جماعة أنزو: رغم قسوة الطبيعة وصعوبة المجال: إرادة قوية في تحريك عجلة التنمية وفك العزلة على جل دواوير جماعة أنزو حميد رزقي . على امتداد مساحة شاسعة ،وبكثافة سكانية بلغت حسب إحصائيات 2004 ، حوالي 13 ألف نسمة ،تتموقع جماعة انزو بأعالي جبال الأطلس المتوسط ،يحدها شمالا قلعة السراغنة، وجنوبا جماعة سيدي يعقوب وأبادو، وغربا سهل الحوز، وشرقا جماعة بويا عمر وتديلي، وتتوزعها بلغة الاستحقاقات الانتخابية 15 دائرة. جماعة انزو، وكغيرها من البقع الجغرافية، التي يحتضنها إقليمازيلال ،تعاند قسوة الطبيعة وصعوبة المجال،لكنها غير عابئة بمشاهد البؤس والتهميش، الذي طالت باقي الدواوير المجاورة،لأنها أبت إلا أن تختار، وبشهادة أهلها، لا بشهادة المسؤولين، تدبيرا عقلانيا، وتسييرا رشيدا محكما ،ضوابطه مرسومة على كناش التحملات، وصفحاته مفتوحة لكل من ارتأى البحث في خبايا وأسرار هذا الفعل الاجتماعي، الذي أحيى الأمل في نفوس الساكنة، معتمدا فقط على مداخيل الضريبة المضافة على القيمة،كاعتماد أساسي ،إلا انه استطاع برؤية ثاقبة ، أن يحرك عجلة التنمية بكل دواوير الجماعة ،بل أكثر من ذلك ،انه نجح في جلب اعتمادات تقدر بحوالي 800 مليون سنتيم وهو المبلغ ذاته، الذي كان حسب رأي المسؤولين بالجماعة ،كفيلا بتحريك عجلة التنمية والنماء وفك العزلة على جل الدواوير الممتدة على تراب الجماعة بدون استثناء. يقول نائب رئيس الجماعة ،عبد المالك المحلاوي،لقد بدأنا من الصفر لكن بإرادة قوية لا تقدر بملايين السنتيمات وبتجربة غنية ،وضعت ضمن مخططاتها تجاوز إخفاقات المرحلة السابقة، وقد حققنا حوالي 75في المائة من المبتغى ،وكانت بذلك أولى أولوياتنا، تحقيق انسجام بين مكونات المجلس لأنه حسب رؤيتنا لا يمكن التفكير في آليات تطوير عجلة التنمية دون تنظيم وتأتيت البيت الداخلي على أحسن وجه، وقد تفوقنا في ذلك بعد تضافر مجهودات الرئاسة وباقي مكونات المشهد السياسي ،حيث كان الاتفاق مبدئيا عن أحقية الدواوير المهمشة في الاستفادة من البرامج الاجتماعية ذات الصلة بمطالب السكان العاجلة، خاصة منها ما يتعلق بالماء الشروب والكهربة ،وفك العزلة عن المواطن بالطرق والمسالك الضرورية. وللإشارة، فقد بلغت نسبة تزويد الساكنة بالماء الشروب حوالي 95 في المائة سواء كان ذلك من مالية الجماعة أو بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية أو مجلس الجماعات،أما باقي النسب غير المستفيدة، فهي مبرمجة خلال سنة 2013 واعتماداتها المالية مرصودة حاليا.أما الكهربة فقد وصلنا مائة بالمائة.في حين يمكن القول عن الطرق، وبكل اعتزاز، أن جماعة انزو هي الوحيدة بالإقليم التي استطاعت أن تفك العزلة عن مجموع دواويرها، إلى درجة أن أغلبيتها قد استفادت من إصلاحات هامة في هذا الإطار ولدينا أرقام جد مهمة هي رهن إشارة كل من يسعى إلى معرفة هذه الحقائق ونقول هذا لأننا لا نسعى إلى بيع الأوهام ،إنما نؤكد على مصداقية اشتغالاتنا التي نرغب أن تكون نموذجا امثل بالإقليم. جماعة انزو أيضا، ورغم هذه القفزة التنموية التي عرفتها ،لا زالت تعرف بعض الاكراهات ،التي تقتضي تضافر مجهودات السلطات الإقليمية ،ومنها على سبيل المثال، ما يعرفه قطاع الفلاحة، بحيث أن الجماعة تتوفر على أراضي شاسعة ،وسكانها يعتمدون كمورد أساسي عليها وعلى الهجرة سواء داخل الوطن أو خارجه،بحيث تنتشر زراعة الخروب والحبوب بمنطقة الجنوب، في حين يتفوق سكان شمال المنطقة في إنتاج غلة الزيتون. والجماعة يقطعها "واد تساوت" ويتواجد بترابها سد صغير يسمى تيمنوتين، أما سد مولاي يوسف فحدوده الجغرافية غير واضحة المعالم وتدعي جماعات أخرى ملكية انتمائه. تواجد هذه السدود، يطرح مفارقة خطيرة،تتجلى أساسا في تواجد ما يزيد عن 70 في المائة من الأراضي البورية،واستمرار اعتماد الفلاح على السواقي التقليدية، ذات طبيعة الترابية و التي هي بطبيعة الحال من صنع يد الفلاح ،على عكس بعض المناطق المجاورة التي استفادت من قنوات إسمنتية. الأمر الذي يطرح بحدة تساؤلات المسؤولين بالجماعة، عن موقع الجماعة ضمن مخطط المغرب الأخضر وقبل ذلك جدوى الخطابات الداعية إلى ترشيد المياه؟ إن عدم استفادة الساكنة من هذه السدود وبالشكل ذاته، الذي يليق بزراعة عصرية، أفضى إلى تفكير جماعي عميق ،لا يمس فقط سؤال الاستفادة هذا،إنما أيضا المطالبة بمراجعة الضريبة المهنية على سد مولاي يوسف، بحيث أن صندوق الجماعة لا يستفيد من هذا السد ، إلا بحوالي 20 ألف درهم في السنة، وهو المبلغ الذي لا يعكس حجم ما ينتجه هذا المشروع من كميات هائلة من الطاقة الكهربائية.هذا دون الحديث عن غياب سياسة الاستثمار في أجندة المسؤولين عنه، التي كان من المفروض أن تكون ركيزة قوية للإقلاع بقاطرة التنمية على الأقل بطرق تشاركية مع الجماعات الفقيرة، التي تعتبر جماعة انزو واحدة منها، وفق المعايير المعتمدة حاليا بالإقليم . اكراهات أخرى،لا تقل أهمية تقف في وجه قطاع الصحة والسياحة،فإذا كانت الأولى تشكو من نقص في الأدوية والموارد البشرية ومن آليات التطبيب الحديثة ومن بعدها عن الساكنة وفق المعايير المعتمدة التي تشير على أن أبعد مسافة بين هذه المراكز والدواوير، يجب ألا تتجاوز ثماني كليمترات على ابعد تقدير،فالثانية تحتاج إلى دعم قوي من الجهات المعنية للنهوض بها، لأنها وبشهادة الكثيرين من السكان، تعتبر خيارا حقيقيا ،يجب الرهان عليه، لان الجماعة وبحكم موقعها الجغرافي، يمكن ترويضها لكي تتحول إلى "منتجع سياحي" بامتياز،أما الآن وفي ظل تهميش حقيقي لهذا المنتوج ،فالسكان لا يستفيدون سوى من نفايات "واد تساوت"، بالرغم من أن المسؤولين المحليين، حاولوا توظيفه هو الآخر ضمن مشاريع الجماعة التنموية، عبر مناشدتهم للسلطات الإقليمية، من اجل تفويتهم بعض البنايات، التي لا زالت في ملك إدارة الأشغال العمومية من اجل إصلاحها وتحويلها إلى مراكز إيواء، لكن الملتمسات ظلت حبيسة أرشيف الإدارات المعنية إلى اجل غير مسمى. وعلى عكس ما كان سائدا في السابق،حيث عرفت الجماعة ارتفاعا مهولا، في نسبة الهدر المدرسي، وخاصة في صفوف الفتيات اللواتي تعبن من قطع مسافات طويلة. عرف قطاع التعليم انتعاشة مميزة، مست جميع جوانبه، وبنياته الأساسية تقريبا،إضافة إلى تحقيق نقص طفيف إلا أنه ملحوظ في نسبة عدد المغادرين للدراسة، بعدما توصلت الجماعة إلى فك العزلة عن اكبر عدد من المؤسسات التعليمية عبر تعبيد مختلف الطرق ، والى حدود الساعة،يقول نائب رئيس الجماعة، لا زال الاهتمام منصبا على هذا المجال حيث تمت برمجة النقل المدرسي خلال ميزانية 2013.ورغم ذلك، يمكن القول أن هذه المجهودات سعت فقط إلى تقليص حجم الظاهرة، وليس القضاء عليها.ومن أبرز تجليات هذا الاهتمام بالمجال ما حظيت به مدرسة" تكلا ووت" من اهتمام تربوي وبيئي مكنها من الحصول على الشارة الخضراء التي منحتها صفة المدارس الايكولوجية على الصعيد الوطني. وبذلك تكون جماعة انزو الفقيرة من حيث إمكاناتها وثرواتها، و الغنية بإرادتها القوية وبترسيخها لأبعاد الخطابات السامية الداعية إلى تثبيت دعائم الحكامة الجيدة،قد حققت ما فشلت فيه جماعات فاق مدخولها السنوي عشرات المرات ، فائض هذه الجماعة طيلة السنوات الثلاث الماضية.ان جماعة انزو وهي تخطو هذه الخطوات الحثيثة على درب النماء،ستكون ولا محالة نموذجا يحتدى به على امتداد الإقليم،لان عزيمة مسئوليها، لم تقهرها قساوة الطبيعة ولا خذلان بعض الأيادي التي الفت الاصطياد في الماء العكر حتى لو تعلق الأمر بالمصلحة العامة .