كثرت في الآونة الأخيرة حالات الاعتداء على الأطفال، بكل أونواعه، اغتصاب، قتل، تعنيف لفظي، جسدي، معنوي، آخرها ما تداولته وسائل الإعلام عن اغتصاب أحد المكفوفين لا يتجاوز عمره 12 سنة، وحادثة الطفلة فاطمة الزهراء بمدينة تفلت التي اهتز لها الرأي العام المحلي والوطني، التي عثر عليها مقتولة بعد اختطافها وغتصابها، وما خفي كان أعظم. وتشير بعض الإحصائيات الصادمة والمخيفة أن الذكور هم أكثر عرضة للاعتداء الجنسي -بنسبة 56%- من الإناث -بنسبة 40%-، وأن حالات الاعتداء الجنسي تتوزع حسب طبيعة المعتدي؛ ويحتل الأقارب والجيران صدارة لائحة المعتدين بنسبة 42% ويليهم المعتدون الغرباء بنسبة 40%؛ في حين يمثل الآباء 8% وأطر التعليم 2%.. ولعل هذه الأفعال الإجرامية والإحصائيات المرعبة أن تحرك المياه الراكدة، وتدفع المسؤولين و الجمعيات المهتمة بالطفولة إلى التفكير في إعادة النظر في وسائل اشتغالها، والعمل على مواجهة العنف ضد الأطفال بكل الطرق الممكنة، ولعل أبرزها المساهمة في توفير المحاضن التربوية الآمنة، والقيام بحملات تحسيسية وتوعوية في المدارس والمنازل وعبر مختلف وسائل الإعلام، واستهداف الأسر بدورات تكوينية تدربهم على أهمية احترام حقوق الأطفال، وعلى ضرورة القيام بواجباتهم التربوية والتعليمية والتركيز على دور الوالدين في تحصين الأطفال من مختلف المخاطر والتهديدات التي تواجههم في الحياة،وتزويدهم بآليات ومهارات تمكنهم من الإندماج الإيجابي في المجتمع، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق المواكبة الدائمة، والمراقبة المستمرة، عن طريق برامج هادفة وأنشطة مندمجة تستهدف كل مكونات الأسرة على مدار السنة. كما لا يخفى على الجميع ما للمقاربة الزجرية من دور للحد من استغلال الأطفال، وإنزال أقصى العقوبات على المتورطين في هذه الجرائم، ونشرها في وسائل الإعلام حتى تكون عبرة لمن سولت له نفسه الاعتداء وعلى براءة الأطفال. وفي المحصلة لا بد من تفعيل دور كل المؤسسات التي تعنى بحماية الطفولة، وأن تتحمل مسؤولياتها كاملة بالتوعية والتربية والتحسيس بمخاطر ما يتعرض له الأطفال من انتهاكات سواء داخل الأسرة أو خارجها، حتى لا يتم اغتيال الطفولة على مرأى ومسمع الجميع.