مقتطف من مجموعة رسائل الى حنان: ابتسامة أبدية عبد الحكيم حبريط إني أسمع نبرة الحب منبعثة من كيانك، فأنا على يقين أنها ستحطم كل هذا العنفوان لتخترق الصمت الذي عهدتها عليه منذ زمن غير بعيد، كنت أسمعها و أنا أنظر إلى عينيك الصافيتين، وأنت في غياهب السؤال تراقبين دوران الأشياء من حولنا... نعم حافزك الوحيد حب جنوني لا يبقي على أثر، يحتضن لغة البراءة و يغتسل في طهر الحلال،و بالرغم من كل شيء ظلت لقاءاتنا الرائعة تتلوى و تتمخض لتكشف لنا دائما عن بصيص أمل جديد. دعي هذه الأشياء الجميلة الرائعة تندفع من كيانك، دعيها تهب سيولا تهد المستحيل و قولي في قرارة نفسك : انطلقي أيتها السهام المشتعلة المتأججة في داخلي،لتلامسي الأثير،دعي هذه الأحلام البنفسجية ترسم على قلب الواقع بصماتها، لتفتت بنيان الهموم و الأحزان... و تأكدي أنه في نهاية المسلك السوي، ستوقع أناملك المرتعشة إمضائها على دفتر الحياة، فأنا لم أعهدك إلا ابتسامة تختصر ألف سؤال متوجع في داخلي... سنوات العمر الباهظة كلها لا تساوي نظرة قاتمة منك. لقد أرخى الليل جدائل ظلمته المعهودة في زمن يبيع الحب و العطر و الرغبة...يبيعها بمعانقة المكان ليرسم على صفحة الحياة نزوة عابرة تجهش دموع العين لتحتوي شخصا بكامله، شخصا تلتقي بين عينيه شموس الطيب و أقمار الصدق. هذه الزوايا المهمشة المدججة بالذئاب لا تصلح للعشق التثري... لا تدعي عيناك تتوارى لحظة للوراء،حتى لا تحجب عنك روعة الرؤى الجميلة التي تحمل في طياتها الموسيقى النابضة بروح الحياة في ظل نهار يختلج ألف صورة حقيقية نلمس فيها أكبر فرحة و أعمق تعبير عن الصدق... نعم يصعب عليك أن تري هذا البحر الهائج في كياني، لكن، ستستشفين ضجيجه الفاعل الذي لا يكل ولا يفتر من خلال حديث الساعات و همس الدقائق لتتجسد على يناعة حبي و خصبه أروع الانتصارات... و بالرغم من أن كل شيء في الحياة صعب، و بالرغم من طعم الفراق القليل ، فهناك أبعاد أخرى يا حنان أبعاد وهاجة جياشة ، ستظل ثائرة في أعماقي إلى أن يجمعنا القدر معا، فهاجسي الوحيد أن نظل معا إلى أن نلفظ أنفاسنا الأخيرة... هذه الزفرات الأخيرة من عشق الأحزان، سنلفها معا في ثوب النسيان، أريدك أن تذرفي عليها دموعا مترقرقة كسح المطر، لينسحب طيفها الحاني، لتغتسل في طهرها الأشواق و الأفراح القادمة كفلق الصبح... الابتسامة على شفتيك تحمل قيمة لا تضاهيها قيم الحياة، تحرك فيَ مواطن الإلهام لتسكن قلبي و تحكم أنفاسي و لقاءاتي بك ،القصائد. عجيب أن تسيل الدموع وحدها حارة في داخلي، المراهنة على شيء ليس لك، خيانة و لكن لي حق في أن أحب بصدق و بمشاعر نبيلة لكن، كل هذا يحمل أبعادا كبيرة. دعينا يا حبيبتي نشق الصمت العميق، انه ليصعب علينا أن نرى صور النهار الحقيقية التي تحمل في لبناتها طقوس الحب، و عادات المحبين، حيث كنا نركض إلى الظلمة المعهودة، كمن بهم شوق لاكتشاف ملمس للسماء على سطح بركة مائية... الحب في صمت قدر،لقد بات الطريق أكثر وضوحا،دعي فرسك الجامح يطلق عنانه ليكسر السراب، و يعانق حلم الشمس،دعي أنامل قلبك تكتب و لو لمرة بطلاقة حتى تكشف عن سرها المكنون، و هذه النار المشتعلة خلف جفنيك تدخل منعطف الهوس الخانق ، لا تمشي على الهواء، لأنني أرسل عبر الأثير صيحة حبي إعصارا يهد كل صعب، و رباطا يحمل ألف تعبير عن مشاعري، و لن تغمسي وحدتك بعد الآن في الأحلام، ها هنا طوق الحب، وهنا قيثارة الحياة لنعزف لحنها السرمدي حتى نعانق طيف السماء، فخلف قلبك يوجد خمر نفسي المعتق و هناك كنت أنتحر يوما بعد يوم و هناك اكتسبت أجنحة قوية لملاحقة الحب في عينيك، و شفتاك ترتفعان لتعانقا حلم الشمس. و أخلو إلى نفسي ليلاحقني شبح عينيك حاملا سنوات العمر القادمة تباشير بلون النهار و عذوبة الليل... و خارج هذه الأحلام حقيقة تتواثب كالأفكار في ربوع قصائدي،أحسها تنساب في طي خلجاتي كسريان العشق في الجسد. حقيقة أزلية تفتح أبواب الحياة لتطل عيوننا النجلاء محدقة في الناس، في الابتسامات البريئة، في وجنات الكهل، في سيرورة الأعمار...تنظر إلى ابعد نقطة حيث تجمعنا الأحلام و الحياة و الطبيعة و الحب... حبيبتي: الاختيار وحده يمكنك من التقاط أشعة الشمس، و السباحة في تيار الحياة بأجنحة قوية، و الاختيار مرهون ببعد النظر لاختراق خيوط المستحيل و للرسم بحبر الدمع على بساط القلب. نعم، لقد منحتك حبا جما، ولا أريد أن تحتويني أخرى و اعلمي انه مهما يعبث القدر الرحيم، فأنت دوما ابتسامة أبدية في قلب الحكيم...