" هناك قانون من قوانين الميكانيكا يقول بأن الفعل يساوي رد الفعل، وفي التاريخ نرى بان القوة المدمرة لثورة ما تتوقف إلى حد مرموق على مدة و قمع التي عاشها الطامح إلى الحرية، وتتوقف هي أيضا على مدة التناقض القائم بين البناء الفوقي العتيق والعناصر الحية في العهد المعاصر". في البداية لابد أن نتوقف عند مستوى تحليل هذا القول، ثم بعد ذلك واحتراما للمستوى المنهجي أن نحاول ربطه بواقعنا العربي وبالمرحلة التاريخية التي نتمني لها أن تحترم في المستقبل وان تدخل إلى التاريخ الرسمي المدرس في المدارس والجامعات، وان لا تبقى مجرد أحدات عرضية في التاريخ خاصة وأنها كانت بطولية بامتياز ومن صنعوها يستحقون أن يطلق عليهم لقب عظماء التاريخ، ليس بالمعنى الهيجيلي، ولكن بالمعنى الآخر الذي يقع في موقع النقيض تماما مع المعنى أو الدلالة الأولى... ارتباطا بالقول نحيل إلى أن التاريخ أصبح داخل قطب العلوم الإنسانية إلى جانب بقية العلوم الأخرى، الشيء الذي يفرض أن يخضع لمنهجية العلوم الحقة غير انه في هذا القول ينهل من علم الميكانيك أو الميكانيكا بلغة مؤسس الحداثة رونيه ديكارت، وعلى ذكر هذا الأخير فانه بدوره ارتبط بشكل كبير بمن قلب المنظومة رأسا على عقب نيكولاي كوبرنيكوس ضمن ما يسمى بالتأهيل العلمي للمفاهيم الفلسفية، ومنه ننطلق لنتحدث عن التاريخ في ارتباطه بالعلم السابق الذكر، فالحراك السياسي الثوري داخل المحيط العربي ما هو في واقع الأمر وأمام القناعات الصلبة للشعوب الثائرة إلا تطبيق عملي للمقولة منطلق الحديث، فالمقولة تحمل في مضمونها وبإيجاز أن قوة الثورة أو بلغة ألطف الانفجار الاجتماعي رهينة بطول مدة القمع التي عاشتها الأصوات التواقة للتحرر، وتتوقف كذلك على حجم القمع الذي عانته الشعوب جراء القمع المسلط عليها، والذي نختلف دلالاته المباشرة وغير المباشرة، فبدءا بالثورة البوعزيزية ومصر وليبيا وسوريا أخرا وليس أخيرا، فهي كلها شعوب قد نالت حضها من القمع ما فيه الكفاية لترد وبعنف، ولكن هذه المرة ليس بتظاهرات أو ببيانات... ولكن عمليا وعلى ساحة المعركة، والشطر الثاني من المقولة: "مدى التناقض القائم بين البناء الفوقي العتيق والعناصر الحية في العهد المعاصر" فالبناء الفوقي وكمفهوم أساس داخل هذا القول يتمثل وبلغة منضر المجتمع الاشتراكي كارل ماركس، أشكال الوعي والدين والثقافة أو بكلمة واحدة الايدولوجيا السائدة، فمن البديهي أن ينقلب الوعي السياسي بنسبة تفوق المائة بالمائة خلال مرحلة ما بعد الثورة داخل وخارج البلد الثائر، ضمن ما يمكن أن نطلق عليه برفع الوعي السياسي للجماهير، لأن الكل ومما لاشك فيه، قد أدرك حقيقة واحدة لا ثانية لها هو أن تقدم التاريخ هو مرحلة حتمية في تاريخ المجتمعات البشرية، ومنه نجد أنفسنا داخل ثنائية تتمثل إمكانية أن ينطلق الكل للدفع بعجلة التاريخ إلى الأمام دون دماء، وإما بالدم والنار ستتم إزاحتهم عن موقعهم الذي لا يعتبر الموقع الطبيعي لهم، نظرا لفشلهم الذريع في تسير الشأن العام وضمان كرامة المواطنين،ومنه فما هو يا ترى التعريف الحقيقي للمواطن؟ هذا الأخير الذي يصبح مواطنا فقط خلال الحملات الانتخابية (الصليبية) إذ يحظى ببرهة من الزمن من لدن المتهافتين على المناصب الوزارية وعلى الكتابات العامة للدولة، لتمر الانتخابات وتعود ريمة لعادتها القديمة...فهم قائمون وموجودون بالمواطن ولا يتحقق وجودهم دون وجوده، وهذه حقيقة لا يتناطح حولها كبشان، ولهم فرصة وحيدة وإلا سننزوي إلى الركن في انتحار شعبي لنرى ماذا يمكنهم أن يفعلوا أو يحققوا في أي بلد بدون مواطنين، وهل سينظمون الحملات الانتخابية والمهرجانات أو أنهم سينضمون حملات انتخابية لصالح القطيع ليس بالمعنى النيتشوي، (نحن وهم)، بل بالمعنى العام المتداول(الماشية)، وإذا نالت هذه الأخيرة اهتمامهم في الانتخابات، ستصبح الكائنات العاقلة لا تختلف في شيء عن غير العاقلة وهو الأمر الذي لن نرضاه لأنفسنا ولو تطلب منا الأمر ما فعله جيراننا... وهم يعرفون ماذا فعلوا... أيوب النجار