بعد ما ألف الصائمون الاسيتيقاظ على نغمات و ايقاعات المسحراتي أو النفار,يقوم بطرق الأبواب و الطواف بين الأزقة و الدروب,لطلب زكاة الفطر من الصائمين , وهي كنوع من التعويض على عمله الذي يقوم به, حيث في الأسحار يتجول في الأحياء بنفاره وحيدا أو مع ابنه أو رفيق له, يطرق الأبواب التي دأب على إيقاظ أهلها عنوة, لتناول وجبة السحور و أداء رغيبة الفجر و فريضة الصبح في وقتها و مع الجماعة... و تنبيههم للاستعداد للصيام,يقرع طبله, وينفخ مزماره,ويرسم خطاه في الطرقات,وينفر نفاره,في الاحياء الراقية و الشعبية,حوله يلتف الاطفال يصيحون وينادون باسماء بعض أهل وساكني البيوت... والذين يرافقونه كل ليلة؛ ليحظون بقرع الطبل بأناملهم الصغيرة مرة أو مرتين والنفار او المزمار ولو مرة في حياتهم... وعلى ضوء مصابيح الإنارة الخافتة،يكسر رتابة الليل الهادىء , ويقطع عن النائمين لذة أحلامهم اللذيذة لتنبيههم لتناول السحور.... وتعد مهنة المسحراتي أو النفار المهنة الوحيدة التي يقوم بها صاحبها شهرا واحدا في السنة , وهي إرث تقليدي و عادة رمضانية تم الحفاظ عنها أبا عن جد, ولم تندثر في المغرب رغم الأجيال المتعاقبة,و عند الإعلان عن عيد الفطر يغيب عن الأنظار ومن الأزقة و الشوارع,في انتظار بلوغ شهر رمضان القادم,, وهي مهمة تقوم على مبدأ التطوع,يشترط في قائمها الخلق الحسن و السلوك الطيب, وطهارة النفس و المواظبة على الصلاة..و لا يزال حاضرا بآلاته سواء النفار أو الغيطة, و المزمار و الطبل, بمفرده وبآلة واحدة, أو مجتمعين يعزفون على عدة آلات, رغم الوسائل الحديثة للاستيقاظ من النوم... بحزن شديد ومع اقتراب انقضاء الشهر ودون ان يخفي هذا الحزن فرحة مرتقبة بضيف جديد و هو عيد الفطر, حيث يجول المسحراتي ليلة العيد في الأحياء و الدروب مهنئا السكان بحلول العيد, فينهالون عليه بالزكاة و الهدايا و العطايا,في جو مليء بالحب و الألفة.. ويجمع ما يجود به الناس عليه من شاي وسكر وما تيسر من المال ومساعدات الساكنة... هي مهنة يجب الحرص والحفاظ عليها من الانقراض و النسيان,فالمسحراتي يتحف النائمين بتراتيل و أنغام وأناشيد يستيقظ على إثرها على مر العصور من نومهم العميق كل ليلة,و إن تقلص دوره في الآونة الاخيرة لانتشار الملاهي و المقاهي و القنوات التلفزيونية...و علينا الحفاظ على هذا الإرث الشعبي و يبقى وجها خالدا و ظاهرة حية في ذاكرة كل المغاربة...