أفق و مستقبل العلمانية في العالم العربي:...2 (3 واحتضان أدلجة الدين الإسلامي، التي تقف أمام إشاعة الإرهاب المادي، والمعنوي، في كل بقاع الأرض، لا تأتي هكذا، وبرغبة من الأنظمة الاستبدادية القائمة في البلاد العربية، أو برغبة من الشعوب العربية، بل إن ذلك الاحتضان من قبل الأنظمة الاستبدادية، ومن قبل الشعوب العربية، هو نتيجة لقيام شروط موضوعية منتجة بالضرورة لتلك الأدلجة. و من هذه الشروط نجد: أ- انتشار الأمية بشكل مهول في المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج، خاصة، وأن السائد، والمتداول بين الناس، هو أن الأمية اختيار فردي، وليس نتيجة لممارسة سياسية معينة. وهو أمر يكرس التضليل من أجل إبعاد التهمة عن الطبقات الحاكمة في البلاد العربية، التي تتحمل مسؤولية فرض تكريس اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية، تكرس الحرمان من مختلف الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي يأتي في إطارها الحرمان من الحق في التعلم، مما يؤدي إلى انتشار الأمية الأبجدية، بالخصوص، بين العرب، وخاصة في صفوف النساء، وهو ما يفرض أن تصير قطاعات عريضة، من الشعوب العربية، محتضنة لأدلجة الدين الإسلامي، على أنها هي الدين الإسلامي الحقيقي، تماما كما تفعل الأنظمة العربية القائمة، الخاضعة لأدلجة الدين الإسلامي، والراعية لها، باعتبارها تخدم مصالح الطبقات الحاكمة في البلاد العربية، والحامية لتلك المصالح. ب- انتشار البطالة في صفوف العاطلين، والمعطلين، بسبب طبيعة الطبقة الرأسمالية التبعية، التي تحكم كل بلد من البلاد العربية، وبسبب سعي تلك الطبقة المتواصل، في اتجاه مضاعفة استغلالها، لإحداث تراكم هائل في ثرواتها، ولخدمة مصالح الرأسمال العالمي، من خلال خدمة الدين الخارجي من جهة، وخدمة مصالح الشركات العابرة للقارات من جهة أخرى. وهذا الاستغلال المزدوج للكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، لا يؤدي بالضرورة إلى إحداث تنمية حقيقية، تؤدي بالضرورة إلى تشغيل العاطلين، والمعطلين من خريجي الجامعات والمعاهد، والمدارس العليا، ومدارس التأهيل والتكوين، نظرا لطبيعة العقلية الاستغلالية الهمجية، ولطبيعة الرأسمالية العالمية، في نفس الوقت، التي لا يهمها إلا ما تنهبه من خيرات الشعوب، دون أن تقدم على تقديم أية خدمة لهذه الشعوب، كتشغيل عاطليها على سبيل المثال. وانطلاقا من طبيعة الاختيارات المتبعة، فإن العطالة تزداد انتشارا في البلاد العربية، وستقف تلك العطالة وراء قيام أزمات أخرى، ووراء انتشار المزيد من الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وسيصير المجال العربي، من المحيط إلى الخليج، أكثر احتضانا لأدلجة الدين الإسلامي، وأكثر تشجيعا لتلك الأدلجة، وأكثر استجابة للتجييش وراء أدلجة الدين الإسلامي، وأكثر إنتاجا للإرهاب المادي، والمعنوي، وفي أفق تعميق الاستبداد القائم، أو ترجيح فرض استبداد بديل أكثر تخلفا، وأكثر عداء للعلمانية، وللدولة المدنية الديمقراطية. ج- تفاقم الأزمات الاجتماعية الأخرى، كأزمة التعليم، والصحة، والسكن، وغيرها من الأزمات، التي تترتب عن الالتزام بتوجيهات، وتعليمات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، وبخوصصة القطاع العام، وبسيطرة الشركات العابرة للقارات على المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية الأساسية، وبتحكم الرأسمال العالمي في مصير الشعوب العربية، مما يجعل الأزمات الاجتماعية تزداد حدة، نظرا للتفاوت الطبقي، الصارخ، بين الطبقات المستفيدة من الاستغلال المادي، والمعنوي. ولعجز السياسات المتبعة في البلاد العربية، عن إيجاد حلول جذرية، للمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، نظرا لالتزامها بتعليمات، وتوجيهات صندوق النقد الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، ولوقوعها تحت تأثير الرأسمالية العالمية. ولذلك، فالأزمات الاجتماعية الحادة، لا تزداد إلا حدة، مما يعطي الفرصة أمام إمكانية تغلغل أدلجة الدين الإسلامي في النسيج الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، لتكريس