أشياء كثيرة لم تعد مفهومة مع حكومة بنكيران و حزب العدالة و التنمية إلى درجة اختلت كل المفاهيم السياسية و أصبح الدستور مجرد حبر على ورق ينتظر أن يتغير مرة أخرى تحت ضغط ما أو مصلحة ما ، مع العلم أن هذا الدستور الذي يبدو أن الشعب صادق عليه يعطي لرئيس الحكومة صلاحيات كثيرة و و يحمله مسؤولية تاريخية عظمى ، للأسف لم يستطع السيد بنكيران فهمها و استغلالها لبناء دولة ديمقراطية قوية و ليس لبناء دولة فقاعة تكبر يوما بعد يوم في وسائل الإعلام الرسمية و ترجئ مشاكلها الجوهرية لى أجل غير مسمى كالتعليم و الصحة و التشغيل . من بين تمظهرات حكومة الفقاعات أن السيد بنكيران يبدي للعامة من الناس أنه يملك الجرأة ليرفع الدعم عن المحروقات و يحرر أسعارها دون استراتيجية اقتصادية و اجتماعية تقي الفئات العريضة الفقيرة تقلب أسعار النفط و مع مطلع السنة الجديدة يقرر رفع الدعم عن السكر مع العلم أن هذه المادة أساسية بالنسبة لملايين الأسر المغربية التي يدخل الشاي و الخبز و الزيتون الأسود في أجندة غذائها الرئيسي و قلص من فاتورة صندوق المقاصة في غياب أي صمام أمان و جمد الأجور و أزم موظفي الدولة و سطا على مكتسبات تراكمت عبر نضالات و تضحيات غالية و رفع من سن التقاعد و...,و.... كل ما يقوم به بنكيران في غير صالح الفئات الشعبية الكادحة لكنه يجد دائما مبرارت لقراراته و يدعي أنه يحمي الشعب من تقلبات المستقبل و لكنه لا يدرك أنه يهيئ الظروف لانفجار اجتماعي بل نجد حزب العدالة و التنمية يتباهى بقرارات رئيسه الذي ما فتئ يعلن أن حكومته تتميز بسيادة القرار و جرأته مخفيا حقيقة صادمة هي أن الكثير من قراراته أملاها صندوق النقد الدولي , ان المغرب مثقل بالديون الداخلية و الخارجية . يتميز حزب العدالة و التنمية بازدواجية الشخصية مما يؤدي إلى السقوط في الكثير من التناقضات ، من جانب هناك عقدة حب الظهور و تضخم نحن الحزبية و من جانب آخر يأخذ بمبدأ التقية و التواري عندما يتعلق الأمر بما يمس الديمقراطية في العمق و حرية التعبير في الصميم ، هذه الازدواجية ناتجة عن عدم تقبل بنكيران و مريديه النقد و الانتقاد رغم الأخطاء الفدحة التي تقع فيها الحكومة و يعتبرون النقد و إبداء الملاحظات تشويشا فكان لهم موقف غريب من الحملة الشعبية ضد الريع البرلماني و الوزاري في ما يتعلق بأجور و معاشات البرلمانيين و الوزراء و اعتبروا الحملة ضربا من الشعبوية يقودها " الباندية " ويعملون الآن على تحلل تام مما حدث من تعنيف همجي للأساتذة المتدربين و يسعون إلى التعامل مع الحدث المأساوي كتعامل إخوة يوسف عليه السلام مع حادث إلقاء النبي الله يوسف في غياهب الجب و هم يعرفون أن الذئب بريء من دمه ، فيخرج علينا السيد الرميد وزير العدل و الحريات بتصريح غريب و يدعي أن لا علم له بما حدث و يجند حزب العدالة و التنمية كل طاقاته و صقوره موظفا تقنية " الماركتنغ السياسي " فتتناسل التصريحات و التنديدات المتوعدة بمعاقبة المسؤولين عن المجزرة ، فمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان الذي يترأسه حامي الدين يتابع بقلق ” التدخل العنيف الذي تعرض له الأساتذة المتدربون مساء الخميس بعدد من المدن المغربية ( إنزكان، الدارالبيضاء، طنجة)" و في بيان له : “يستنكر هذا التدخل العنيف الذي اعتبره غير مبرر، و يمس بالحق في التظاهر السلمي الذي أقره دستور المملكة والقوانين الجاري بها العمل والتزامات المغرب الدولية” بينما اعتبر أفتاتي " أن ما وقع أمس واليوم جريمة شنيعة، يجب محاسبة من أعطى أوامر تعنيفهم وتقديمهم للمحاكمة”. وطالب بمحاسبة من أعطى أوامر ضرب الأساتذة، و أكد أنه سيراسل غداً الجمعة :"وزير العدل ووزير الداخلية بصفته برلمانياً للدعوة للتحقيق في العنف الممارس على الأساتذة وتبيان المسؤولين على ذلك". و قال مستشار وزير العدل والحريات وعضو حزب العدالة والتنمية إن التدخل الأمني الذي تم يوم الخميس في حق الأساتذة المتدربين هو مؤامرة ضد الحكومة وأضاف بالقول أنه ” لا يمكن لأي وزير من العدالة والتنمية ولا حتى رئيس الحكومة أن يأمر باستعمال القوة والعنف بالطريقة التي تمت اليوم”. أظن أن ما يقع في المغرب مع حكومة الإسلاميين و الشيوعيين والليبيرالين ضرب من السريالية التي لا تستقيم على منطق أو قياس و يبدو أن كل الأحزاب التي تشكل الأغلبية مع العدالة و التنمية تلعب دور الكومبارس ، لا رأي لها و لا يمكن أن يكون لها موقف واضح و صارم و مستقل إزاء ما يقوم به بنكيران و مريدوه لأنها و بكل بساطة أحزاب موجودة في الحكومة من أجل الحقائب الوزارية و ما تدره عليهم من امتيازات و ريع . لا يمكن أن نبحث عن مسؤولي المجزرة التي اقترفت في حق الأساتذة المتدربين خارج دائرة الحكومة ، رئيس الحكومة هو المسؤول الأول و الأخير ، فإذا كانت هناك نية صادقة للمحاسبة يجب أن يحاسب رئيس الحكومة و وزير الداخلية بل يجب أن تحاسب كل هذه الحكومة بموقفها السلبي مما يحدث من عبث سياسي و غياب أية استراتيجية للتغلب على المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها الشعب المغربي . ما صدر عن صقور العدالة و التنمية من احتجاجات مجرد محاولة تمويه و در الرماد على العيون ، و الغريب في الآمر، أن الحزب الإسلامي يروج بين الفئات الشعبية نظريات قديمة لا علاقة لها بالسياسة الداخلية كنظرية المؤامرة وقد أشار مستشار وزير العدل إلى ذلك عندما صرح أن الحكومة تتعرض لمؤامرة ، و لا علم لأي وزير بما حدث منطق يدل على أن حزب الحكومة يعيش خارج دائرة الزمن المغربي الحديث التواق إلى عدالة اجتماعية حقيقية و ديمقراطية وطنية قادرة على أن تترجم على أرض الواقع و أن تراعي طموحات و أحلام الشعب المغربي