تأكد عملية خلال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الموقف التفاوضي للمغرب بشأن نزاع الصحراء لم يحقق مكاسب جديدة كما تدعي الدبلوماسية الرسمية في الكثير من التصريحات، ولاسيما فيما يخص التأييد لمقترح الحكم الذاتي، بينما استمرت تعبئة الجزائروجنوب افريقيا ضد المغرب، حيث لا تزال تعتبر عدة إفريقية تنتمي إلى المحيط الإفريقي لجنوب إفريقيا بأنه "دولة احتلال" أراضي الصحراء. وفي مقابل ذلك ضمن المغرب حياد موريتانيا التي اكد وزير خارجيتها دعم بلاده لحل شامل وعادل يحظى بموافقة طرفي النزاع (المغرب والبوليساريو)، بينما يؤكد اسبانيا دعمها للبحث عن حل عادل ودائم قبل أن تزيد عبارة يُمكن "الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير"، وهي بذلك لا تزال تدعم موقف البوليساريو. وأمام أزيد من 130 رئيس دولة وحكومة ووزير خارجية ردد عدد من رؤساء الدول الإفريقية دعمهم لتقرير مصير ما أسموه "الشعب الصحراوي" أمام الدورة ال68 العادية لأشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وقد افتتح حملة المواقف المناصرة للجزائر رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما بالقول: "إن حريتنا لن تكتمل طالما لم يتمتع "الشعب الصحراوي بتقرير مصيره". واكد وزير الخارجية الجزئري الجديد، رمضان لعمامرة "التزام" بلاده دعم جهود الاممالمتحدة وتمكين "الشعب الصحراوي" من تقرير مستقبله. وعلى أثر الموقف الجنوب الإفريقي والجزائر توالت مواقف أخرى معاكسة لقضية الوحدة الترابية المغربية، ولاسيما من تلك الدول الدائرة في فلك جنوب افريقيا، كناميبيا، التي قال رئيسها “لعل بلوغ هدف تقرير المصير بالنسبة للشعوب الراسخة تحت الاحتلال الأجنبي من المبادئ التي قامت عليها المنظمة وفي هذا الصدد نعيد التأكيد على تضامننا مع شعب الصحراء الغربية وندعو الى التنفيذ خطة التسوية الأممية من اجل تقرير مصيره”. وهو الموقف ذاته الذي ردده رئيس دولة الموزمبيق ورئيس تانزانيا وكذا موقف مملكة ليسوتو. نغمة تقرير المصير ترددت أيضا في موقف انغولا. ويبدو جليا أن الجزائر وبدعم من جنوب إفريقيا تواصل عملية التعبئة والتحشيد للدول إفريقيا ما تحت خط الأستواء حتى أن عبارات مواقفها من الصحراء صيغت على شكل موقف الجزائروجنوب افريقيا. ويكشف هذا التماهي حجم الدعم السياسي ودرجة التأثير الذي تقوم به جنوب إفريقيا على مواقف دول محيطها الإقليمي لصالح جبهة البوليساريو والجزائر. وأن استمرار هذا الدعم يكشف أن الدبلوماسية المغربية لم تقم بأي مجهود لإختراق هذا التحالف في إطار دبلوماسيتها الجديدة المتوجهة نحو افريقيا. ولأن الجزائر تصر على استمرار هذا التحالف في دعم موقفها في الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنتديات الدولية لضمان استمرار هيمنتها على توجهات منظمة الاتحاد الإفريقي، بينما يسعى المغرب العودة الى التنظيم الإفريقي. وتبقى تداعيات السياسية للضغط الإفريقي الذي تقوده الجزائروجنوب افريقيا مع دول ما تحت خط الإستواء جد خطيرة على الموقف المغربي، لأن ذلك من شأنه استمرار تحالف افريقي داخل منظمة الإتحاد الإفريقي يصدر مزيد من القرارات الماسة بالسيادة الترابية للمغرب على الأقاليم الجنوبية. وحتى وان اعتبرنا أن حجم الدول المؤيدة للبوليساريو في الجمعية العامة للأمم المتحدة تبقى صغيرة وغير قادرة على خلق تأثير جوهري في بنية مواقف المنتظم الدولي، إلا أن المغرب هو الآخر لم يستطع كسب التأييد لمقترح الحكم الذاتي مما يكشف انحسار العائد الدبلوماسي المغربي في هذا الإتجاه. وإذ نقيم تقييمنا لقضية الصحراء على ضوء تدخل الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإننا نؤكد أن ورقة حقوق الإنسان تعتبر اليوم أحد الآليات الحاسمة التي بإمكانها أن تحدث تطورات جوهرية في المواقف الدولية حيال قضية الصحراء. وفي هذا الصدد تتزايد الاتهامات للمغرب بانتهاك حقوق الانسان في الصحراء، وفق ما تورده العديد من تقارير الدول والمنظمات الحقوقية. اتهامات باتت جد محرجة للموقف المغربي، خاصة إذا جاء من الولاياتالمتحدةالأمريكية التي عرضت السنة الماضية مبادرة توسيع المينورسو في الصحراء، حيث أكد تقرير كتابتها الجديد على استمرار ممارسة المغرب لانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء. وهكذا يتوقع أن يسمح المغرب لمنظمات حقوق الانسان والصحفيين وممثلي الحكومات الاجنبية والبرلمانيين لزيارة الصحراء من شرط أو قيد للمحافظة على نيل المساعدات المالية والعسكرية الامريكية المقدمة للمغرب، واستجابة لهذه الضغوط سمح المغرب لأول مرة لنواب من البرلمان والكونغريس الإسباني من زيارة مدينة العيون وعقد اجتماعات مع انفصاليي الداخل. والمؤكد أن المغرب بدأ يفقد وزن نيله لصفة الوضع المتقدم لدى الاتحاد الأوربي بسبب اتهامات التقارير الحقوقية. ولعل ذلك ما يجعل الاتحاد الأوربي يتردد في المصادقة على اتفاقية الصيد البحري مع المغرب. وإن كان هذا الأخير قبل بمس سيادته الترابية على الصحراء حين التزم بتقديم فواتير تبرز أنه يستثمر جزء من التعويضات في الصحراء، ثم قبوله بفك الاتفاقية في حالة ما إذا اعتبر الأوروبيون أنه قام بخروقات في الصحراء. متخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي