ليس من الضروري في شيء ان يكون المرء متضلعا في نظم التربية والتعليم ،او خبيرا متمرسا بها حتى يكون بامكانه تكوين راي خاص او استخلاص حقائق ثابتة حول ما ال اليه التعليم وقضاياه ببلادنا ،بعد عقود جعلت منه كما المغرب بصفة عامة حقل تجارب بامتياز. لا اقول هذا الكلام من باب المزايدات السياسوية ولا من باب رؤية النور ظلاما فالنور نور والظلام ظلام ،انها الارقام تتحدث وتفصح عن خيبات التعليم او ما يسمى باصلاح التعليم. بعد" الاستقلال" مباشرة اعلنت ثلة من "الوطنيين" عن ضرورة توفر المغرب على تعليم مستقل باعتباره المدخل الحقيقي لاي تطور وتقدم منشود،لهذا الهدف ،بناء تعليم مستقل شكلا ومضموننا،عمل هؤلاء الوطنيون على وضع عدة مشاريع "لاصلاح" هذا القطاع ،غير انها تميزت بالتدبدب والارتجالية مما نتج عنه ازمة خانقة لا يزال المغرب يحصد نتائجها الى اليوم وبطريقة اشد وانكى، وفيما يلي كرنولوجيا لاهم هذه "الاصلاحات المزعومة" التي مر منها التعليم ببلادنا. - 1957: * إنشاء اللجنة العليا لإصلاح التعليم * الإصلاح يقرر تعريب التعليم الابتدائي * توحيد البرامج * تحديد سلك ابتدائي من 5 سنوات وثانوي من ست سنوات * إحداث كليات وطنية - 1958: * إنشاء اللجنة الملكية لإصلاح التعليم * التراجع عن قرارات اللجنة السابقة * الرجوع إلى نظام السنوات الست في الابتدائي * الرجوع إلى الفرنسية في الحساب والعلوم * إجبار التلاميذ على إعادة نفس القسم - 1959: * إنشاء لجنة التربية والثقافة * إدخال التعليم الخاص تحت وصاية وزارة التربية الوطنية * صدور ظهير بإحداث الجامعة وتنظيمها - 1960: * إحداث معهد الدراسات والبحوث حول التعريب * إقرار تعريب المواد العلمية في السلك الابتدائي - 1961: * إعادة تنظيم وزارة التربية الوطنية * انعقاد أول وآخر لقاء للمجلس الأعلى للتعليم - 1962: * توقف تعريب المواد العلمية في التعليم الابتدائي - 1963: * صدور ظهير بإلزامية التعليم للفئة العمرية 7-13 سنة. * إنشاء مندوبية سامية للتكوين المهني * تحويل "المعهد التربوي للتعليم الثانوي" إلى "المدرسة العليا للأساتذة". - 1964: * انعقاد المناظرة الوطنية حول التعليم بغابة المعمورة بحضور 400 شخصية على هامش البرلمان وقررت ما يلي: "لغة التعليم في جميع المراحل هي اللغة العربية، ولا يشرع في تعليم اللغات الأجنبية كلغات إلا ابتداء من التعليم الثانوي". - 67-1965: * المخطط الثلاثي يتراجع عن التعميم والتوحيد والمغربة بعد تقليص ميزانية التعليم. - 1966: * الوزير بنهيمة يعرض مشروعه للتعليم الذي يقرر ما يلي: 1. تقليص شديد للتمدرس 2. تمديد مدة الدراسة 3. إلغاء التعليم التقني والمهني 4. العودة إلى الازدواجية في الابتدائي * تصريح بنهيمة: "إذا سار التعليم على هذه الوتيرة (..) فإن ميزانية الدولة ستتضرر" و"يجب أن نقيد قاعدة التعليم من الأساس". - 1967: * توقف تعريب العلوم والحساب في الابتدائي وتوقف مغربة الأطر. - 1968: * تقسيم وزارة التعليم إلى: 1. وزارة التعليم الابتدائي 2. وزارة التعليم الثانوي والتقني - 1969: * إعادة تقسيم وزارة التعليم إلى ثلاث وزارات * صدور مذكرة تقنن نسبة الموجهين إلى التعليم الثانوي * صدور مذكرة حول التكرار (مذهب بنهيمة) - 1970: * إحداث المجلس الأعلى للتعليم * تعريب الفلسفة والاجتماعيات * انعقاد مناظرة إفران الأولى، لكنها لم تخرج بأية نتيجة * صدور بيان