الشعب المغربي مدعو في بداية شهر يوليوز 2011 للتصويت على اول دستور في عهد محمد السادس ، دستور طال انتظاره منذ عقد من الزمن بعد انتقال العرش من ملك الى ملك والتطورات السياسية التي صاحبت الانتقال السياسي بالمغرب اهمها تولي حكومة عبدالرحمان اليوسفي مقاليد الحكومة المغربية في سنة 1998 والتطبيع السياسي بين المعارضة السابقة والنظام السياسي بالمغرب وتقاسم بعض الصلاحيات واقتسام المنافع السياسية الناجمة بالضرورة عن ممارسة الحكم والمشاركة في تدبير شؤون البلاد ،منذ وصول الاشتراكيين الديمقراطيين المغاربة الى الحكومة سجل في الحقل السياسي الوطني في معظمه غياب أي نية سياسية حقيقية لدى الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة في المطالبة بتغيير الدستور ولا حتى تعديله وأصبح الكل منغمس في مصالحه السياسية والفئوية ويحارب كل من ينبس ببنت شفة عن مطلب التغيير الدستوري او المساواة الكاملة بين المراة والرجل وعن ترسيم الامازيغية واصبح النضال جرما وأصبحت حرية التعبيير جريمة وهل يمكن ان ننسى طرد الصحفي المقتدر عبد الرحيم اريري من جريدة الاتحاد الاشتراكي من طرف الاشتراكي الاول عبد الرحمان اليوسفي والتهمة هي الاستجواب مع الاستاذ الساسي محمد وحول موضوع تقبيل يد الملك ، وكلنا يتذكر مصادرة اعداد من لوجورنال والصحيفة الاسبوعية والتهمة دائما هي استهداف القسم التاريخي بين القصر والاتحاد الاشتراكي ، كلنا يتذكر الضغط الرهيب الذي تعرض له القضاء من اجل السكوت على فضيحة النجاة وماادراك ما النجاة ، خلاصة القول ان كل الاحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة لم تكن في اجندتها أي نية للضغط النضالي على الدولة من اجل تغيير الدستور عكس مايقال اليوم من ان الاحزاب الحكومية قد ناضلت من اجل هذه اللحظة التاريخية في بلدنا ونتيجة وبفضل الثورات العربية التي هبت نسائمها واستنشق المغاربة بعضها تحركت القوى السياسية المقصية من الحكم ومعها الشباب الذي يئن من وطأة القهر والظلم والاضطهاد والطبقة العاملة المتضررة من وحشية وبربرية الرأسمالية المتوحشة اللإنسانية وفي ضل صمت مطبق في البداية من الطبقة السياسية الحزبية ومن المثقفين الذين في بروجهم العاتية تائهون ومنظرون لواقع مفترض لاوجود له الا في مخيلتهم ، في كل هذه الظروف جاء ميلاد الدستور الجديد بمبادرة من ملك البلاد ورئيس الدولة وفق التسمية الدستورية الجديدة التي اتى بها الفصل 42 من الدستور الجديد ، هذا التمهيد ضروري لنقول بأن الاحزاب السياسية المشكلة للحكومة اليوم لم يكن لها قط أي فضل على الشعب المغربي بخصوص اخراج الدستور الجديد الى حيز الوجود ان لم يكن بعضها يعارض تغيير الدستور الى آخر لحظة توهما منها بأن الملك محمد السادس لم يستوعب الدرس التونسي والمصري وانه سينتظر حتى تفاقم الازمة بالمغرب اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبالضرورة سياسيا وتسير الامور اكثرا تعقيدا والى ما لا تحمد عقباه ،لذلك بادر الملك بفتح ورش اصلاحي يبتدأ من الدستور ويجب ان يشمل