المزيد من التضليل، ولجعل الجماهير الشعبية الكادحة تنتظر المعجزة من وصول مؤدلجي الدين الإسلامي إلى مراكز القرار، ومنها إلى السيطرة على السلطة، لوضع حد لسيادة أنظمة مؤدلجة للدين الإسلامي، ومدعية لممارسة الحكم العلماني في نفس الوقت. د- طبيعة البرامج التعليمية المتبعة في البلاد العربية، والتي روعي في إيجادها أن تؤدي إلى: أولا : إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تضمن تأبيد السيطرة الطبقية للطبقات الحاكمة، وحتى تقوم بدورها كاملا في إعداد الأجيال الصاعدة، لتقبل الاختيارات الرأسمالية التبعية، ولاعتبار الحرمان من الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، قدرا إلهيا. ولجعل الشعوب العربية تتعامل مع أدلجة الدين الرسمية، وغير الرسمية، على أنها هي الدين عينه، فتنساق وراء المؤدلجين، وتتجيش للانقضاض على العلمانيين، ومصادرة حقهم في الحياة، وفي التواجد في الواقع، كبشر، لهم الحق في ذلك. ثانيا : إعداد الأطر المؤدلجة للدين، والتي يعتبر إعدادها شرطا لخدمة الأهداف، والغايات الكبرى للطبقات الحاكمة، حتى تطمئن هذه الطبقات على مستقبلها، وعلى شرعية حكمها، وحتى يصير التعليم في البلاد العربية وسيلة من وسائل تحقيق السيطرة الإيديولوجية على الشعوب العربية، وحتى يتحول إلى وسيلة ناجعة لمصادرة الفكر العلماني من الواقع في تجلياته المختلفة، وحتى تجعل تلك الأجيال الصاعدة التي تنشأ على أدلجة الدين الإسلامي تكتسب مناعة ضد العلمانية. ثالثا : تربية الأجيال الصاعدة على تعظيم الحضارة الغربية، التي تصير مثالا يقتدى به، وعلى جعل الغرب ملاذا للهروب من كل المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وجعل الهروب إلى الغرب حلما تعمل على تحقيقه الأجيال المتعاقبة، بسبب انعدام عوامل الاستقرار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي في البلاد العربية. و قد يقول قائل: ولماذا الهروب إلى الغرب، والغرب يعتبر عدوا، وكافرا، بالنسبة لمؤدلجي الدين، فنرد بأن مؤدلجي الدين، هم أول من يحلم بذلك، وأول من يهاجر، وأول من يستغل تواجده في الغرب من أجل إثراء أدلجته للدين، ومن أجل سعيه إلى العمل على فرض استبداد بديل، ليس على البلاد التي هاجر منها فقط، وإنما على الغرب نفسه، الذي يعمل على تعميم فهمه للعلمانية، من منظوره الرأسمالي على العالم أجمع. ولذلك، فإعداد الأجيال لتعظيم الغرب، وجعله ملاذا للهجرة، وحلما، لا يخدم في العمق إلا مصلحة الطبقات الحاكمة، التي تتخلص من الأجيال الصاعدة من جهة، ومصلحة مؤدلجي الدين الذين يعتبرون الهجرة إلى الغرب وسيلة للاستقواء المادي، والمعنوي، والتنظيمي من جهة أخرى، ومناسبة لنسج العلاقات مع تنظيمات مؤدلجي الدين على المستوى العالمي، ومصلحة النظام الرأسمالي العالمي، الذي يستغل المهاجرين أبشع استغلال، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل مضاعفة التراكم الرأسمالي العالمي. وهكذا، نجد أن البرامج التعليمية القائمة لا يمكن أن تؤدي إلا إلى إنتاج نفس الاختيارات الرأسمالية التبعية، الرجعية، المتخلفة، والمؤدلجة للدين الإسلامي، ولا يمكن أبدا أن تخدم قيام اختيارات شعبية، وديمقراطية، ولا يمكن أن تؤدي إلى سيادة العلمانية، وقيام المجتمع المدني الديمقراطي. وإلا فإن البرامج التعليمية، ستتناقض مع الأهداف، والمرامي، والغايات، التي تحددها الطبقات الحاكمة، في البلاد العربية، انطلاقا من توجيهات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى. رابعا: غياب الديمقراطية بمضمونها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، في جميع البلاد العربية. وغياب الديمقراطية، بالنسبة إلينا، لا يعني إلا حرمان الشعب من حقه في اختيار المؤسسات التمثيلية الحقيقية، التي تعكس احترام إرادة الشعب، في كل بلد عربي. تلك المؤسسات، التي تعمل على تكوين حكومة من أغلبيتها، تقوم بتنفيذ برنامج تلك الأغلبية، الذي اختاره الشعب. وبالعمل على تطبيق القوانين المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، الصادرة عن المؤسسات التشريعية في البلاد العربية، والحكومة بذلك تعمل على أجرأة المضامين الديمقراطية، التي ترى نفسها أهلا لتمتيع الشعوب العربية بها حتى تتحقق إنسانية تلك الشعوب، وحتى تشعر بأنها تستطيع، وبواسطة الديمقراطية، أن تقرر مصيرها بنفسها. و بما أن الأنظمة القائمة في البلاد العربية هي أنظمة استبدادية، فإننا نستطيع القول، بأن البلاد العربية تعاني من استبداد هذه الأنظمة، التي تعتبر أن ممارسة الديمقراطية، هي ممارسة تتناقض مع مصالحها، وإذا سمحت بما نسميه بديمقراطية الواجهة، فلأجل حماية مصالحها، في إطار علاقتها مع المؤسسات المالية الدولية، ومع الدول الرأسمالية العالمية. وهذا الحرمان الذي اتخذ طابع التأبيد من قبل الأنظمة الاستبدادية، يقتضي الفضح، والتعرية، وتوعية الجماهير الشعبية الكادحة بضرورة الانخراط في ذلك، والنضال من أجل ديمقراطية حقيقية، تضمن التمتع بالحرية، وبالعدالة الاجتماعية. لأن الديمقراطية بدون ذلك، لا يمكن أن تكون إلا ديمقراطية تلميع الواجهة. وهذه الشروط، وغيرها، مما لم نذكر، والتي يكمل بعضها بعضا، هي التي تفرز، وبشكل تلقائي حرص الأنظمة على تكريس أدلجة الدين، وقبول الشعوب باحتضان تلك الأدلجة، التي تصير جزءا لا يتجزأ من حياة الناس، إلى درجة تحول تلك الأدلجة إلى حصانة ضد العلمانية، وضد الدولة المدنية، وضد الديمقراطية، لتصير أدلجة الدين هي المخرج من التخلف، الذي يحال أمر النظر فيه إلى الدولة الدينية، التي لها الأمر من قبل، ومن بعد، وما على الشعوب العربية إلا أن تتجيش وراء الدولة الدينية، أو وراء من يسعى إلى إقامة الدولة الدينية. 4) والمخرج من ازدواجية الأنظمة، والشعوب، فيما يخص الموقف من العلمانية يقتضي: أ- تخلي الدول العربية، وبصفة نهائية، عن أدلجة الدين، الذي يعطى الفرصة للجوء توجهات معينة، إلى نفس الأدلجة، للتجييش الجماهير الشعبية الكادحة، من أجل الوصول إلى استبداد جديد، وتخلي الدولة عن أدلجة الدين الإسلامي يقتضي كذلك التخلص مما تسميه هذه الدول ب"تطبيق الشريعة الإسلامية"، التي ليست إلا وسيلة من وسائل فرض الاستبداد المادي، والمعنوي، باسم الدين، وأن تترك التشريعات تأخذ مجراها، بعيدا عن المرجعية المؤدلجة للدين الإسلامي، حتى تأخذ التشريعات المعاصرة مجراها، وفق ما يقتضيه الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، المتحول باستمرار، وحتى تكون تلك التشريعات متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، حتى تساير تلك التشريعات ما يقتضيه العصر، الذي تعيشه الدول والشعوب على السواء. وتخلي الدول عن أدلجة الدين، يقتضي كذلك تجريم تلك الأدلجة، حماية للدين، وإبعادا له عن الإقحام في الأمور السياسية، التي تعتبر مجالا للصراع بين الطبقات الاجتماعية، ومجالا كذلك للمنافسة بين الأحزاب السياسية، من أجل الوصول إلى المؤسسات التمثيلية، وإلى ممارسة السلطة. وتجريم أدلجة الدين صار ضرورة تاريخية، نظرا لصيرورة هذه الأدلجة موضة للعصر، ووسيلة من وسائل العمل على السيطرة على أجهزة الدولة، في أفق تحويلها إلى دولة دينية. وهذه الضرورة تقتضيها حماية الدين نفسه الذي يريد له المؤدلجون أن يتحول إلى مجرد سيف لقطع الرقاب، والأيدي، والأرجل، كما يحصل في العديد من الدول العربية. وخاصة تلك التي تدعي أنها دول إسلامية، و كما يحصل على أيدي مؤدلجي الدين، الذين يسعون إلى السيطرة على أجهزة الدول العربية، لتوظيفها لقطع رؤوس كل العلمانيين، إن لم يعلنوا "توبتهم" عن ارتكاب جريرة الاقتناع بالعلمانية، وبالنضال من أجل الحرية، و الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. ب- نهج ممارسة ديمقراطية حقيقية، تكون فيها الكلمة للشعوب العربية، الذين يستطيعون تقرير مصيرهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، ويعملون على دعم بناء دولة مدنية، بمؤسسات تنفيذية، وتشريعية، وقضائية مستقلة عن بعضها البعض، وبقوانين متلائمة مع الواقع المتحول، و المتطور من جهة، ومع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من جهة أخرى. ونهج الممارسة الديمقراطية، يقتضي إيجاد حكومة ائتلافية