لازال إشكال الأمازيغية مطروحا حتى الآن, و لازال الصراع محتدما و لا نملك سوى التريث في اتخاذ القرارات و لسنا في وضع يسمح لنا بالرجوع القهقرى, و لسنا في موقف القوي بتاتا, لأن القضية الأمازيغية لازالت مهمشة و قلما يذكرها المسؤولون بالخير, و لا نسمع عنها إلا أحيان الإنتخابات و إبان المصالح و لإسكات الإنتفاضات المحتملة –حسب زعم بعضهم-. لازلنا نعاني التهميش في بلدنا, لازالت لغتنا تبكي العنصرية و لازال ترابنا يعاني و لازال باب النضال مفتوحا و متاحا, لازال باب التعاون مغلقا و لازالت قراءة اللطيف موجودة و لازالت مخاوف البعض من تفعيل الأمازيغية في بلدنا قائمة. لازال باب النضال مفتوحا مادام المجتمع الأمازيغي مهمشا, مقهورا, مقصيا, و لا يتوفر على أدنى شروط العيش الكريم لازال باب النضال مفتوحا مادامت المرأة الأمازيغية محتقرة, تعمل بجد و لا تستفيد, تتعذب في حياتها من أجل لقمة العيش الضرورية, تغيب اليوم كله و هي تتنقل بين ألوان التعذيب اليومي, فهي إلى رعي الغنم و في تقليب تضاريس وعرة لا يستطيع التجول فيها حتى الرجل الكامل البنية, و هي إلى قطع أميال و أميال من أجل جلب قنينة ماء علها تسد عطشها و عطش أبنائها فأما التصبين و الإستحمام فلم يعد مهما أهمية العتق من الموت عطشا, و هي إلى جلب حطب الطبخ و التدفئة في صراع دائم مع حارس المجال الغابوي الذي حرم عليها ضروريات الحياة بتحريمه وسيلتها الوحيدة للطبخ و التدفئة. لازال باب النضال مفتوحا مادام الهدر المدرسي قائما في المجتمع الأمازيغي بنسبة قاربت المائة بالمائة, حين تجد الطفل بقلب طفل و بنية عجوز و صورة كهل, يتحمل المسؤولية في عمر الزهور ليتجرع مرارة القساوة لعقود من الزمن, حتى لا يفهم في الحياة إلا أنه من تراب و إلى تراب, و أن ليس ثمة حظوظ للظفر بأفضل مستقبل و أجمل حياة و أسعد أسرة, و حتى تصير لقمة العيش شغله الشاغل و يصير الموت عدوه الوحيد و الدائم. لازال باب النضال مفتوحا مادام الأمازيغي يتحاشى التحدث بلغته أمام الملأ, و مادامت السخرية من الأمازيغ موجودة, حينما تلتقي بأمازيغي يتحدث الدارجة المغربية بصعوبة فتغلبه اللكنة الأمازيغية و مع ذلك يخفيها ليوهم الآخر أن اللكنة العربية هي الغالبة و الغافل لا يدرك أن اللكنة عفوية و لا تُخْفى. لازال باب النضال مفتوحا مادام القانون حبيس الرفوف, و الدستور رهين الألسن و النقاشات, و مادام الواقع مريرا و القانون حلما, لازلنا بحاجة لحناجر تسمع أصوات الضعفاء و البؤساء, و لازلنا بأمس الحاجة لأقلام نيرة و مُنوِّرة لا تسعى لنيل الأجر و الشهرة بقدر ما يهمها النهوض بالقضية المحورية, و نصر الحق و إعلاء كلمته و الوقوف ضد التيار الجارف الفاسد الذي ما فتئ يحصد الضمائر المتعطشة و المتحمسة و التي يغلب الحماس و التعطش فيها التريث و التعقل. لازال باب النضال مفتوحا مادام الفقير مستبعدا من كل مبادرة إنسانية, و من كل مشروع تنموي بشري, لأن فقير اليوم هو نفسه فقير الأمس, و لا يختلف الأمس عن اليوم سوى من حيث العدد, فقد فرخ فقراء الأمس فقراء جددا لتزداد المعاناة و تستمر القساوة, و تستمر مشاهد التمثيل البرلماني بأن التنمية في البلاد شاملة, و أن الحقوق مكفولة. لازال باب النضال مفتوحا مادام المناضلون يختلطون بالمرتزقة الذين يركبون فوق قضايا حساسة للمجتمع للوصول إلى أهدافهم السلطوية المقيتة, لأن التعددية الحزبية اليوم ليست تنوعا في الوسائل لتحقيق التنمية و النهوض بالبلاد نحو التقدم و الرقي الذين ينشدهما الشعب, بقدر ما هي تنوع في الوسائل للوصول إلى السلطة و تحقيق أهداف شخصية محضة. لازال باب النضال مفتوحا مادامت المسرحيات السياسية قائمة لتضحك على الذقون و تُضحِك الأعداء في مصير الأمة و الشعب, و لسنا بحاجة إلى تدشين النضال مرة أخرى للدخول فيه لأن الخارجين منه أكبر من الداخلين و كل خارج يترك الباب مفتوحا فاطمئنوا و لا تسعوا إليه جريا و آتوه و عليكم السكينة فما فاتكم فراجعوه و ما أدركتم فأتموا. لازال باب النضال مفتوحا مادامت المعارضة أداة للتهكم و السخرية و لا تعنيها قضايا الأمة بقدر ما يعنيها الأفراد بعينهم, لأن معارضتنا مجرد معارضة للمعارضة فقط, و ليست معارضة لبناء البلد و تشجيع العمل, فأصبحنا نمسي على مسرحيات كارثة إستقلالية تجعل من المغرب أضحوكة يسردها الأعداء لأبنائهم و يسردها الزمن للتاريخ, و نصبح على أهازيج حكومة تتغنى بالرفاهية و التنمية و نحن نتساءل إذا كانت الحكومة تعيش معنا أو أنها في كوكب آخر. لازال باب النضال مفتوحا مادام حقنا مؤدى عنه, و مادامت الخدمات الأساس تباع لنا, و مادام الإستهتار بحيوات الناس و صحتهم قائما, و مادام الإحتقار و التصغير و البغي فإن باب النضال مفتوح, و لسنا في وضع يسمح لنا بالإنسحاب قبل أن نحقق و لو القليل. لازال باب النضال مفتوحا مادام هناك أناس ينحنون لمرتزقة متطفلة تعيش على جهود الآخرين و تمارس السلطوية تعسفا و قسرا, و لن يسد باب النضال مادام الظلم و التكبر على المستضعفين, و مادام الراكبون على القضية العادلة يسعون لنيل مآربهم الشخصية. لازال النضال في بدايته مادامت الحقوق توزع بالجاه و تعطى لغير أهلها و مادام الوعي جريمة يعاقب عليها القانون, و مادامت جهودهم قائمة للنيل من الأحرار و لإسكات النضال, لازال باب النضال مفتوحا مادام من يتغنى بالنضال يتغنى بالعهر و الفساد كذلك, و يخلط الحابل بالنابل و يجمع بين المفاهيم للفت الإنتباه و تحقيق الشهرة, و لازال النضال قائما عندما يستقيل الأحرار الشرفاء من النضال و يتسلم مفاتح بابه الأغبياء من الأشرار. لازال باب النضال مفتوحا مادمت أنت تنتقد نفسك, و مادمت غير راض عن الواقع فمجال النضال لازال بكرا.