صولا وديبورا يهوديتان مغربيتان من اليهود القلائل الذين تشبثوا بالبقاء ببني ملال ورفضواعملية الترحيل التي حملت معظم العائلات اليهودية المغربية في بداية الستينيات الى فلسطينالمحتلة. صولا بقيت رفقة عائلتها التي تبنت ديبورا المعاقة ذهنيا بعد رحيل عائلتها، وهي عائلة جاءت من يهود واويزغت، ماتت والدة صولا وأبوها إيدان، وبقيت وحيدة في المنزل الكائن بالزنقة 07 رقم 3 حي المقاومة بالمدينة القديمة رفقة المعاقة ديبورا، حيث كانتا تزوران العمة إيزة الزوجة الثانية لليوي أزولاي الذي كان من امهر صانعي القرشال بالمنطقة والذي له أولاد من الزوجة الاولى بأوربا أحدهم مدير بمطار أورلي بفرنسا، ورغم فخامة إقامة ابنهما ورغد عيشه، فقد رفضا العيش معه بفرنسا، وعادا لبني ملال بعد قضاء أقل من شهر هناك، مات ليوي ازولاي وبقيت ايزة زوجته وعمة صولا في منزلها بزنقة الهرية وحيدة، وحين اشتد بها المرض، اغلقت باب منزلها بإحكام بإسناده بعمود كبير من الداخل حتى يصعب فتحه لتموت منعزلة احتجاجا على ما أصبحت تشعر به من تهميش بعد وفاة زوجها، وفي اليوم الثاني تنبهت الاسرة المسلمة المجاورة لعدم خروجها، فتم تكسير الباب ليجدوا الجارة اليهودية إيزة فوق سريرها في حالة احتضار، وبعد إبلاغ صولا وخالها يعقوب اللذين حضرا وتم نقل ايزة الى الدارالبيضاء، حيث توفيت في الطريق. توفي كذلك الخال يعقوب وبقيت من العائلة صولا التي تمسكت بحب بني ملال ورفضت الالتحاق بما تبقى من العائلة الذين استقروا بالدارالبيضاء، بقيت رفقة ديبورا المعاقة يعيشان وحيدتان، وبعد مرض صولا وترددها على الطبيب بالدارالبيضاء من حين لاخر، انقطعت اخبارها هي وديبورا منذ حوالي 4 اشهر، لم يراهما الجيران الذين اعتقدوا انهما استقرتا بالبيضاء او سافرتا الى فلسطينالمحتلة (اسرائيل). تنبهت ادارة الجمعية اليهودية بالدارالبيضاء لعدم صرف صولا للحوالات/الاعانات التي كانت تبعث لصولاّ، فتم الاتصال ببني ملال، حيث أبلغوا انهما غير موجودتين وان المنزل مغلق منذ 4 اشهر. صبيحة يوم الأربعاء 15-01-2014، حضر الى المنزل الذي تقطنه صولا وديبورا مبعوثين من الجمعية اليهودية بالدارالبيضاء ومختلف مسؤولي السلطات ببني ملال، وبعد جهد كبير تم تكسير باب المنزل الذي كان محكم الاغلاق باكثر من ثلاثة اقفال حديدية، تم العثور على جثتي صولا وديبورا في حالة جد متقدمة من التحلل، وبعد تحريات الشرطة العلمية والقضائية والاستعلاماتية، لاحظوا عدم وجود اثار عنف او كسر او تمزيق للثياب، كما وجدوا حليهم ومجوهراتهم وجثة القط كذلك، فتم نقل الجثتين للتشريح بالمستشفى الجهوي ببني ملال، حيث قام الاطباء والشرطة العلمية بأخذ عينات من أعضاء مختلفة من الجثتين ليتم تحليلهما في المختبرات الجنائية بالدارالبيضاء على احتمال تناولهما لمادة سامة. جدير بالاشارة انه اثناء اخراج الجثتين من المنزل، أنشد الجيران بشكل جنائزي: هذه ساعة من ساعات الله، مما جعل البعض يحكي لحظة ترحيلهم في بداية الستينات، حيث كان البكاء مشتركا مع الجيران لحظة الفراق. ومهما تكن نتائج التشريح حول تناول مواد سامة كسبب للوفاة، فالاكيد ان صولا البالغة من العمر 63 سنة، وابنتها او اختها بالتبني ديبورا المعاقة البالغة من العمر 50 سنة، فانهما عاشتا مرتبطتين، ولا يمكن لصولا الانيقة العازبة أن تترك ديبورا لوحدها بعد أن اصابها المرض وخوفها من ان تموت وتترك ديبورا للمجهول، خصوصا ان حبها لمدينتها بني ملال ورفضهما الرحيل الى فلسطين او على الاقل الدارالبيضاء، جعلها في وضع هامشي داخل التراتب اليهودي نفسه، مما يجعل فرضية الانتحار واردة كحل لعدم ترك ديبورا التي لا يمكنها العيش بدون صولا. إنها فعلا حادثة مؤلمة أعادت من جديد الى سكان المدينة حياة العائلات اليهودية المشتركة مع العائلات المسلمة في اغلب الاحياء، لانه لم يكن هناك ملاح مغلق، قبل عملية التهجير التي يذكر الكل انها كانت قسرية. ورغم مرور أكثر من 6 عقود، لازال اليهود المغاربة الذين هاجروا او هجروا الى فلسطينالمحتلة يشكلون مادة للكثير من الكتابات تكشف عن تنفيذ مخطط للموساد، بلجوئه لعمليات اغتيال يهود مغاربة للضغط على الملك الحسن الثاني من جهة، ولترهيب اليهود من جهة اخرى، وكان آخر هذه الاصدارات هو كتاب“ إسرائيل على المقاس ” للكاتب اليهودي“أفي بيكارد”، كما كشف عدة مؤرخين يهود أن الموساد الإسرائيلي وأمام المنع المغربي لهجرة اليهود إلى إسرائيل، أن الموساد نفذ مخططات وعمليات قتل فيها يهود مغاربة داخل المغرب في محاولة لتأليب الرأي العام العالمي على الحسن الثاني الذي كان يرفض هجرة اليهود المغاربة والضغط عليه للسماح بتهجير اليهود إلى إسرائيل. وكشف المؤرخ “بار إيلان” في بحثته الذي نشرته الصحفية الإسرائيلية “يديعوت أحرنوت” أن عملاء الموساد قتلوا يهود مغاربة داخل السجون المغربية بأوامر أعطيت من رئيس الموساد الذي كان يقول لهم أن القضية اليهودية تحتاج ل”شهداء يهود” ذ.محمد الحجام مدير نشر جريدة ملفات تادلة