وطنية، في كل بلد عربي، تكون مهمتها الأساسية إيجاد حلول للمشاكل، والمعضلات القائمة في كل بلد عربي على حدة، وانتخاب مجلس تأسيسي، يضع دستورا ديمقراطيا متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وسن القوانين، والتشريعات، التي لا يتم لاستناد فيها إلا إلى الواقع، وإلى المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي أفق عرض مشروع الدستور الديمقراطي إلى المناقشة الشعبية الواسعة، قبل القيام بالصياغة النهائية التي تعرض على الاستفتاء الشعبي، وبعد ذلك القيام بانتخاب مؤسسات ، تكون مهمتها إفراز حكومة من أغلبياتها، ووضع التشريعات المتلائمة مع الواقع، ومع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، ومن قيام حياة اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، تستجيب لارادة الشعوب العربية، من المحيط إلى الخليج. والممارسة الديمقراطية عندما تتحقق تكون هي الديمقراطية نفسها، وهي المجتمع المدني، وهي العلمانية؛ لأنها، حينها، تكون متحررة من أدلجة الدين، التي تسيء إلى كرامة الإنسان. وممارسة من هذا النوع، ليست إلا تقريرا للمصير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، لتكون الشعوب العربية بذلك متحكمة في مصيرها. ولتكون الحكومات رهن إشارة ما تقرره الشعوب عبر مؤسساتها التشريعية المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية. ج- نهج اختيارات اقتصادية، تقوم على أساس الحد من الفوارق الطبقية، وعلى تنمية حقيقية تؤدي إلى القضاء على البطالة، وبطالة الخريجين، وضمان الدخل الاقتصادي المناسب لمتطلبات الحياة الضرورية، والكمالية. وذلك باعتماد المشاريع الصناعية الكبرى، والمتوسطة، والصغرى، التي يكمل بعضها البعض، ومن أجل قيام عدالة اقتصادية، تختفي معها مختلف المآسي المترتبة عن الحرمان من دخل اقتصادي مناسب، بالنسبة لمعظم الأسر العربية، من المحيط إلى الخليج. د- إيجاد برنامج تعليمي، تنتفي من خلاله أدلجة الدين الإسلامي، ويحترم طموحات الشعوب العربية، في إيجاد تعليم وطني متحرر، ومساهم في بناء اختيارات شعبية، وديمقراطية. ويؤدي إلى حفز الأجيال الصاعدة، على رفع مستواهم التعليمي، الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل خلق أجيال جديدة، ومتطورة، وهادفة إلى تحقيق التمتع بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. وبرنامج كهذا، لابد أن يكون متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما فيها إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وميثاق حقوق الطفل، و ميثاق حقوق العمال، حتى يؤدي دوره في العمل على إنشاء إنسان جديد، لواقع جديد، يعمل على صياغة مستقبل جديد، لا يوجد فيه شيء اسمه أدلجة الدين، كما لا يوجد فيه ما يجعل الإنسان لا يطمئن على مستقبله الاقتصادي، والاجتماعي؛ مستقبل بإنسان مدني، علماني، ديمقراطي، لا يفرط في التمتع بالحرية، ويسعى إلى تكريس الديمقراطية. ويهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ولا يعمل على عرقلة تطور التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية إلى المرحلة الأعلى، من أجل تجاوز كل مظاهر التخلف، التي يعاني منها الإنسان العربي. ولذلك نجد أن أهمية البرنامج التعليمي، تبقى حاضرة في كل دولة من الدول العربية، لأن هذا البرنامج، قد يقف وراء التطور المنشود، وقد يعرقل ذلك التطور لصالح الطبقات الحاكمة المؤدلجة للدين، أو لصالح مؤدلجي الدين، الذين يرون أن البرنامج التعليمي يجب أن يخدم مصلحة تأبيد الاستبداد، حتى يصير ذلك مبررا لفرض استبدادهم، أو لفرض استبداد بديل. ومعلوم أن خطوات كهذه، لابد أن تزيح كل العوائق التي تقف في طريق العلمانية. وبالتالي، فإن ازدواجية الأنظمة، والشعوب، ستزول بزوال شروط تلك الازدواجية، وإنضاج شروط سيادة العلمانية، والمجتمع العلماني، الذي لابد أن يؤدي إلى قيام الدولة العلمانية، التي تعتبر مطلبا أساسيا، ومركزيا بالنسبة لجميع الشعوب، التي تعاني من أدلجة الدين، ومن مؤدلجيه، ومن الدول التي تشرف على أدلجته، وتعتبر أن تلك الأدلجة هي الدين عينه.