لمادا لا تتقدم ديمقراطيتنا؟ ولمادا نستمرّ في عرض ديمقراطية الواجهة الموجّهة للاستهلاك الخارجي؟ مع إنزال شيء من الموضوعية، لا بد أن نسجّل بعض الإيجابيات على المستوى التشريعي ولو أن القوانين التنظيمية ما زالت حبيسة رفوف المزايدات بين الأغلبية والمعارضة، كما نسجل الإرادة الملكية في سد نقص تدبير الفاعل الحكومي أو مساعدته من خلال فلسفة ومرامي التنمية البشرية والتي لم تصل بعد إلى تغطية كل الجهات التي مازالت في أمسّ الحاجة إلى تحطّي عتبة الفقر بكل مسبّباته، إن على مستوى البنية التحتية والمرافق العمومية دات الصلة بالحياة اليومية للساكنة كالتعليم والتطبيب والشغل .... لكن ، و كما نعلم ،فلا ديمقراطية بدون أحزاب ديمقراطية : و من هنا نتساءل بمرارة و اندهاش حول العشرات من الأحزاب السياسية و ما الغاية منها و ما هو دورها و أجنداتها الحقيقية لاسيما في ظل العزوف و النفور الشعبيين و تبرّم الشباب من العمل السياسي رغم الحملات الرسمية التي تهلل إلى عكس دلك ، لكن الواقع المعيشي للسواد الأعظم من الشعب الدي يعيش أوضاعا اجتماعية متردّية هي خير مثال على أن الأمور قد وصلت إلى حد لا يطاق و أن الحلول الترقيعية لن تجدي نفعا لا سيّما و أن كل المؤشّرات السوسيو-اجتماعية التي خلصت إليها منظمات وطنية و دولية دات مصداقية قد دقت ناقوس الخطر إن لم يسرع أصحاب الحل و العقد ببلادنا إلى اتخاد تدابير عاجلة على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي ..... وأول إجراء، في نظري، يجب البدء به هو ملف التعليم وضرورة إحداث ثورة جدرية على مستوى السياسة التعليمية بالمغرب انطلاقا من تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب الواحد بكل شرائحه وطبقاته وفقا للمساواة التي نصّ عليها الدستور أوّلا ثمّ إنزالا للتشريعات الدولية دات الصلة والتي صادق عليها المغرب بحيث أصبحت ملزمة له .... أيضا، نتساءل عن السر في استمرار اجترار منظومة أجور غير عادلة تذكرنا " الفسيفساء الاجتماعي للحضارة البابلية" المكونة من ثلاث طبقات وهي طبقة الأحرار ونصف العبيد والعبيد: ولإعطاء مثال حي وواضح أسوق ما يلي: موظف أو طبيب أو مهندس يعمل حتى سن التقاعد بعد 40 سنة عمل متواصلة يستفيد من معاش لا يتجاوز 5000 درهم. برلماني أو وزير أو إطار سياسي استفاد من مناصب سامية قد يستفيد من معاش يتأرجح بين 30000 و450000 درهم، هدا ولو لم يقض في منصبه أكثر من خمس سنوات ... أهده هي العدالة الاجتماعية؟ أهده هي المساواة؟ لا شك أن تضارب المصالح بين مختلف فئات المجتمع، وفي ضلّ غياب حقيقي عن مدافعين حقيقيين عن الشعب بالمعنى الديمقراطي والإنساني وفي ظل شيوع ثقافة الريع والمصالح الفئوية الضيقة وعدم توفر الإرادة السياسية أو غياب القدرة على إدارة الصراع الطبقي لتحقيق أساسيات العدل والعدالة والمساواة بين مختلف الفرقاء، سيبقى المواطن هو الحلقة الضيّقة في عقد المعادلة السوسيو-الاجتماعية. إدن، فلا حاجة لنا أن نستشهد بما قاله " ألان كليس" وما مفاده أن " أبي يحكمني وأنا أحكم زوجتي «: سياسة التحكم الاستباقية هي جزء من اللعبة السياسية التي تتحكم في رقاب الجماهير قصد إطالة " اللاتكافؤ" الممأسس على الاستغلال والقهر الإجتماعي الدي يقود إلى خضوع الأغلبية للأقلية ضدّا على التعريف السليم لماهية الديمقراطية كما عرفها سقراط وكما تطورت بفعل الحركات الثورية والثورات العالمية .... فلا مندوحة إدن، والحالة هاته، أن نتهرّب عن طرح الأسئلة الحارقة التي تمهد الطريق لاكتشاف أسباب تأخرنا عن الركب مع متمنّياتنا أن تعبر إلى ساحل الأمل بشكل واعي ومسؤول بعيدا عن " التحليلات المفلسة" لشلة من الناس اعتقدوا أن تقدم الوطن لن يتحقّق إلّا عبر تحقيق ذواتهم ونزواتهم .... ومن هنا نعود أدراجنا لا إلى يوم تبعثون ....