علماء ومثقفي المغرب (500 فرد): 1. التحذير من ازدواجية اللغة 2. الدعوة إلى التعريب العام 3. التحذير من التحقير الذي تواجهه اللغة العربية 4. التأكيد على مبادئ التعريب والمغربة والتعميم - 1971: * إحداث البكالوريا التقنية - 77-1973: * المخطط الخماسي يقرر ما يلي: 1. العودة إلى سياسة التعميم 2. تكوين الأطر التعليمية - 1973: * العودة إلى الوزارة الموحدة - 1974: * تقسيم الوزارة إلى: 1. وزارة التعليم الابتدائي والثانوي 2. وزارة التعليم العالي * إحداث مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تابع لوزارة الشغل - 1975: * تقديم موعد الدخول المدرسي إلى 16 شتنبر من كل سنة * صدور ظهير خاص بالإصلاح الجامعي متأثر بالنظام الجامعي الفرنسي - 1977: * إعادة توحيد وزارة التعليم * التركيز على التعريب والمغربة والتعميم * اعتراف وزير التعليم (عز الدين العراقي) بأن الازدواجية هي سبب انخفاض مستوى التعليم - 1978: * تأكيد الملك على إبقاء الازدواجية * إحداث نظام المجموعات التربوية، ونظام التوالي * إحداث عدد من المفتشيات (التخطيط، التموين ...) * انطلاق برنامج المغربة بالسلك الثاني - 1979: * إسناد محو الأمية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية - 1980: * بداية تعريب المواد العلمية في الابتدائي * انعقاد مناظرة إفران الثانية * صدور مشروع إصلاح التعليم * إحداث شعبة الدراسات الإسلامية بكليات الآداب - 1978-1980: * المخطط الثلاثي يؤكد على: 1. تنمية التمدرس بالقرى 2. الحد من القبول في المؤسسات العليا 3. توحيد مدة التكوين في 4 سنوات في جميع التخصصات 4. متابعة المغربة. - 1981: * إصدار الوزارة ل"ميثاق وطني للتعليم" * تبني استراتيجية محو الأمية * بداية تدخل البنك الدولي في السياسة التعليمية - 1982: * تقديم الدخول الجامعي إلى 15 شتنبر من كل سنة * تقنين تسجيل الموظفين - 1983: * صدور قرار باعتبار التعليم قطاعا غير منتج * بداية العمل بنظام الأربع سنوات في جميع التخصصات * إصدار مرسوم يفرض رسوما للقبول بالمؤسسات الجامعية (لم يطبق) * تقنين التكرار بحيث لا يسمح بتجاوز سبع سنوات في التعليم الابتدائي. - 1984: * سجلت هذه السنة أكبر عدد من المطرودين - 1985: * إحداث إدارة للتكوين المهني وتكوين الأطر التابعة لوزارة التجهيز * صدور إصلاح يهدف إلى: 1. تعليم إجباري لجميع الأطفال في سن التمدرس 2. انتقاء شديد على مستوى التعليم العالي 3. تشجيع التعليم الخاص 4. تشجيع التكوين المهني 5. إلغاء نفقات تجهيز التعليم العالي 6. السماح بتكرار واحد في الثانوي 7. الحد من المنح الدراسية بالخارج. * إقرار نظام التعليم الأساسي - 1987: * إحداث نظام الأكاديميات وامتحانات الدورات التسع مقسمة على ثلاث سنوات في التعليم الثانوي. * إدخال نظام الوحدات بالسلك الأول من التعليم الأساسي * انطلاق سياسة تشجيع التعليم العالي الخاص - 1988: * تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى كتابة عامة وثمان مديريات ومركز للإعلاميات - 1990: * وصول أول فوج معرب إلى الجامعة مع بقاء التعليم الجامعي مفرنسا * إصدار مشروع الإصلاح البيداغوجي الخاص بالتعليم العالي - 1991: * إقرار نظام الدورات الست مقسمة على ثلاث سنوات في التعليم الثانوي - 1993: * تطبيق قرار الحد من منح التعليم العالي * تقسيم وزارة التعليم العالي إلى كتابة