الاصلاح السياسي حتى لا يصبح الدستور مفرغا من محتواه في غياب حاضن مؤسساتي واجتماعي ويجب ان نقولها صراحة بان الاحزاب الحالية بممارساتها الحالية وبالعلاقات العشائرية والعائلية والزبونية المفرطة التي تنخر انسجتها الداخلية غير قادرة على تنزيل الدستور الحالي كما عجزت سابقا عن تطبيق الدساتير السابقة ، لذلك خشيتنا كبيرة من ان تفسد القوى السياسية والنقابية الحالية أي بريق امل في اقلاع ديموقراطي بالمغرب وان يسير بلدنا نحو العصيان السياسي وتتقوى قوى التطرف والارهاب والظلامية وهنا لا اقصد بالذات الظلامية الدينية بالذات وعلى وجه التخصيص بل الظلامية السياسية التي تكفر السياسة والمجتمع و تزرع البؤس الفكري والسياسي وتقوي فرص الانتحار السياسي للمجتمع وتفوت علينا جميعا فرص تحديث نظامنا السياسي بتدرج حكيم ومدروس لنصل في المستقبل الى ملكية برلمانية حقيقية منبثقة من السيادة الشعبية ومعبرة عن آمال وطموحات الشعب المغربي المشروعة ، ومادمنا قد ذكرنا الشعب المغربي فلابد ان نؤكد على انه لابد للشعب ان يتحمل مسؤولياته التاريخية في محاربة المفسدين السياسيين وان يطور الشعب مناعته الداخلية ضد التضليل الايديولوجي والسياسي وضد الفساد الانتخابي والسياسي فمادام هناك جزء من الشعب المغربي يصوت بمقابل في الانتخابات او يعطي الرشوة من اجل ان ينجح في الانتخابات او يصوت على حزب سياسي معروف بتاريخه العنصري او اللاديموقراطي ومادام الشعب المغربي لا يعاقب انتخابيا مفسدي المال العام وناهبي الثروات الوطنية فسلام على الدستور الجديد وسلام على الديموقراطية الموعودة ، لذلك لا يجب ان نلوم الدولة وحدها باعتبارها مسؤولة عن كل شئ وان كان من واجبها السهر على التطبيق السليم للقانون وعلى الجميع , بل يجب ان نحاسب انفسنا كشعب مغربي ونحسم قراراتنا بأنفسنا هل نحن مع الديموقراطية بمستلزماتها الكاملة والشاملة او نحن مع خطابات وشعارات تضليلية هنا تبجح بديموقراطية مزعومة او خطابات شعبوية تيئيسية وغيبية هناك تعدنا بالخلافة والامامة والسلطنة والقيامة المعلومة تاريخها . علينا كشعب مغربي ان نحسم خيارتنا وان نعي مسؤولياتنا ونكف عن تنزيه وتقديس ارائنا وافكارنا المغلوطة الكثير منها وتدنيس افكار غيرنا المحقة في جزء منها على الاقل. في نظري المتواضع مشروع الدستور الجديد يحتوي تقدما كبيرا جدا مقارنة مع المذكرات السياسية التي قدمتها العديد من القوى السياسية المغربية في مواضيع مختلفة واهمها الامازيغية ، فجل الاحزاب السياسية المغربية لم تستطع ان تطالب بترسيم الامازيغية في الدستور المغربي بل هناك من الاحزاب من اصدر بيانات ومواقف يخوف فيها من خطورة ترسيم الامازيغية وتأثير ذلك المرتقب على الوحدة الوطنية ويطرح كحل تقوية اللغة العربية لوحدها كضامن لوحدة البلاد وامنها اللغوي ، والغريب العجيب هو ان دعاة هذا الطرح كالأستاذ زيان الذي كان وزير حقوق الانسان في عهد سجون تزمامارت وقلعة مكونة واكدز وغيرها لايعرف أي من ابنائه اللغة العربية بل الاسبانية واللغات العالمية فقط وكذا