أمسكت أناملي القلم لتدون ما يجول بخاطري و قد أرغمتني عاصفة أفكاري على الكتابة، فلم أجد بدا من مداعبة أوراق مذكرتي و إحياء وصالي بها بعد انقطاع دام مدة تقارب شهرين من الزمن... على مهلك ورسلك أيتها الأيام، ارحمي ضعف نفوسنا البشرية التي تطمح إلى تحقيق الكثير من الإنجازات في أوقات مختزلة، لكنها سرعان ما تيأس عند مواجهتك و تستسلم لعجلة الحياة التي لا تتوقف! سطرت أهدافا و رسمت مستقبلا و تمنيت لو زينت أيامي بمتعة الإنجاز، بيد أن سرعة الزمن فاقت تخيلاتي، فمرت الساعات و الأيام حتى وجدت نفسي تحت رحمة الندم على أوقات نفيسة راحت ضحية الاستهتار... نعم، ما أكثر الأوقات المهدورة التي لا نقضيها إلا في التفاهات، ثم نلتفت إليها لنبكي أطلالها و نذرف دموع خيبة تنعي زمنا انقضى و ما له من عودة... كثيرة هي المواقف التي استبدت بها مشاعر السلبية فنشبت فيها خلافات دمرت أواصر الأخوة، أو حروب حطمت حدود الإنسانية و حملت البشرية أعباء فوق طاقتها. ما أقسى هذه الأحداث! و عندما تتدحرج بنا الذاكرة إلى تلك "الأوقات" التي مرت دون أن نخلدها بحدث أو إنجاز، أو تلك التي محوناها برجوعنا للماضي أو خوفنا من المستقبل، ندرك بعد فوات الأوان أن الوقت أنفاس لا تعود... يا ليتنا أدركنا أن الحياة ستفنى، و العمر سيبلى، و لن تخلد إلا الإنجازات المثلى. كثيرة هي العبارات السامية التي نرددها، و قليلة هي الأفكار العظيمة التي نؤمن بها، و ما أكثر ما سمعنا عن رحلة الحياة التي لا تنفك أفواهنا تحدثنا عنها قائلة : إننا لا نفعل في هذه الدنيا سوى انتظار الحياة الأبدية، و العجيب في الأمر أن الانتظار عادة يمر علينا من أطول اللحظات، إلا أن الانتظار الأكبر الذي نعيشه جميعا يحرك للحظات أسرع مما نتوقع، و لا يملك أن يتوقف هنيهة لينتظر متعثرا أو مذنبا أو نادما، بل يهرول نحو المستقبل ليدفعنا نحو مصيرنا الذي ستصنعه أفعالنا، و قد قال أحد الصالحين: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإن ذهب يومك ذهب بعضك." رجاء، لا تثقلوا آذانكم بشعارات لا تفهمونها، بل آمنوا بأفكاركم حتى النخاع، و ستدركون حينها أن أعماركم ستفنى في سبيل غاية سامية تهدونها للسجل الإنساني... رجاء، لا تهدروا أوقاتكم، لأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، أو كما قيل: "ليس الوقت من ذهب، لأن الوقت هو الحياة و الحياة أغلى من كل المعادن! " خولة العمراني 02/02/2013 على الساعة 15:35