المتأمل لواقعنا اليومي سيجد ويدرك ويرى كيف أن الفساد، بأشكاله المختلفة ينخر جسد بلدنا الهزيل. وسيرى أيضا كيف أن هذا الفسادالمتغول قد صار بنيويا، يستعصي على الاستئصال من الواقع، لصيرورته جزءا لا يتجزأ من القيم الثقافية السائدة، التي تجعل حتى المتفاعلين مع تلك القيم ، قابلين للانخراط في إنتاج عملية الفساد، في مستوياتها المختلفة، من بدايتها، إلى نهايتها. ومع استفحاله تحول ويا للمهزلة الى معلومة وسلطة خبيثةيوظفها بعض الفاسدين النافذين المنعدمي الضمائر المتحكمين في رقاب الناس لخدمة أغراضهم الخاصة الدنيئة..هذاالفساد المستشري في جل مفاصل الدولة أنواع وأشكال،فلا يمكن تسميته حتى فسادا لأن قوته تكمن في قدرته على التخفي والمواربة، وإلا كان من السهل الكشف عنه واستئصاله وتجفيف منابعه، إنه يتسمى بأشياء أخرى كثيرة يتخفى فيها، أشياء نعرفهاو تعرفها طبقتنا السياسية جيدا.أشياء غالبا ما تمربالحيص بيص وراء ستار أو تحت الطاولة أوبمحاداة الأبواب الخلفية﴿العطايا السياسية ، الهبات المشبوهة الملوثة، الرخص المختلفة، الإمتيازات إلخ..﴾.. وهذا الفساد طبعا يجرف كل يوم وراءه بخفاء ملايين الضحايا ويغرقها في يم البؤس والتعاسة وينتفع منه بالمقابل قلة من الأنذال الذين يسعون الى الربح السريع. واليوم ،وبعد الفوزالتاريخي لحزب العدالة والتنمية في الإنتخابات التشريعية ليوم 25نونبر،الكل يتوسم منه الخيروالكل ينتظر منه حل ملفات كثيرة وتطبيق الشريعة الإسلامية فيما يخص محاربة الرشوة والفساد وقطع يد السارق ،والسارق هنا لاأقصد به ذلك السارق المغلوب على أمره الذي يسرق دجاجة في السوق لإطعام عياله،ولا ذلك السارق البليد الذي يسطو على حقائب النساء في الشوارع والأوتوبيسات،بل أقصد به ذلك الديناصورالماكرالذي أتى من العلم درجات واستغل سذاجة الناس وأميتهم و أتمنوه على مالية البلاد فسطى عليها بإسم القانون وبمشاريع وهمية لاوجود لها إلا على الأوراق وحولها الى عقارات وعمارات ،أوالى الأبناك الأجنبية ليلتحق بها بعد انتهاء ولايته في المسؤولية التي يشغلها .. نعم حزب العدالة والتنمية يجب عليه أن يقوم بهذا ،وهذا جزء من مسؤوليته كحزب إسلامي ، وهذا ماينادي به أيضا حتى الشارع المغربي:"الشعب يريد إسقاط الفساد"مع حركة20فبراير.ترى هل يستطيع هذا الحزب أن ينجح في هذه المهمة العسيرة؟.من الأكيد جداأنه إذا قام بهذا العمل النبيل سيجد الشعب دائما الى جانبه لأن الكل يصرخ ،إقطعوا أيادي الحرامية إقطعوا أيادي لصوص المال العام .فالكل سئم من الفساد والكل سئم من الرشوة.والشعب يريد العدالة ويريد أيضا التنمية المستدامة والمشاريع التنموية الكبرى لتأمين قوت يومه وكرامته .وهذا هو المحك والمعيارالحقيقي الذي سيبين مدى نجاح أو فشل هذا الحزب في المستقبل ،وإذا نجح فيه سيكون قد أدخل المغرب في العهد الجديد الحقيقي من أبوابه الواسعة ،هذا العهد الذي فشلت كل الأحزاب سابقافي الدخول اليه منذ إستقلال البلاد الى اليوم. محمد حدوي