لا إصلاح حقيقي للتعليم دون القطع مع سياسة البنك الدولي. بمجرد صدور تقرير البنك الدولي الأخير عن التعليم ببلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط بدأ كالعادة، الحديث عن أزمة التعليم بالمغرب و ضرورة إصلاحه . و توالت بعد هذا التقرير الصادم لقاءات عديدة تدعو إلى ضرورة تشخيص الوضع التعليمي من جديد و الإتيان بمخطط أو مشروع مدرسة مغربية جديدة . ومرة أخرى ، نجد أنفسنا أمام مقاربة "إصلاحية"متحكم فيها و محددة سلفا ، الشيء الذي سيجعل من المشاورات الجارية ، لقاءات لهدر الوقت والطاقة، لن تجد خلاصاتها صدى في التنفيذ ... - التشاور وإشراك المعنيين المباشريين بالمدرسة العمومية عامل حاسم في أي إصلاح أو أي تغيير لمنظومة التعليم ، لذا يلزم توفير الشروط الملائمة لهذا التشاور. المدة المحددة للتشاور الجاري حول التعليم غيركافية وضمانات تنفيذ الخلاصات منعدمة وخصوصا أن عملية تجميع المعطيات والتقارير ستتم من طرف واحد . - هل سيقتصر التشاور على الأمور الجزئية ؟ نعتقد أن الإصلاح الحقيقي للتعليم يقتضي تغييرا جوهريا يتجاوز الخطوط الحمراء غير الواردة بالورقة التأطيرية الخاصة باللقاءات التشاورية،على سبيل المثال : مجانية التعليم وإلغاء الخوصصة وضمان حق الشغل لتحويل المدرسة إلى مركز جذب حقيقي للمتعلمين والمتعلمات.هذه النقط ستجعلنا نناقش سياسة البنك الدولي والديون . - من سيدفع فاتورة هذا الإصلاح ؟ أليس المتهم الأول هو الفاعل التربوي وهذا ما يصرح به رسميا أو بشكل غير مباشر من طرف وزراء التربية الوطنية وتقرير المجلس الأعلى للتعليم شاهد على ذلك. بدون القطع مع السياسات التي ترى في ضرب مقومات استقرار الشغيلة هي السبيل لبناء مدرسة جديدة، يصعب الحديث عن مشاورات جدية تهدف إلى إصلاح حقيقي . - تعارض المسؤولين ومصالح الشعب يعيق أي تشاور في اتجاه يخدم أنصار المدرسة العمومية: نحن نتشبث بالترسيم والترقية والاستقرار في العمل، فيما الدولة تدعو للعمل بالعقدة وإعادة الانتشار. نحن نتشبث بالمجانية والدولة ترفضها. نحن نتشبث بتوحيد التعليم والدولة ترفضه. نحن نتشبت بالديمقراطية والاستقلالية في القرار السياسي والدولة تلجأ للدوائر المالية العالمية. إن تحديد المبادئ العامة للتعليم هو مفتاح الإصلاح : لنتشاور ونتفق حول المبادئ العامة، وبعد ذلك يسهل تحديد الجزئيات. ليس لنا أي وهم بان الدولة المغربية وحكومة الواجهة سيقومان بهذا التشاور لأن الأمر متعلق بمنظورين متناقضين للإصلاح: منظور يطمح إلى توزيع المعرفة بشكل عادل على كافة شرائح الشعب المغربي، ومنظور آخر يطمح إلى احتكار المعرفة . لفهم مايجرى بقطاع التعليم من إقرار بأزمته ومشاورات حول منظومته، لابد من استحضار السياق الدولي والوطني . فمبادرة التشاور هاته، تندرج في إطار مجموعة من التقارير والبيانات والتصريحات لصانعي القرار السياسي والتعليمي الذي يخص المغرب، ممثلي المؤسسات المالية العالمية وأساسا البنك الدولي. أليس البنك الدولي هو المسؤول الأول عن تخريب التعليم العمومي منذ عقود؟ أليس البنك الدولي هو من وضع سياسة التقويم الهيكلي في كافة القطاعات الاجتماعية بالمغرب منذ بداية الثمانينات؟ أليس البنك الدولي هو من وضع خارطة طريق ميثاق التربية والتكوين والمخطط الاستعجالي؟... من افسدوا التعليم لايمكن أن يصلحوه ! هل سيتم إصلاح التعليم بمعزل عن التوجهات العامة لسياسة الدولة في تدبير الشأن العام ؟ طبعا لا . الدولة المغربية ستعمل على "إصلاح" النظام التعليمي وفق منظور شمولي ينسجم مع المخططات الطبقية الجاري تطبيقها من قبيل تجريم حق الإضراب، وحق التظاهر، وتفكيك صندوق المقاصة وصندوق التقاعد، وتوسيع دائرة الهشاشة وضرب استقرار الشغل، ودعم القطاع الخاص وخوصصة الخدمات، وخدمة الدين الخارجي . والآن وبعد تمرير قانون الإضراب عمليا وتجريم حق التظاهر، أصبحت الشروط مواتية لتمرير كل البنود الواردة بالميثاق بما فيها التي لقيت رفض الجميع، والبنك العالمي مستعد لتقديم الديون لتنفيذ سياسته، حتى إن تطلب ذلك ارشاء جزء من الشغيلة واستعمالها ضد معارضي تفكيك التعليم العمومي. المراسل:ع عبدو