بيان فرنسي ألماني مشترك يطالب بانتقال سلمي شامل في سوريا    وقفات مغربية تواصل دعم فلسطين    شرطة الرباط تحقق في وفاة موقوف    الكونغو الديمقراطية.. 1267 حالة وفاة ناجمة عن جدري القردة في سنة 2024    ميناء طانطان.. انخفاض كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 46 بالمائة عند متم نونبر 2024    مكتب الصرف يُصدر دورية تنصّ على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    وزير الفلاحة يستقبل مهنيي قطاع الدواجن لمناقشة التحديات وتعزيز السيادة الغذائية    دراسة تحدد النوع الأساسي لمرض الربو لدى الأطفال    نقابيو "سامير" يستعجلون موقف الحكومة النهائي بشأن المصفاة    "التجديد الطلابي" تستنكر المواجهات المواجهات الطلابية العنيفة في كلية تطوان    ظهور حالات إصابة بمرض الحصبة داخل السجن المحلي طنجة 2    بعد تداول وثيقة تاريخية تثبت مغربية تندوف ..أصوات تطالب فرنسا بالإفراج على جميع الوثائق التاريخية للمغرب    رئيس الجهة الشرقية السابق متهم بفبركة شجار للضغط على زوجته    مروحية البحرية الملكية تنقذ مريضا على بعد 111 كيلومترا من السواحل المغربية    وفاة الكاتب البريطاني ديفيد لودج عن 89 عاما    ساركوزي ووزراء سابقين أمام المحكمة    عبد الصادق: مواجهة ماميلودي مصيرية    "فيلود": مواجهة مانيما تتطلب الحذر    الفنانة المغربية سامية دالي تطلق أغنيتها الجديدة «حرام عليك»    تارودانت تحتضن النسخة الثالثة للمهرجان الدولي لفنون الشارع    المطالبون بالحق المدني ضحايا الريسوني وبوعشرين يشرعون في مسطرة تنفيذ الأحكام المدنية    مؤسسة وسيط المملكة تتلقى 7226 ملفا خلال سنة 2023    الصويرة تستضيف المخرج والفنان المغربي ادريس الروخ في الملتقى السينمائي السادس    الوداد يسافر إلى تطوان عبر البراق لملاقاة المغرب التطواني    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مقتل عشرات الفلسطينيين بينهم قائد الشرطة التابعة لحماس في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    "آبل" تدفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية حول التنصت على محادثات خاصة للمستخدمين    تتقدمهم كربوبي.. خمسة حكام مغاربة لإدارة مباريات "الشان"    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    أيت منا يجدد الثقة في موكوينا ويمنحه 3 مباريات للاستمرار في تدريب الوداد البيضاوي    الوداد لمداواة الجراح أمام "الماط" وقمة ملتهبة بين تواركة و"الماص"    وزير العدل يقاضي صحافي    توقيف "طبيب نفساني" متورط في عمليات اغتصاب بمركز للمعوقين في بلجيكا    الوزير مزور ينفي وجود خلاف أو توتر بينه وبين نواب حزب الاستقلال    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب باماكو تأهبا لمواجهة الملعب المالي    الذهب يرتفع بدعم من الطلب على الملاذ الآمن    2025: عام الاعتراف الدولي النهائي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية    الHCP: واردات المغرب تنخفض ب1.6% والصادرات تسجل ارتفاعاً ب0.5%    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    الودائع البنكية تتجاوز 1.225 مليار..    باب برد وإساكن.. المرتفعات الجبلية لجوهرة الريف تتزين برداء أبيض ناصع    الصين: مطارا شانغهاي يسجلان أكثر من 124 مليون رحلة ركاب في 2024    نهضة بركان يجدد عقدي لبحري وخيري لموسمين    كيوسك الجمعة | الحكومة تكشف أسرار المفتشية العامة للمالية بعد 65 سنة من تأسيسها    غابة الأمازون البرازيلية سجلت في 2024 أكبر عدد من الحرائق منذ 17 عاما    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    سقوط طائرة ركاب في كازاخستان    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغشاشون في قفص الاتهام
نشر في أزيلال أون لاين يوم 23 - 03 - 2014

حينما يذكر موضوع الغش غالبا ما يذكر مقرونا بلفظ آخر فيقال "الغش في الامتحان"، ويشار بذلك إلى ظاهرة مرضية تكاد تشل نظامنا التعليمي بجميع مستوياته؛ من الصفوف الابتدائية إلى أعلى مستويات الجامعة، بما في ذلك بحوث الدكتوراه، وكلما ذكر الموضوع يشار بالبنان مباشرة إلى المرتكب المباشر للفعل الذي هو التلميذ أو الطالب، ولكن هل هذان فعلا هما الغشاشان الحقيقيان اللذان ينبغي أن يوجه إليهما اللوم والعتاب والعقاب؛ ويقصر البحث عن حل للظاهرة بين هذين الطرفين دون سواهما، كما يفعل الآن؟ أليس في المسألة متدخلون حقيقيون ينبغي أن توجه إليهم الأصابع قبل غيرهم؟ ألا يكون قصر الظاهرة على التلميذ والطالب تهريبا للمشكل وإخفاء للغشاشين الحقيقيين؟
ما نشهده اليوم في مدارسنا وجامعاتنا لا يعدو أن يكون نتيجة عرضية تخفي وراءها ركاما من العاهات والأمراض المستديمة التي أوصلت جيلنا المعاصر إلى هذه الحالة المزمنة، حتى صار المتفوقون أنفسهم برغم تفوقهم يخولون لذاتهم بين حين وآخر دخول مغامرة الغش والانضمام إلى زمرة الغشاشين!