عامة وست مديريات - 1994: * إعادة تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى مديريتين عامتين تشرفان على 14 مدرية مركزية * دعوة الملك إلى تشكيل "اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم بدأت أشغالها في غشت 1994 * عدد المؤسسات الجامعية يصل إلى 57 مؤسسة - 1995: * انتهاء اللجنة من أشغالها ودعوتها إلى ما يلي: 1. ترسيخ القيم الروحية للإسلام 2. تعميم التعليم 3. إقرار إلزامية التعليم للفئة العمرية 6-16 سنة 4. اعتبار المجانية نتيجة حتمية لأوضاع الأسر المغربية 5. اعتبار اللغة العربية محورا أساسيا للتعليم 6. ضرورة محو الأمية 7. توحيد التعليم وتعريب المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية * في غشت تم رفض نتائج اللجنة وبالتالي إقبارها * صدور تقرير البنك الدولي حول الأوضاع بالمغرب ودعوته إلى مراجعة مبدإ المجانية - 1997: * الشروع في تطبيق نظام المسالك المزدوجة * صدور الدورية الثلاثية الخاصة بالجامعة عن وزراء الداخلية والعدل والأوقاف - 1998: * تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى: 1. وزارة التربية الوطنية 2. وزارة التعليم الثانوي والتقني - 1999: * تشكيل لجنة على هامش البرلمان مكونة من 34 شخصية فقط لوضع ميثاق للتعليم * أكتوبر: مصادقة الملك على "مشروع الميثاق الوطنية للتربية والتكوين" - فبراير 2000: * مناقشة المجلس الحكومي لمشاريع قوانين تتعلق بتطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2009: * اعتماد البرنامج الاستعجالي والذي جاء حسب المسؤولين لتسريع وثيرة الإصلاح والذي تنتهي صلاحيته سنة 2012، ونحن اليوم نقترب من النصف الثاني لسنة 2013 فبأي برنامج تسير المنظومة التربوية الان؟ كان لزاما علي ان اتي بكل هذه الأحداث والتواريخ لتكون شاهدة على العبث والارتجالية ولتكشف بالواضح دوامة إصلاح الاصلاح التي يعيشها قطاع التعليم . ان الوضع المتردي والخطير لمنظومتنا التعليمية والذي كشفت عنه تقارير دولية ووطنية والمعترف به رسميا نتيحة حتمية لسياسة تعليمية (إن وجدت)فاشلة، التي تغيب الكفاءات وتصم الآذان عن تنبيهات الخبراء والفعاليات وتدعي صوابية المخططات السامية . إن اعتبار التعليم قطاع غير منتج سبب العلات كلها , فالمسؤولون الذين تعاقبوا على هذا الملف يتعاطون معه من هذا المنطلق ،وهو العبث بعينه ففي كل الدول التي يضرب بها المثل اليوم في التقدم والازدهار وفي التطور العلمي والتكنولوجي يحظى فيها التعليم بالمكانة اللائقة ،والمعلم بالمقام اللائق،لانها تعلم علم اليقين ان البداية من هنا . ان قضية التعليم ،والتي يقولون عنها زورا وبهتانا انها القضية التي تأتي بعد الوحدة الترابية من حيث الأولوية والاهتمام،لن تبرح مكانها مادامت السياسة التعليمية التي بها صدعوا رؤوسنا منذ "الاستقلال" مجمدة، والتي تتجلى في التعميم والتعريب والتوحيد والمغربة،فأما قضية التعميم فاسأل أهل المناطق النائية يأتوك بالخبر اليقين ،وأما التعريب فتلك قصة أخرى فالنظام المختلَط المختلِط كما سماه احد الكتاب أنتج تلميذا لا هو معرب ولا هو مفرنس ،وأما التوحيد والمغربة فلا زالتا قيد الدراسة. إنها السياسة التعليمية المغربية فلا تستغرب . وحتى تتوفر إرادة تعليم صادقة وسياسة تعليم واضحة فعالة تبقى الارتجالية والعشوائية هي العنوان البارز لقضية التعليم بالمغرب. بقلم