''كذا المعلم أن يكون رسولا''. مقولة سمعناها وألفنا سمعها منذ الصغار على الدوام ، مرارا و تكرار في الفصول الدراسية ،داخل الحجرات المدرسية ،لكن الكثير منا ، تلاميذ و طلاب لم و لن يستوعبوا معناها الحقيقي، وما تكتنز من المعاني البليغة للرسالة السامية التي يقدمها المعلم إلى التلميذ و بالتالي إلى الأسرة فالمجتمع، فهي رسالة نبيلة بمضمونها تسمو الحضارات و الشعوب و تزدهر الثقافات و الفنون، وتتقدم بها البلدان صناعيا و اقتصاديا، برسالته إذن نجعل من الأحلام حقيقة. الرسالة التي تحمل في ثناياها المحافظة على القيم المجتمعية والروح الوطنية و زرع التسامح الديني والتعايش السلمي والتربية على المواطنة، تحتاج إلى أمين مؤتمن هو المعلم و بيت القصيد في هذا الموضوع. ثم فضاء تتوفر فيه كل الوسائل اللوجيستيكية و البيداغوجية الأساسية للتعلم. لكن من ابتلاه الله بمهمة تربية الأجيال، والسهر على تلقين الأبجديات و الخطوات الأولى للتلاميذ، هو من أدرى بثقل وجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه، هذه المسؤولية الكبيرة تزداد تعقيدا كلما ابتعدنا عن المراكز الحضرية نحو المناطق البعيدة أو بالمعني الأصح : المناطق المهشمة و المعزولة. بدورها تلكم المناطق هي المدرسة الجديدة للمعلم، المربي والأستاذ القادم إليها، لأداء مهمته النبيلة إبلاغ الرسالة السامية، هناك حيث يعلم ويتعلم دروس الحياة القاسية التي لا ترحم، وللعجب يتعايش معها المواطن المقهور بوسائل أقل ما يمكن أن تصاف بها أنها بدائية، عموما فهي دروس لن تجيدها في أرقى الجامعات و المعاهد، ولن يخبركم بها إلا من علم بخباياها وجربها بتفاصيلها المملة، وأقصاها درس كيفية الاندماج في الوسط الاجتماعي الجديد،حيث الاصطدام بحاجز اللغة، الطبيعة الجغرافية، العادات اليومية للعيش، هذا الجانب الذي لا تراعيه الأكاديمية و المديريات الإقليمية للتعليم، خلال تعينها للسادة الأساتذة عبر التراب الوطني، فنحن وطن واحد ،لكن بلغات و ألوان ثقافية وعادات متباينة. نتمنى عطلة سعيدة لكل السادة المعلمين أساتذة التعليم الابتدائي خدام الدولة الحقيقيين،مجاهدي هذا الوطن الجريح الذي ما ننفك أن نخرج من زوبعة فضائح و فساد حتى نركب إعصارا مزلزل من نوع أخر، أخرها تصنيف جديد للمواطن المغربي بهذا البلد الكبير، خادم الدولة و البقية العكس أو شيء أخر. تلك العطلة التي ولاشك ستنتهي خلال أسابيع من ألان، ويعود كل إلى مكان عمله، لينفض الغبار على قاعة الدروس، لاستقبال جيل جديد من التلاميذ، في الحواضر و المداشير و القرى وهناك في المناطق الجبلية الوعرة. وسيهرع أباء التلاميذ للتناوب كالعادة لنقل المعلم وأمتعته نحو الدوار، هذه المظاهر تتكرر كل سنة، خلال العطل المدرسية، وذلك نظرا لغياب المسالك نحو اغلب القرى، وهنا انقل لكم المشهد من فرعية تمدايغوت التابعة لمركزية تغبولا بايت امحمد مدرية التعليم بأزبلال. تلكم الفرعية قديمة مع مرور الزمن يتيمة مع توالي السنين رغم ذلك صامدة في وجه تقلب الفصول، إلا أنه لابد من تسجيل ملاحظات عن عدد الطاولات القليل في مقابل عدد مهم من التلاميذ على الشكل التالي: القسم الأول عدد المسجلين7،القسم الثاني 4 ،القسم الثالث 4 ،القسم الرابع 7 ،القسم الخامس 7 ،القسم السادس 4، من تأطر أستاذ تعليم ابتدائي واحد. في السنة الماضية بداء العمل من اجل انجاز بناية مخصصة لسكن المعلمين لكن توقف المشروع بدون سبب اثار استغراب الساكنة ولم يحرك احد ساكنا من ممثل السكان أنداك و السلطة المحلية و إلى اليوم المشروع متعثر لأسباب مجهولة مع العلم أن الأشغال في بدايتها، و ما سجله مراسل ازيلال اون لاين خلال المعاينة الميدانية لمشروع سكن المعلمين المتوقف التنفيذ ،أن المواد المستعملة جد مغشوشة، حيث استعملت رمال مسروقة من واد وابزازى أمام أنضار حراس الغابة و السلطة المحلية،التي لم تحرك ساكنا، كما أضاف احد السكان أن موقع البناية متواجد وسط ما يسمى بساحة المدرسة ما جعل السكان يختلفون في مكان تثبيت البناية، دون ان تتدخل المصالح التقنية المختصة من مدرية التعليم بأزيلال لوقف الخلاف، و القيام بواجبها. كما أن غياب المراقبة للمصالح السالفة الذكر ساهم في فشل المشروع. وبالتالي الأستاذ بلا مأوى في أدغال لا ترحم صيفا و لا شتاء، وهنا تبداء المعانة في تبليغ الرسالة السامية لخادم الدولة الحقيقي، وهنا تتدخل القدرة الإلهية ليجد المعلم بيت أخيرا عند اقرب السكان للحجرة اليتيمة، لكنه غير مريح و لا تتوفر فيه المرافق الصحية، وأشياء اخرى ماء، كهرباء... عفوا كيف لا و المدرسة بعينها لا تتوفر على المرافق الصحية و التجهيزات الأساسية، للأسف الدور بأكمله و الدواوير المجاورة كذلك غير مزودة بالماء للشرب و كذلك بشبكة الكهرباء... كل هذا يحدث بايت أمحمد و الساكنة المغضوب عليها من السلطة المحلية و المجالس المنتخبة، هذه الأخيرة التي لا يروق لها صرف و لو درهم واحد لتلك المناطق المنكوبة في شتاء و المنسية صيفا، والمواطن بهذا المجال ذو الخصوصية الفريدة في القرن الواحد و العشرون وفي دولة الحق والقانون، يطالب بأبسط المطالب، لكن لا عين تريد أن ترى و لا عقل يرغب في أن يفكر في الحلول، لتستمر سلسلة المعانات التي ضحيتها خادمي هذا الوطن المواطن البسيط و الأستاذ و التلميذ، فمتى يا ترى نرى شروق شمس الحقوق و العدالة الاجتماعية بهذا الوطن الذي نفتخر جميعا بأننا خدامه الأوفياء إلى أخر رمق. محمد حادجي - مراسل وكاتب صحفي