عندما وصلنا إلى الحقل، بدأ عبد الله في توزيع الأدوار علينا... كانت مهمتي حمل الصناديق لترتيبها وسط شاحنة كبيرة.. لم يمض سوى وقت قصير حتى بدأ التعب يتسلل إلي، مرات كثيرة تعثرت وكدت أن أسقط أرضا... حاولت أن أتماسك لكي لا أظهر بأنني متعب... عند الساعة الواحدة زوالا حان وقت الغذاء، فرصة مناسبة لأخذ قسط من الراحة... تحت ظل شجرة أكلت غذائي كنت أشعر بجوع شديد... بعد ساعة من الإستراحة سمعت عبد الله ينادي كل واحد لكي نقوم بإتمام العمل... أحاول الصمود، أحس وكأن ظهري قد إنقسم نصفين، بعد إيصال الصناديق أتنفس نفسا عميقا... وأجفف العرق الذي يتصبب من جبيني وأمسح الغبار عن وجهي... وأعود مجددا لأقطع مسافة طويلة لحمل الصناديق الممتلئة... عبد الله يراقبني بنظراته يبدو أنه قد لاحظ أنني لست متعودا على العمل.. تظاهرت بأنني لم ألق له بالا السادسة مساء إنتهينا ... ذهبت إلى صهريج نزعت القفازات غسلت يدي ووجهي وتوجهت نحو السيارة... نظرت إلى العمال الآخرين يتجاذبون أطراف الحديث فيما بينهم... كنا قد شحنا ثلاث شاحنات، عبد الله يتحدث مع أحد السائقين.. بعد دقائق إلتحق بنا، وفتح لنا سيارته وإنطلق بنا في إتجاه المدينة... في طريقنا أبدى لي ملاحظاته، أجبته بأنها أول مرة أزاول فيها هذا العمل... فقال لي : لا عليك لكن يجب أن تتحسن وإلا المعذرة سأضطر لإيقافك... قلت له : إن شاء الله... كنت متوقعا أن جوابه سيكون كذلك بدا لي لطيفا، على الأقل قرر أن يعطيني مهلة قبل الإيقاف وصلنا إلى وسط المدينة قال لي : نلتقي غدا في نفس التوقيت أجبته : بإذن الله وشكرته، ودعني رفاق العمل ومضيت نحو البيت... لما دخلت وضعت أشيائي في الغرفة وذهبت للحمام، ونزعت ثيابي التي علق بها الكثير من الغبار... وتركت الماء الساخن ينساب على جسدي ودعكت أطرافي... خرجت وإستلقيت فوق السرير كنت منهكا أشد الإنهاك... إسترحت لبعض الوقت، النوم يغلبني، يجب أن أصلي العشاء وأنام بعدها... أكلت طعاما جاهزا إشتريته من مطعم للأتراك... بعد الصلاة توجهت للسرير وضعت رأسي فوق الوسادة وأنا أفكر فيما سيحدث في اليوم الموالي. مصطفى أوخريب