الأستاذ امحمد خليفة الذي طالب بحالة طوارئ في المغرب وحالة استثناء لانه لم يحصل على حقيبة وزارية في الصيغة الاولى من حكومة التناوب بل قال في امين عام حزب الاستقلال ما لم يقله مالك في الخمر انذاك و الادهى في الامر ان كلا الأستاذين من ذوي الحقوق والقانون ولكن صدق عليهم القول الشعري ذوي القربى والمعرفة اشد فضاضة من الأجنبي والأمي . الدستور الجديد بفضل بعض أعضاء لجنة المنوني وبإصرار من الملك محمد السادس اوصلنا الى الامازيغية كلغة رسمية اخرى في البلاد الى جانب اللغة العربية ،هذا مكسب جزئي يجب التأسيس عليه والنضال من اجل إسراع القوانين التنظيمية المصاحبة لدسترة الامازيغية ، وترسيم الامازيغية انهزام للجناح ألاستئصالي في المحيط الملكي الذي يشن حربا ضروس ضد الامازيغية والامازيغ وبالتالي من الحنكة السياسية التقاط هذه الاشارة الملكية وبلورتها ايجابا من اجل ان لا تصبح الملكية والملك بالمغرب رهينة بين يدي كمشة من الاقصائيين والمشائين بالمعلومات الزائفة والمغلوطة عن الامازيغ والامازيغية وعن المشروع المجتمعي الامازيغي ، التصويت الامازيغي على الدستور الحالي في نظري تصويت سياسي يجب ان يستهدف اصلاح ما افسدته بعض لوبيات المحيط الملكي التي انتقمت من شفيق واوريد وغيرهم من الامازيغ الذين كانوا خير سفراء للقضية الامازيغية لدى الملك محمد السادس لكن دسائس القصور ابعدت الامازيغ عن المحيط الملكي وبدأت المعلومات والمواقف الامازيغية تصل في اغلبها مشوشة ومزورة ويتم في بعض الاحيان تضخيم مواقف واحداث صغيرة هناك من اجل تأكيد الاسئصال والاقصاء لكل ما هو امازيغي ، انني شخصيا اخترت ان اقول نعم لهذا الدستور الجديد تقديرا واحتراما للشجاعة السياسية لمحمد السادس في تخطي عقبات الاستئصال والشرنقة المخزنية ورؤية المغرب كبلد تعددي ثقافيا ودينيا وسياسيا ولغويا ، هذه الرؤية الملكية المتبصرة لوكانت في الماضي لما وصل المغرب اليوم الى هذا النقاش اللغوي والثقافي الذي كان يجب ان يحسم في السنوات الاولى للاستقلال ولا يجب ان ينتظر الى ان كبر الشرخ بين الدولة والامازيغ وبات رفض الامازيغي لكل ما تأتي به الدولة فرض عين وبديهة ترقى الى المسلمات. هذا الموقف من الدستور لا يجب ان يلخص في موضوع الامازيغية بل يتعداه الى الجانب الحقوقي الذي بات واضحا في الدستور الجديد وبات الدستور المغربي الجديد منافسا للدساتير العريقة في البلدان الديموقراطية، لكن كل ما اخشاه هو ان يندم المغاربة على الصلاحيات التي تنازل عليها الملك لفائدة احزاب ديكتاتورية وان يستشري الفساد بشكل اكبر في المؤسسة الحزبية بعدما قوي وضع رئيس الحكومة وصلاحياته في التعيين في المناصب العمومية الكبرى ، حيث لا ربما سيصبح العمال والولاة والسفراء من عائلة واحدة بعدما كانوا في السابق من اربع عائلات او خمسة وهنا مخاطر الإصلاح الدستوري بدون اصلاح سياسي. انغير بوبكر دبلوم السلك العالي في التسيير الاداري للمدرسة الوطنية للادارة دبلوم التخصص في ميدان حقوق الانسان باحث حقوقي في ميادين التنمية والديموقراطية