تسعى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ضمن اهدافها الانسانية والاجتماعية الى تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار و خلق فرص الشغل من خلال مشاريع ومخططات عمل متكاملة تتوخى الدقة والموضوعية وبعض النظر ، ولبلوغ هذه الأهداف تم احداث مجموعة من الأجهزة و الآليات المؤسساتية تعتمد في اشغالها على مبادئ الشفافية و الحكامة الجيدة و الديمقراطية التشاركية من خلال اشراك المجتمع المدني ومختلف الفاعلين في المشاريع التنموية. بعد تتبع مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الأخيرة بدمنات والذي هم توزيع عربات ذات شكْل موحّد على مختلف اصناف الباعة المتجولين والقارين والمحتلين للملك العام في مختلف شوارع المديينة وساحاتها وخصوصا الرئيسية منها يمكن الوقوف على ملاحظات أولية تستدعي ضرورة الوصف والتحليل والخروج منها بخلاصات أساسية . فبالرغم من مجهودات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى التصور الفلسفي والنظري والتي لا يمكن ان نجادل في نبلها وسمو اهدافها ، الا ان الواقع العملي ، و" مشروع توزيع العربات على الباعة بدمنات نموذجا" لا يرقى الى مستوى طموحات اهداف المبادرة ولا الى تطلعات وآمال المستفيدين غير المباشرين واعني بهم ساكنة دمنات ، ذلك ان العملية عرفت بعض الاختلالات منها ماهو مرتبط بالأجهزة المشرفة عليها من مجلس جماعي و ومن سلطات محلية ،ومنها ماهو مرتبط بالمستفيدين انفسهم خصوصا الجمعيات التي تمثلهم والتي تعتبر الشريك الاساسي في المبادرة( هذا إذا كانت هناك فعلا جمعيات وليست مجرد كائنات هلامية او ادوات انتخابية ). الخلاصة الأولى : يتضح ان القائيمين على العملية وهم بالضرورة السلطلة المحلية والمنتخبون اكتفوا باحصاء المستفيدين ولا اعتقد من خلال الوقائع التي سنعرض لها بالصور بأنهم قاموا بعملية مسح جغرافي تمكن من وضع خطة استراتيجية لاعادة توطين اصحاب العربات بما يسمح من تحرير الملك العام من الاحتلال الذي يضر بصورة هذه المدينة من جهة ومن تنظيم مختلف انواع المعروضات والسلع وذلك بحصر هؤلاء الباعة حسب الصنف، وتثبيتهم وتخصيص فضاءات محدّدة لهم لممارسة تجارتهم يتولّى المجلس الجماعي المنتخب توفير وعائها العقاري وتجهيزه بما يصون كرامتهم ، حتى يتمكنوا من ممارسة مهنتهم باعتبارها مورد رزقهم الوحيد ، وبما يضع في النهاية حدا لتفريخ هذه العربات وازدياد اعدادها وتشويه جمالية المدينة و خنق و غلق ازقتها وشوارعها . السلطة المحلية لم تستغل هذه الفرصة الذهبية لاعادة انتشار الباعة المتجولين بما يمكن من تحرير الملك العام وخصوصا الشوارع الرئيسية والازقة الضيقة بل بقي الامر على ما هو عليه واغمضت عينيها كما هي عادتها على هذا الامر. الخلاصة الثانية : افتقاد الاطراف الممشتركة والمساهمة في الهذا المشروع للاحترافية والمهنية والفاعلية في إدارة المشاريع، و يتجلى ذلك في غياب تاطير الباعة المتجولين وتحسيسهم بمسؤولياتهم ودعمهم تقنيا ، وفبي غياب المراقبة و التتبع من طرف الجهات المسؤولة وكأن الهدف من هذه العملية هو توزيع العربات والسلام و ليس لها ما بعدها ( وإذا صح خبر توقيع المستفيدين على التزام بعدم احتلال الملك العمومي فهذا هو الإجراء الشكلي الوحيد المتخذ والذي لا يعدة ان يكون مجرد حبر على ورق ؟ الخلاصة الثالثة : اعتقد أنه قد تم الإسراع في توزيع العربات الجديدة دون القيام بأبسط الإجراءات للحسم النهائي في مصير العربات القديمة . كان على القائيمين على الشأن المحلي في هذه العملية بالذات ان يقرروا بمعية المستفيدين أو من يمثلهم في شأن العربات القديمة إما بتجميعها وبيعها خرذة في المزاد العلني او اي حل أخر متفق عليه ، ولنا في عملية تجديد اسطول سيارات الاجرة خير مثال على ذلك. ولكن مع الاسف الشديد ضاع هذا المجهود الذي كلف ملايين الدراهيم ولم يحقق –في اعتقادي- الهدف منه : إذ لا الملك العام تحرر ولا جمالية المدينة احترمت ، النتيجة الوحيدة المحققة هي أن الذي كان يحتل الملك العام بعربة اصبح اليوم بمباركتكم وبدعم منكم يحتله بعربتين عربتكم وعربته . وكان من الاجدر صرف هذه المبالغ على الصحة والتعليم وخصوصا وتوفير المأكل والملبس لتلاميذ العالم القروي والذين يعانون مشاكل التغذية والإيواء وإعادة النظر في التوزيع اللامتكافيء للمؤسسات التعليمية بدمنات ، إذ لا يعقل أن يتلقى اليوم أبناؤنا دروسهم في كراج ؟ او على الاقل تجهيز المستشفى الذي طال انتظاره بذل صرف الملايين على عربات لم نستطع تدبيرها بالشكل الجيد .