يثير نشاط و وجود الجمعيات الاجنبية في قبائل عمالة ازيلال جدلا في الأوساط السياسية والمدنية، بين من يرى فيه جزءا من منظومة إسناد ودعم لمختلف فعاليات المجتمع المدني،وبين من يرى في ذلك جزءا من مشروع العولمة الذي يسعى إلى إفساد المجتمع عبر تفكيك قيمه وأسس ثقافته التضامنية، وبالتالي جزءا من سياسات قوى الاستكبار العالمي تجاه البلدان المستضعفة.والحقيقة ان من يتابع أنشطة هده الجمعيات وانشطتها وأوجه الدعم التي تقوم بها داخل كل قبيلة و التي تصرف لأجلها هاموال طائلة، سيكتشف أن الهذف الاول والاخير لهذه المنظمات ليس اخراج هذه الساكنة من الظروف القاسية التي تعيش فيها او ادخال الفرحة في قلوبها, بل هو اعمق من دالك فهي سلكت الطريق الصحيح الذي من الواضح انها حرة فيها سواء ماديا او معنويا ....بالرجوع الى الاهذاف التي جلبت هذه الجمعيات الى هذه القبائل البريئة والتي لم ينجح الاستعمار بمعناه الكلاسيكي الوصول اليها نجد انه نشر وفرض الافكار الاوروبية والاسهام في العولمة قدر المستطاع فهي تتدخل بداعي النهوض بالمنطقة، مثل البيئة والبنيات التحتية والطفل والمرأة.. فجل القضايا التي تهتم او تديرها هذه المنظمات تطرح استمرارا لنمط من الوعي الغربي ، الذي تبلور في ظروف وسياقات خاصة،وبالتالي فإن هذه المنظمات تعمل على إعادة إنتاج النموذج الثقافي الغربي العلماني في المجتمع الامازيغي القبائلي مما يجعلها في النهاية طرف داعم لجهات جمعوية أو غيرها، ضد جهات أخرى لها اعتبارها في المجتمع. اما الاكثر خطورة فان هذه الجمعيات تمارس دورا مشبوها أحيانا، خاصة تلك التي تعمل في ميدان الصحة ونذكر على سبيل المثال جمعية فرنسيية قامت يتأسيس مستوصف صغير او ''صيدلية'' في قبيلة مكذاز والذي اثار جدالا بين ابناء القبيلة المذكروة ودالك بعد تدني مستوى الخدمات التي يقدمها مسؤولو هذه الجمعيات وتورطهم في فضائح كتوزيع الادوية التي لم تعد صالحة وكدلك سوء تعاملهم مع الساكنة .....اما في البعد الاحر لهذا الشكل من الاستعمار فان دعم الجمعيات الاجنبية للمجتمع الامازيغي القبلي يؤدي الى رهن هذا الاخير ,وتماما كما يتم رهن الحكومات في امور اخرى مشابهة وهو ما يحد من استقلالية الانسان الريفي في الاندراج ضمن أفق أشمل يسعى إلى النهضة والتحرر، والإسهام في ثقافة المقاومة لكل السياسات المعارضة لقضايا الأمة في تقرير مصيرها التنموي والثقافي والحضاري ..وفي النهاية ما يجعله منحصرا اكثر على نفسه وعاجز على النطق بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية.