بمناطق إقليمأزيلال و وديانها و قراها المتوارية بجبال الأطلس المتوسط، تعيش المرأة مثل باقي النساء والفتيات القرويات فصولا من الإقصاء والتهميش في ظل ظروف طبيعية قاسية متجلية بكل تلاوينها، و ظروف اقتصادية كادحة,و مسالك وعرة,وعزلة قاتلة,وحالات مدقعة...تعيش في هذه الوضعية المزرية بعيدا عن شعارات 8 مارس, وعن اهتمامات ناشطات حقوق المرأة بالمدن الكبرى، وبعيدا عن فصول سجالات النقاش حول الديمقراطية و التشاركية, وعن برامج وأضواء وسائل الإعلام المرئية, لا تعرف فصل المساواة و لا هيئة المناصفة...لا أحد يقدر مجهوداتها و يعترف بتفانيها و تضحياتها...و أحد يتذكرها إلا في الحملات الانتخابية من رجال و نساء, ثم يعودون أدراجهم الى الاستحقاقات القادمة دون ضمان حق من حقوقها الانسانية و الاجتماعية و الاقتصادية... تعيش حصارا كبيرا بين الجبال المثقلة بالثلوج,بلا غاز,لا مواد غذائية , لا ماء ,لا كهرباء,لا أغطية... لا شبكات الاتصال الهاتفي ... لا طبيب...لا دواء...لا مستشفى أو مستوصف...استحالة وصول وسائل النقل الحديثة ...لا كماليات ...لا حضارة... بعيدة عن أدنى شروط العيش... تخدم أسرتها و زوجها...تبذر أنوثتها بين حرارة النار الموقدة لطهي الطعام و الخبز و التدفئة...وتبدد جمالها بين لهيب الشمس في الحقول و عمل النسيج للوقاية من البرد...من بزوغ الفجر تتيه في الحقول للرعي والارض والحرث و الجني و الدرس والحطب وكل الأعمال المتعلقة بالفلاحة...الى غروب الشمس تنهي يومها بالتعب و المشقة ولا من يعير لها اهتماما البتة...لمسافات طويلة وفي رحلة يومية للوادي لجلب الماء و للغسل الملابس...تنساب مع خرير المياه المنسكبة بين الطرق الوعرة التي تشقها دائما و بقساوة...إلى جانبها فتيات بدل التعليم واللعب في فضاءات الترفيه, تغتصب طفولتها و براءتها في جلب الحطب و الماء و الرعي و تربية المواشي و حزمات العشب على ظهورهن... حصار يعمق جراح النساء و يخنق أنفاسها ...حيث تنقطع المناطق عن العالم خلال الشتاء البارد...و تسقط الثلوج بكثرة...وتحمل الوديان التي تفصل القرى فيما بعضها و تعزل المناطق عن بعضها...وتقشعر من شدة البرد... في هم من قلة الحاجة و نفاذ ما يشدون به رمقهم أثناء سقوط الثلوج...أمية و جهل تنهش كيانها..و خرافات و تقاليد تكبل فكرها...زواج مبكر يسلب القاصرات حياتهن ... وفي يومها العالمي ,ومن أعماق الأطلس و متاهات الجبال الوعرة,توجه عبارات أسى و نداء حرقة إلى جلالة الملك, إلى رئيس الحكومة, إلى القيادات النسائية و الحركات و المؤسسات الحزبية و كل المسئولين: إن النساء في الجبال الأطلس منسيات 'بعيدات عن نساء المدن المسئولات الواعيات اللواتي يهتمن بشؤون المرأة, ويدافعن عن حقوقهن و تحسين و وضعيتهن داخل المجتمع, يرغبن في من يستوعب خطابهن المضني و يتأملن نداءهن الأليم ...إنهن بلا كرامة مواطن مغربي, لا يزال ينظر إليهن بالنظرة الدونية و الاحتقار و عدم المساواة في أبسط الأشياء,بضاعة و متاع ليس إلا,لا يزال وجودهن مقتصرا على الجسد منبع الإنجاب و تحقيق اللذة و الشهوة فقط,مهمتها البقاء في داخل المنزل... يردن تحطيم الدونية و تحقيق العدالة و المساواة,قادرات على العمل و الخلق و الإبداع و الإنتاج و التسيير,و إثبات الذات...يردن أن ينتفضن من أكبال و ظلم العقلية الذكورية و تسلطها, والثورة على الواقع المرير الذي يتجرعنه حنظلا,وراء الخطابات الرنانة حول المناصفة و المساواة و القضاء على كل أشكال و مقاربة النوع التي تشرك المرأة القروية في نضالها...يردن المشاريع في مناطقهن,يردن العمل و تحقيق ذواتهن..لا يردن شفقة أحد,لا يردن قنينة زيت ولا قالب سكر, ولا غطاء تقي بها و أبناءها من البرد...لا تريد ثلاث حبات من أقراص الأسبرين ...يردن حقحقوقهن هن كمواطنات ... لا أحد يدرك واقعهن الحقيقي لآلامهن في أعالي الأطلس,في الأرياف,في الصحاري, تحت خيام الرحل,بين الفجاج...وجراحها العميقة من جراء الظواهر الخطيرة الماسة بحقوقها و الحاطة لكرامتها... على الهامش يتحسرن,يحاصرن,يعنفن,يغتصبن,يتزوجن قاصرات.... آن الأوان الآن ليكدن و يجدن و يرسمن مستقبلهن بكل ثبات و يقين,فالتاريخ يشهد على تضحياتها...و الذاكرة الجماعية مع أوشامهن تنحت إنجازاتهن على صفحات تاريخ المغرب...يطالبن بحقوقهن في الصحة و التعليم و الشغل.... ترى إلى متى غياب مسئولة الدولة و هياكلها المحلية في الاهتمامات التنموية الخاصة بالقرى و الجبال و التهميش الممنهج و السياسات الاقتصادية...؟؟و ما مصير الميزانيات المخصصة للقرى و التنمية القروية بالمغرب العميق؟