ذات ليل،قبل أن ينتصف في محطة القطار، نهاية السير.. جنب البحر.. وجد كناس عربات القطار،في آخر عربة، في الدرجة الممتازة.. ظرفا، أبيضا، ملقى تحت الكراسي،.. بلا عنوان المرسل إليه، ولا عنوان المرسل، كان الظرف يا حسرة جميلا، عليه رسما رائعا، وأطلال توحي بأمل الرحل.. مخطوطا بالمداد الصيني الأسود، وبالألوان، وردتين في قصرهما على جذع بلوطة من الأطلس، ونخلتان، مهاجرتان بالصحراء، تبحث لها عن غروب جميل حلم، سحر كناس عربات القطار بالمحطة إحتفظ الكناس،بالظرف في بزة الشغل، وشم على كفه علامة،كي لا ينساه،عندما يسلم لباس الشغل لمكان الشغل، سلم الكناس بزته، طوى البزة في الدولاب، وضع المكنسة والسطل بالأسفل.. احكم باب الدولاب، راح الكناس،رواحه مع مع منتصف الليل ونصف نسي الكناس مع الأسف الشديد الظرف، عندما هب بالمفتاح ليفتح باب الدار، حكته علامة الظرف في الكف، شدالرأس، خبط الوجنتين بلطف، سأل السماء، يا إلهي ماذا فعلت،.. تعلق المسكين بالظرف، أحبه من أول نظرة، سقط فيه الكل في الكل وماذا يفعل، ولا يسلط تعلقك بالحبل، أوسقوط الحابل في وحم الحجر، لم ينم الكناس طول الليل، إشتكى لزوجته بوجع البطن، طبخت له الزعتر، مدته بحفنة من الكامون وكأس ماء، الظرف لم ينفع معه لا الزعتر،ولا الزعفران، ولا العنبر، ولا عود القمر لم ينم الكناس،من شدة الحسرة على الظرف، غفا به النوم أخير آخر الفجر، سقط حثة هامدة،يتوسد ظرفا كبيرا أبيضا، صندوق من صلب وحديد، مرصع باللوبان، والقطران الأحمر يشمع الأقفال، والأقفال من النحاس المعتق الأصفر.. فتح الكناس الظرف خفية وراء الليل، وجده مملوءا عن آخره بالفضة، والذهب، والمرجان، وقطار صغير للأطفال،لؤلؤ يصفر كالقاطرة في مقدمة القطار نام الكناس القرفصاء،على الكنز الثمين، شد بالظرف باليدين والرجلين، وعض فيه بالأسنان.. أشهر لاءحة الحساب، يحسب في السماء، إشترى فصرا كبيرا، وقطارا، وربط السكة بالبحر، وصار يفكر في الطيران، صادف صيادا على الشط، سأله إن كان يفهم في الطيران، رد عليه صيادا أن رجال الوقاية المدنية، إنتشلوا جثة رجل من البحر بالأمس، جثة رجل،قالوا أنه كان يجرب في الطيران.. وجدوا معه بطاقة تعريف عربية، بإسم عباس بن فرناس، منذ قرون مات على رأسه، والآن رمى به البحر من رجله مع الأسف،مات، زهقت روحه قبل أن يصلوا به إلى الشط لاح الصبح، رنين الأجراس، وأصوات، ورش البحر، يلطم الصخر وزفير الباخرات، دخل الصباح إلى غرفة نوم الكناس من بيت الجيران، وبصعوبة دخلته الشمس من وراء صناديق مستوده للخردة بالجوار إستيقظت زوجة الكناس، هيأت الفطور، توقظ كناس عربات القطار لقد حان وقت الشغل، إنهض يا مسكين تفطر، إنهض تلحق الشغل، قبل أن يفوتك الحال.. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل كناس عرات محطة القطار لا يرد، هل أنت نائم.. تسأل الزوجة بحب في اذن الكناس، كناس محطة القطار،لا يتنفس، مسكت الزوجة بيد كناس محطة القطار، سقطت باردة، لا تستجيب، كناس محطة القطار جثة هامدة، رجل الدار يا ويحي،تصيح الزوجة في البحر، مات كناس محطة القطار، ردت حورية الموت صدى الموت في عمق البحر، راح كناس محطة القطار،إلى القبر ترك على فراش النوم ظرفا أصفرا، أوبغير لون، ممتقع، بغير زمان ولا مكان فيه اوراق راتب هذا الشهر.. المصطفى الكرمي