أنا أستاذ للتعليم الإبتدائي أدرس اللغة الفرنسية، وإعلامي مشهور.. مؤخرا توصلت بالرسالة التالية من تلامذتي، الذين درستهم خلال مساري التعليمي الطويل، فكيف أرد؟ أستاذي: بداية، اسمح لنا أن نخاطبك بضمير المفرد، رغم أننا جماعة كبيرة تنتمي لأجيال مختلفة، لأننا نتشابه في الإحساس وفي المسار وفي المصير، الذي رسمته لنا منذ سنوات. أستاذي الكريم: تمنيت أن أبدأ رسالتي هاته بالشكر والتقدير والعرفان، كما يفعل كل التلاميذ مع أساتذتهم، ولكن للأسف لا أستطيع، وأنت تعلم يقينا السبب: لأنك ضيعت طفولتنا في مستقبل لامع طالما حلمنا به. أستاذي: ها نحن كبرنا وغدونا شبابا وها نحن نؤدي ثمن تهاونك في أداء واجبك تجاهنا غاليا. لقد مرت السنوات وحصلت على التنويهات والتقديرات والترقيات الزائفة، ونحن حصلنا على الخيبات والإنكسارات والتعثرات وهلم جرا من المصائب والمحن… أستاذي: كنت تتغيب عن تدريسنا، نحن الفقراء المعدمين، لتغطية أنشطة الوزراء و الولاة والعمال والبرلمانيين… الأغنياء المحظوظين.. وإذا حضرت ففقط من أجل نشر أخبارهم "العاجلة" من فوق مكتبك، وتنسى، تماما، أن أخبارنا أولى وأحرى وأجدى بالإهتمام. فالمؤسسات لها موظفين مكلفين بالتواصل يمكن تغطية أنشطتها، بينما نحن لم يكن لنا أستاذا يدرسنا في حالة غيابك أو انشغالك، أو عدم اهتمامك… أستاذي: كان بإمكانك الإختيار بين الإعلام أو التدريس، عوض تضييعهما معا. فلا أنت قمت بعمل إعلامي مهني راق ولا أنت أديت مهمتك في تعليمنا وتربيتنا وتكويننا. ما الذي استفدته يا ترى؟ ما أنا متأكد منه أنك بعتنا وبعت مستقبلنا وحقنا الوجودي في تعليم أساسي متين يمكننا من تجاوز كل الفشل والتعثر الذي عشناه بعد بيعك لنا في سوق اللامبالاة. أستاذي: لن أطيل عليك، فأنت منشغل بتغطية أخبار السلطة وحوادث السير، رغم أن أكبر حادثة سير خطيرة هي تلك التي ارتكبتها ضدنا كأطفال عزل. فقد شتت أحلامنا وقتلت آمالنا وجرحت قلوبنا وأدميت مستقبلنا بدون تعويض ولا تأمين… فلتنشغل بتلميع أحذية المسؤولين وبتزويق صورهم من أجل فتات أو جاه. أنا متأكد أنهم سيىمونك، كما يرمى المنديل، بعد أدائك للرقصة بنجاح، تماما كما رميتنا خلفك دون أن تلتفت. أستاذي: كان عليك أن تحمد الله، وتعمل بتفان، لأنك حصلت على وظيفة أستاذ، في غفلة من العدل والإستحقاق والمنطق، فالعالم أجمع يستنكر أخطاءك الفادحة في اللغة العربية، ثم كلفت بتدريس الفرنسية. وكيف لمن يرتكب المجازر في العربية أن يدرس الفرنسية؟ وختاما، أستاذي، رجاء لا تستفزنا بكتاباتك وكأنك تهتم بالمهمشين، فعلى الأقل كن منسجما مع ذاتك، فمن ضيع، وما يزال، حق أبناء الشعب في التعليم والتربية والتكوين، وعن سبق إصرار وترصد، لا يحق له الحديث باسم الشعب. قد يتملق لك المنافقون، وقد يتستر عليك المسؤولون، ولكن لن نسامحك ولن نغفر لك تضييعك إيانا.. وعند ربكم تختصمون.. والسلام!