أيها الشباب: سألتني فتاة ذات يوم، فقالت يا أستاذ: هل الحب حلال أم حرام؟ هذا واحد من الأسئلة التي تُدَاول بين الشباب في كل المؤسسات التعليمية، ممن بلغوا سن الرشد، ونمت فيهم الشهوة النفسية حول الجنس الآخر، من الفتيات والفتيان. والحق أن هذا الشعور فطرة في الشباب، ينمو معهم عند البلوغ، ولهذا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) . وليس من عيب أن نطرح مثل هذه الأسئلة، ولا من حرج في الإجابة عنها، فعلينا أن نتعلم العلم كله، خاصة ما يحتاجه الإنسان في يومه وليله، وما يتصل خاصة بشخصه ومشاعره. قُلْتُ لهذه الفتاة، وأقول لكل شاب صالح، إن الحب في الإسلام إن لم يكن حراما أو مكروها، ولم يكن واجبا أو مستحبا، فهو مباح جائز شرعا. فالحب الحرام مثل حب أنصار الشيطان وأوليائه، الذين يعيشون للمعاصي والذنوب، ولا يعرفون طريقا إلى الطهارة والعفاف. والحب الواجب مثل حب الله تعالى، {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ } . فحب الله تعالى مَنْبَتُ كل خير، ومنه يتفرع كل حب تنبض به مشاعر الإنسان تجاه كل الكائنات، حتى النظرة يسترقها الإنسان إلى جمال الطبيعة من حوله، فيمتلئ فؤاده إعجابا بها، وانبهارا بدقة جمالها، فهي من حب الله تعالى الذي أبدع في خلقه. أما حب الفتاة للفتى، وحب الفتى للفتاة، في مرحلة الدراسة، مع إبداء هذه المشاعر وإعلانها للمحبوب، فهو استعجال لمتعة قبل أوانها، وبيع للمشاعر بثمن بخس لمن ليس أهلا لها. فالحب في الإسلام منبع كل مشاعر النفس الإنسانية، ولا تنفق المرأة من حبها على محبوب إلا إذا أنفق هو من أجلها الذهب والفضة، ودفع لها الجواهر والحلي، ودق على مسامعها الدفوف والطبول، ودوَّن مراسيمها في سجل أهل العفاف والإحصان. فتبادلُ مشاعر الحب وإعلانُها، لا تكون إلا في بيت الزوجية الذي أباحه الله تعالى وأمر به، ولا تصح من أحد إلا إذا بذل الرجل فيها مالا، يسمى عند العامة صداقا. فماذا بذل هذا التلميذ أو هذا الطالب الذي أراد أن ننفق عليه من مشاعرنا؟ ونغذيه من عواطفنا؟ ماذا بذل هذا المحبوب حتى يأخذ منا أنفاسنا وآهاتنا؟ وهذا «عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ» من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ بَشَاشَةُ الْعُرْسِ فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ: كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ فَقُلْتُ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ ، وفي رواية فقال له: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. إن عليه إذن أن يبذل لها صداقها، وإنَّ عليه أن يعقد وليمة مناسبة ولو بشاة، لأن الحدث كبير، والاقتران بالجنس الآخر عند الله عظيم. وإطلاق العنان للمشاعر في مرحلة ما قبل الزواج، مخاطرة كبيرة، تهوي بالشباب إلى مستنقع نتِنٍ، تنطمس فيه كل أنوار العقل والفكر، وتنطفئ معه بصائر الروح والضمير. فيخسر الشاب حياته النفسية، ويخسر معها حياته كلها. ويجد نفسه في مزالق الشيطان، لا تكاد قدمه تثبت حتى تهوي من جديد، في صراع مرير متكرر، وربما أصيب في عقله، فانهارت حياته بالكامل. ذ والطريق الأسلم، للنجاة من فتنة الحب والهوى، هي طريق العفة والاستعفاف، وتعني كف مشاعر النفس، وشَغْلَها بما يَجْمُل بها في هذه المرحلة الدراسية، من فنون الحياة الجميلة. وأن يملأ الفراغ ببعض الهوايات المفيدة، مثل كتابة الشعر أو القصة أو المطالعة. فضلا عن تلاوة القرآن وتجويده. والسلام عليكم الأستاذ : سعيد المنجا السبت: 15 أكتوبر، 2011م مدينة أفورار