درهم حيث تبين أن هناك تلاعب في الصفقات و في المراقبة و التتبع ؟ و كيف نفسر أن الأنشطة الريع تكبد المغرب خسارة تتجاوز 20 مليار درهم، أي ألفي مليار سنتيم، ؟ و كيف نفسر حماية أنشطة الريع من القانون حتى يتمكن أصحابها من اللوبي المالي و المقربون من مراكز النفوذ خلق الثروات وتنميتها في منأى عن أي مراقبة أو منافسة مفوتين على الدولة ألاف الملايير سنويا ؟ إن الجواب عن هذه الأسئلة هو النظام الحامل للفساد السياسي في شتى المجالات. البدالي صافي الدين