-1- إثنى عشر ساعة قبل الموعد شبه خريطة إفريقيا على الصخر ... مطل هرقل... من المغارة على البحرين، الأبيض المتوسط، والمحيط... طنجة ،الجمعة 14 ماي 2010 الساعة السادسة الصبح. دخل القطار محطة الوصول بداية الصبح. رن الجرس.... -\\\"أيها السادة المسافرين،المكتب الوطني للسكك الحديدية يرحب بكم... يدخل القطار محطة –طنجة الميناء--نهاية السير، جو معتدل، بحر متوسط الهيجان... درجة الحرارة ستة عشر، المكتب الوطني للسكك الحديدية في خدمتكم.\\\" احتفظت بالجلوس في مكاني حتى توقف القطار التوقف النهائي، حتى نزل اخر مسافر ، حتى أفرغت القاطرة اخر حمولتها من البشر والبضائع...توقف مسؤؤل الأمن عند مقصورتي،ينبهني -\\\"سيدي،لقد وصل القطار نهاية السير ثم تراجع إلى الخلف وحدق في جيدا ثم سألني -\\\"تذكرة السفر من فضلك... سلمته التذكرة سألته هل وصلنا طنجة، لم يتفحص تذكرتي، -\\\"عفوا سيدي...تفضل لقد وصلنا طنجة الميناء...،محطة نهاية السير... على شاطئ البوغاز تجلس، أسطورة الحب \\\"طنجيس\\\"، دراع على كتف البحر الأبيض المتوسط، ودراع على كتف المحيط... والحضن في حضن هرقليس، في \\\"التيرمينوس\\\" سرقني العمر من عمري، كبر الحب سفري... وصلت إلى الموعد من غير أن أدري... جثم وصولي بالمحطة، استنجدت بكرسي، أرقب القطار توقف توقفه النهائي، خدرتني رائحة البحر... أسمع بالقرب زفير باخرات تصل، وأخرى ترحل، وعن المساء الذي رافقني،في سفري طول المساء والليل، أين اختفى مع بزوغ الفجر... حط نورس جنبي،ترك رسالة على \\\"ورق الطير\\\"، وراح يحلق في الفضاء مثلي، يحمل جثته في السماء بين جناحيه... وأنا جثتي على الأرض... على كرسي... حاولت بفرحة الموعد أن أستجمع أنفاسي،وكأني لاقيت طفولتي في مكان غير هذا الماكن الذي وصلته، بدلوا موقع المحطة، أبعدوه عن الميناء... سرت أقتفي على الشط اثار الطريق...أرسم درب وصولي إلى المحطة القديمة...تلوح من قريب ليس ببعيد وتبدو من بعيد ليس بقريب... سرعان ما وجدت نفسي بالميناء،بوابة إفريقيا إلى أوروربا... معبر أساطيل الغرب نحو الشرق... معبر هجرة البحث عن يابسة أخرى فيها شغل،فيها حرية،فيها مرق، ومرقد جبل طارق... والحلم في شعر ابن زيدون،وخيالات السمقمق... رائحة البحر والحوت والقهر والطغيان...رائحة الشهامة والنبل...رائحة \\\"الخبز الحافي\\\" رائحة محمد شكري...والطرب الغرناطي،وجضارة الأندلس، وصوت لهجة الجبن الريفي... -\\\"با العايل ويا العايلة... مرحبا بك في طنجة العالية، وعالية بأسوارها...وغرائبها... تهت في الميناء عنوة وما استطعت أن أتوه كما كنت يوما أتوه هنا بطفولتي...لأنني كنت بريئا...أما الان أصلها متهما...وبأي تهمة أقلها مهاجر سري وأخطرها إرهابي لأنني لم أدخل الميناء من بابه دخلته من شطه...لذلك وقف بسرعة رجلين بزي رسمي،زي رجالات الديوانة... -\\\"السلام عليكم سيدي... -\\\"وعليكما السلام ... -\\\"ماذا تفعل هنا هل أضعت الطريق... -\\\"لا يا سيدي لم يضع مني الطريق وهل أنا فوق البحر... ابتسم الثاني وتنفست الصعداء لأن الرجلين معهما مسدسين على الجنب أدخلت يدي إلى الجيب أبحث لهما عن دليلي وحسن نيتي -\\\"تفضلا هذه بطاقتي، والطريق اخترته بمحض إرادة القدر وإرادتي... رد علي الأول -\\\"لا لا يا سيدي بدون بطاقة تعريف تفضل تبدو وقورا هل كنت تشتغل هنا؟ -\\\"لا يا سيدي كنت ألعب هنا... هنا كنت أمرح ولا مرة واحدة سألني واحد هنا ماذا أفعل... إبتسما هذه المرة معا سألني الأول -\\\"هل كنت تقيم هنا... -\\\"كان الهنا يقيم معي وأقيم معه ونقيم معا ونقيم كلنا أنا إسمي فلان، وهذه مولاة الدار جئت من المكان الفلاني...جئت لأبعث الروح في الذاكرة...تفضلوا اسألا مولاة الدار فهي من حفزتني ووافقتني على المجيء إلى هنا... لم يتردد الثاني،وأقسم من بداية رده -\\\"والله ستقبلن دعوتينا ولن نفترقكن عنكما، فأنتما ضيوفنا ومرحبا مرحبا...تفضلا الطريق من هنا... رديت عليه -\\\"لا يا سيدي لو سمحتما الطريق من هنا،فهذا الطريق لوحده بقي صامدا أمام التاريخ... وبعد أيام موعدنا مع موعدي مع هرقل 10 ساعات قبل الموعد... حبيت أتفسح بكم في مدينة طنجة جغرافيا وتاريخيا وثقافيا وفلسفيا وغنائيا وأسطوريا...ومصطفاتيا... وعبد الصادق شقارة \\\"شكارة\\\"-محفظة- الغناء الجبلي،والأندلسي والشامي والغرناطي والإسباني...أيا يا يا بنت بلادي معي...سبع صنائع والرزق يضيع...\\\"أينك أيها النقيب\\\" وبائعات الجبن الطنجاوي \\\"خبزة جبن\\\"-فروماج أبيض- في حجم عجلة سيارة عادية...بواحد \\\"دورو\\\" تسمية العملة السهلة باللهجة الطنجاوية لن أقول لكم كم يساوي -دورو- بالليرة...لأن الخبزة على حسابي... وعلى أية حال ثمنها بالدورو وليس بالأورو...ففي بعض أحياء طنجة لا تشعر بنفسك قريبا من أوروبا...بل في السينغال قريبا من مالي... ولا ننسى القائد الرائد الهمام في التسكع في طنجة...ولم يبدأ تعلم القراءة حتى شاخ به التسكع في طنجة...وذاق مرارته ...واستطاع أن يثبت أن المتسكعين لا تلزمهم سوى مدرسة بسيطة...ومعلم رؤوف...وخبز حافي... الله يرحمك ويوسع عليك يا سي محمد شكري... قولوا معي امين يا رب العالمين المصطفى الكرمي 08 يونيه 2010