هل يعقل أن يقضي المتعلم سنوات عديدة يحمل ما يحمل من أثقال الإرث الاجتماعي وأعطاب المنظومة التعليمية؛ ثم نسائله ونحاسبه وحده، دون رحمة، كأنه الجاني الحقيقي الذي أراد من تلقاء نفسه أن يفعل فعلته وفي الإمكان غير ذلك؟
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد أسرة قدمت استقالتها الجماعية من تربية الأبناء وتحمل المسؤولية؟
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد أب لا يحمل من والده إلى جينات الوراثة والدم
متعلم اليوم أيها السادة؛ لا يراه والده أسبوعا وربما شهرا وربما أكثر من ذلك... وهما يقيمان في ذات البيت
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد أم تضخم عندها حب وليدها؛ فحرمه حبها من حق التأديب والتعليم بين يدي مربيه.
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد أم شغلها الشاغل مع الموضات والأفرشة والألبسة وحلقات "خلود" وأخواتها.
متعلم اليوم أيها السادة؛ ضاعت منه حصانة الجد والجدة، والعم والعمة، والخال والخالة، ورجال الحي والقبيلة ...
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد مقررات جوفاء خاوية على عروشها لا تسمن ولا تغني من جوع.
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد مجتمع ضاعت فيه قيمة الحياء، وقيمة الوفاء، وقيمة الإخاء ...
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد سلسلات من الرسوم المتحركة المنتجة هناك؛ وما أدراكم ما هناك، سلسلات تملأ عقل الناشئة عنفا وثقافة جنسية مشوهة ...
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد مرب أضاع الأمانة، وطغت عنده منظومة الحقوق وتضخمت ولم يعد يرى أمام عينه مقابلها منظومة الواجبات.
متعلم اليوم أيها السادة؛ وليد سلسلة من التجارب في البرامج والمقررات الفاشلة، بل وليد مخططات تجهيل وتسطيح .. عن وعي وإدراك.
كل ذلك؛ دون أن ننسى التذكير بأن الغش ليس مجاله مقاعد الدرس والتحصيل فقط، بل الغشاشون يقتحمون كل مجالات الحياة.
غير أننا حين نقول ما نقول عن تحويل المتعلم الضحية إلى متهم حقيقي؛ لا نسوغ له بذلك أفعاله، ولا ندعو إلى التسليم له بالغش والنقل؛ ولكن الذي نريده من ذلك؛ أن يكون حرصنا على منعه من الغش؛ يقابله نظرة أخرى هي نظرة الإشفاق وليس الازدراء والاحتقار كما نراها عند كثير من المتحدثين عن الظاهرة بين صفوف المتعلمين. وحتى ندعو الباحثين عن علاج الظاهرة إلى بحثها في مظانها الأصلية، بدل البحث في النتيجة.
ثم إن هناك تنبيها آخر تلزم الإشارة إليه، وهو أن حديثي عن المتدخلين السابقين في تحويل الغش بين المتعلمين إلى ظاهرة مرضية ليس محمولا على الإطلاق والتعليم، فكثير من الأطراف السابقة الذكر تؤدي وظائفها، وتقوم بواجبها أحسن قيام، ولكن غلبة الحق على الباطل هو الذي أنتج ما أنتج، وألزم المتحدث بقول الحق وإن كان بطعم العلقم، ولئن كان الدواء مرا في أغلب الأحيان، فالأمراض أشد مرارة منه.
الجمعة 19 جمادى الأولى 1435 الموافق 21 مارس 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.