نورة الصديق : أفورار بوابة إقليمأزيلال ،عروس الأطلس، مدينة متألقة بمناظرها الطبيعية الخلابة، ومنتزهاتها الممتدة على طول منعرجات المؤدية إلى مدينة أزيلال، وسهولها الفسيفساء كزرابي منبسطة فريدة وبأشكالها المستطيلة المختلفة الألوان، و أضفى عليها شهر رمضان جمالية خاصة وزاد من سحرها وبهائها،وهي نقطة عبور نحو شلالات أوزودِ ، وقبلة سياحية مفضلة للاستراحة لدى شريحة واسعة من مدينة بني ملال ونواحيها و كل العابرين والوافدين نحو الإقليم.... تعد مدينة أفورار من أكبر المدن بالجهة وأكثرها توسعاً وسكاناً، وكغيرها من المدن الأخرى طغى على سمات المجتمع فيها أسلوب الحياة العصري ، واندثر مع هذا الحياة الجديدة الكثير من العادات التي كانت تميز شهر رمضان المبارك، وبالرغم من ذلك يبقى لشهر رمضان طعم خاص في هذه المدينة السهلية الجميلة. عند حلول شهر شعبان يسود لدى المجتمع التفكير والاستعداد لاستقبال شهر رمضان، وتجد الكثير من النساء في الأسر المحافظة على العادات المتوارثة,يقمن بتنظيف بيوتهن وترتيبها وتهيئتها وغسل الأفرشة و الزرابي و الأغطية,وتحضير الفطائر بكل أنواعها و البريوات, وحلو الجمالية خاصة وزاد من سحرها وبهائها، باكية، ليكون الذهاب إلى الحمام الشعبي مع أبنائهن آخر ما تنهي به هذه الاستعدادات.... في حين الرجال يتفقدون المساجد ويعملون على صيانتها، وشراء أفرشتها وتحضير وإصلاح المصابيح و مكبرات الصوت، استعداداً لإحياء الليالي الفضيلة لهذا الشهر في العبادة و التقرب إلى الله فيه ، ومع اقتراب شهر رمضان تملأ الشوارع والسوق الأسبوعي بالمستهلكين، ويزداد الطلب على المواد الغذائية المستعملة في رمضان بكثرة,ويقبل عليها السكان بنهم ... ويأتي مغرب اليوم الأخير من شعبان؛ حيث يكون يوماً حافلاً للمهتمين برؤية هلال رمضان، فيتجمعون في المقاهي والشوارع ،ويترقبون رؤية بزوغ هلال رمضان المبارك، وعندما يتم تأكيد من الوزارة المعنية يزف الخبر عبر القنوات التلفزيونية؛ ليعلن حينها وصول شهر رمضان المبارك , ويتبادلون الناس التهاني بالمناسبة مباشرة و عبر الرسائل القصيرة و وسائل التواصل الاجتماعي.... و كما هو معلوم لا تختلف الأيام الرمضانية كثيراً لدى أبناء مدينة أفورار وإقليمأزيلال بصفة عامة,فجميعها متشابهة تقريباً، النهار يتحول إلى ليل؛ حيث ينام معظم ساكنيها نهاراً ,في حين في البوادي و القرى و المناطق الفلاحية فيتكرر الروتين اليومي في الحقول وتربية المواشي في الصباح عدا إعداد الخبز و وجبة الغذاء... و بعد صلاة الظهر يخلدن لنوم القيلولة حتى أذان صلاة العصر, لتدخل النساء بعد ذلك إلى مملكة المطبخ و ينهمكن في تحضير ما لذ وما طاب من الشهيوات... أما بالنسبة للشباب والأطفال ، فيحرصون على الخروج بعد الزوال إلى واد أفورار ومنهم من يتوجه نحو عين تغبولة أو عين الرباط، في حين البعض يفضل الاستلقاء تحت الأشجار الوارفة الظلال في الحديقة العمومية، وذلك لقضاء وقت ممتعا بين خضرة النباتات و برودة المياه بين عبث الأطفال و صخبهم... . وبعد صلاة العصر يدب النشاط الفعلي في المدينة، حيث يخرج الرجال إلى شراء