جهل المسؤول لمسؤوليته ، واللاوعي وعدم الاكثرات بمواضيع الأغلبية الصامتة التي تراقب عن كثب الأوضاع السياسية في البلاد ، واختلاط الحابل بالنابل ، يجعلني في بعض الأحيان أفكر في التوقف عن الكلام والكتابة ، ليس خوفا أو طمعا أو بسبب قلة المواضيع , وانما…《 ما كاينش معامن 》، بل من كثرتها وكثرة الظواهر التي تستدعي الوقوف عندها وإبداء الرأي فيها، وكثرة الهموم والمتاعب والأخطاء المتكررة التي نرتكبها يوميا، والفشل في معالجة مشاكلنا من قبل مسؤولينا، وبسبب اتساع رقعة التذمر التي وصلت إلى الأطفال الصغار فصاروا ينتحرون، ولم يسلم منها الكبار الذين صاروا يرغبون في "الحركة" وهجرة الديار، لذلك ينتابني الشعور بأننا نتكلم ونكتب لمن لا يسمع ولا يقرأ، ولمن يعيشون في كوكب آخر غير كوكب الأرض، وبأن تغيير الحال من المحال، بل إن تدهور الأحوال هو المآل إذا استمر الجهل واللاوعي اللذان نتخبط فيهما رغم جهود بعض رجال هذا الوطن في مواقع معينة ممن يحرصون على صيانة مكتسباته، ورغم قدراتنا البشرية والمادية التي لا تملكها كوريا أو اليابان، ولا إسبانيا أو الطليان ولا الماريكان... أما الجهل واللاوعي بقيمة الوطن والشعب ، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا وما ينتظرنا من تحديات، فهو السائد في مواقع مختلفة من أناس يعانون إفلاسا فكريا رهيبا، ولا يقدرون على المبادرة وتحمل المسؤولية، ولا يملكون الشجاعة لقول الحقيقة والتنديد بالتجاوزات والخروقات التي يمارسها من يعتبرون البلد ملكية خاصة، يتصرفون فيه كما يحلو لهم ويسيئون إلى المؤسسات والرجال..فمداويخ المقاهي و مواقع التواصل الاجتماعي يا سعادة الوزير، اليوم أصبحوا يعتبرون الملاذ الاول و الأخير لهاته الفئة الذكية المثقفة التي تشكل الأغلبية الصامتة ببلادنا ، والتي فهمت قواعد اللعبة حيث تكتفي في الوقت الراهن بالمراقبة و التتبع ، وعلى اهل القرار إدراك و استيعاب ردة فعلها و غضبها لا قدر مستقبلا..."المداويخ المغفلون يعني". جهل ولاوعي بأن مغرب الألفية الثالثة مختلفة عن مغرب ستينيات القرن الماضي، وأن فيها جيلا واعيا يدرك كل شيء، يتحدث عن همومه وانشغالاته ووعيه و"الحكرة" والتمييز المتفشي في الكثير من المواقع…جيل أعلن صراحة عدم اقتناعه وعدم رضاه على أوضاعه ، وكشف جهل مسؤولينا بالتحولات التي يشهدها العالم من حولنا وتقتضي تجاوبا من طرفنا، وتجاوزا لأنانيتنا وممارساتنا.. وأظهروا جهل مسؤولينا بتراجعنا المستمر في عديد المجالات، وابتعادنا كل يوم عن طموحات أبنائنا والوعود التي قطعناها على أنفسنا أمام الشعب وأمام التاريخ الذي لن يرحم غدا كل مسيء ومقصر. جهل ولاوعي بأن الانتخابات مهما كانت طبيعتها ليست كل شيء في حياتنا، لأننا شاركنا في عشرات الاستحقاقات في السنوات العشرين الماضية، لكن حالنا يسوء من يوم إلى آخر بسبب نفس الممارسات ونفس الوجوه التي تعود إلينا كل مرة، وحتى لو كانت الاستحقاقات ضرورية فإنها ليست مصيرية كما يصورها البعض، والحياة لا ينبغي أن تتوقف قبلها ولا بعدها !! .