تحرص ساكنة مدينة سلا، كباقي مدن المملكة، خلال شهر رمضان الأبرك، على استحضار وترسيخ الطقوس والعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية التي تبرز من خلالها المظاهر الروحية والدينية وقيم التكافل والتآزر الاجتماعي، وما يتصل بها من تقوية الروابط الأسرية. فبمناسبة شهر الصيام الكريم يبرز الطابع الديني، حيث تكتظ جنبات مساجد المدينة بالمصلين، لاسيما عند صلاتي العشاء والتراويح، كما تحتضن هذه المساجد طيلة هذا الشهر الفضيل دروسا في الوعظ والإرشاد وتلاوة القرآن وترتيله وتجويده، وبيان أحكام الفقه الإسلامي في قضايا مختلفة، وخاصة في ما يتصل برمضان وقدسيته وكيفية استغلاله بأفضل صورة ممكنة، فضلا عن إنشاد أمداح نبوية. وفي الجانب الاجتماعي، وحسب عادات وتقاليد سكان سلا ، تقوم بعض العائلات بتنظيم إفطار جماعي لتقوية الروابط الأسرية وصلة الرحم بين أفرادها، حيث تهيئ النساء مائدة الإفطار ببعض أنواع الفطائر والحلويات المتنوعة الأشكال المتعددة المذاق ك"الشباكية" و"البغرير" و"الحرشة" و"الملوي" و"البريوات" بالإضافة إلى "السفوف". وينضاف إلى هذا التنوع في الحلويات والفطائر على المائدة الرمضانية أنواع أخرى من المأكولات كأطباق بعض أنواع السمك، لاسيما "السردين" إلى جانب أنواع من العصائر والحليب والحساء وخاصة "الحريرة". وتعرف مقاهي المدينة بعد صلاة التراويح إقبالا غير مسبوق، حيث يخوض روادها في أحاديث مختلفة تنصب خاصة على أخبار الرياضة وأحوال المدينة في ضوء ما تشهده من تحولات عمرانية ومشاريع تنموية في السنوات الأخيرة. كما تعرف شوارع المدينة رواجا يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل. وبدورها تعرف بعض الفضاءات العمومية، كساحة صومعة حسان وضريح محمد الخامس وقصبة الأوداية وضفاف نهر أبي رقراق، باعتبارها متنفسا لنزهة العديد من الأطفال والأسر السلاوية، أنشطة ثقافية وسهرات فنية، فيما تفضل أسر أخرى التزام منازلها ومتابعة البرامج الرمضانية بمختلف القنوات التلفزيونية. ويتميز شهر رمضان الأبرك بسلا عن باقي أشهر السنة بازدهار ما يمكن أن يطلق عليه بالتجارة الموسمية حيث تنبعث أسواق شعبية جديدة بجميع أحياء المدينة، وتتحول أنشطة بعض المحلات المهنية إلى بيع الحلويات ( كالشباكية أو المخرقة والبريوات... ) وأنواع من الفطائر التي يكثر الإقبال عليها خلال هذه الفترة . وفي تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء، أكدت زهرة في عقدها الرابع بائعة حلويات بالمدينة العتيقة أن هناك إقبالا مهما على شراء الحلويات في هذا الشهر المبارك وأن الأثمنة تتفاوت بحسب النوع والجودة، فيما سجل خالد 50 سنة، صاحب محل حوله من محل لبيع الأكلات الخفيفة إلى محل لبيع الشباكية و"البريوات" وباقي الحلويات المعسلة، أن هذه التجارة، التي تتيح أرباحا جيدة في شهر رمضان، هي أيضا فرصة لتفادي إغلاق المحل في هذه الفترة. ومن جهتها، أكدت عائشة 50 سنة، بائعة للفطائر، أن شهر رمضان يتيح فرصا أوفر للعمل، ويحفز الطلب على ما تنتجه، خاصة وأن معظم النساء العاملات يكن مضطرات لضيق الوقت إلى اقتنائها بدل صنعها في البيت.