متطلبات إعداد وجبة الإفطار والبعض يتجه لشراء الحليب و الفطائر،وهناك من يشتري ما تشتهيه نفسه من المواد المعروضة وتبتلعه عينه قبل فمه بمجرد إلقاء النظر عليها... وتفضل العائلة الفورارية عادة إعداد أكلات متنوعة على وجبة الإفطار، ولعل أهمها مختلف أطباق السمك ، والكفتة والسلاطة طباق التمر و الشباكية و الحريرة وأنواع الزيتون ،دون أن تخلو أية مائدة إفطار من كل انواع الفطائر ورقائق ملفوفة أو رغيفات محشوة باللحم أو الخضراوات،والعصائر الباردة، و هي أطباق من أيادي النساء الفوراريات البارعة و المبدعة في الطهي و الطبخ بكل أصنافه.... بعد أذان المغرب و تناول وجبة الإفطار في جو عائلي حميمي، تزداد الروحانيات في المساجد، وتمتلئ بالمصلين رجالا ونساء و أطفالا و شبابا يأتون من كل حي عميق,خلافاً لما هو معتاد في الأيام العادية، وخصوصاً في العشر الأواخر لشهر رمضان، وتُعطى دروس ومواعظ دينية عقب صلاة المغرب، و بالنسبة للنساء في بعض الحصص الصباحية ببعض المساجد، وعند حلول ليلة السابع والعشرين من رمضان تمتلئ المساجد عن أخرها بشكل لافت، ويزداد عدد المصلين أحياناً إلى الشوارع المجاورة لبعض المساجد، وكل ذلك إحياء لفضل تلك الليلة المباركة. و بعد صلاة التراويح تسترجع المدينة حيويتها ، وتعرف حركية ودينامية، غير مسبوقة،ونشاطها خلال فترة المساء والليل، وتعج بالحركة الكثيفة خارجين من بيوت الله بملابس تقليدية باذخة من جلابين و قفاطين مغربية كبارا و صغارا، رجالا و نساء...وتنشط الأسواق التجارية، وبالأخص محلات الملابس التي تمتلئ بالنساء و أبنائهن للتسوق ولشراء ملبوسات عيد الفطر المبارك, ومنهم من يتجول في الشارع الوحيد حيث بائع الحلزون و بائعات الخبر,إلى جانب تجار يعرضون مجموعة من المواد و الملابس القديمة و الجديدة إلى حدود الحديقة العمومية حيث تزخر هي الأخرى بمئات الشباب وبنساء رفقة ابنائهن من أجل الاسترخاء وأخذ قسط من الراحة والاستمتاع ببرودة الأجواء واستنشاق روائح الأزهار...، بمحاذاتها عربات للشواء و بيع الذرة (القلية) ومشروبات باردة في أواني مليئة بالماء... ومن الشباب من يفضل الجلوس او المشي بجانب الحوض للواد حيث تصبح تلك الساحة موقفا لمجموعة من طراز السيارات و الدراجات النارية... ومكانا للالتقاء الشباب لتبادل أطراف الحديث في جنح الظلام بعيدا عن الشارع.... كما يفضل بعض سكان المدينة قضاء أوقاتهم بعد الإفطار بالمقاهي من أجل تجاذب أطراف الحديث وتقاسم لحظات من المتعة والتسلية والمرح مع الأصدقاء والأقارب ولعب الورق، .و.. في جانب أخر من الشارع يجتمع الأطفال رفقة أمهاتهم حول لعبتين لأحد الشباب للترفيه و التسلية يتسابقون في التناوب عليها,وهي من الضروريات التي تفتقر إليها المدينة... هي ليالي مختلفة الأجواء ومميزة في مدينة أفورار حيث تعيش أجواء حميمية وروحانية في جو مليء بالفرحة والابتهاج.... يميزها أداء صلاة العشاء والتراويح جماعة وقراءة القرآن الكريم وتلاوته... و زادها تميزا صوت النفار الذي يتجول في الثلث الأخير من الليل لإيقاظ السكان إما بالنفير أو آلة الطبل لإعداد وجبة السحور .