وأنا في عزلتي، تذكرت قبيلتي الأمازيغية التي تسكن وجداني، وحتى لا أنسى كنت بين الحين والآخر أستحضرها من الذاكرة. افتقدتها، وكتبت ما كتبت. وإليكم النص الثامن من كتاب "سفر ابزو". 8 عيون الأسلاف كانت عيون أسلافي مفتوحة على كل الاحتمالات، دائمة التيقظ، حذرة كانت عند كل منعطف، بحدسها الفطري تلامس شساعة الأفق الأرجواني، وتتهجى في هبات الريح برودة الخصب، لها قدرة رهيبة على استطلاع ما وراء الرؤية، واستطلاع خطوط الكف لتعرف ما تدسه الأقدار، وحتى لا تجتاحها المفاجأة، فهي تظل ساهرة. متوقدة هي عيون أسلافي حين أضاءت عتمة الغيب، وفتحت فيه بقعة ضوء لسنوات عديدة، وعانقت بحب كل الصور الآتية من أشعة البهاء، وأبدعت لنفسها صورا جديدة من زهو أشجار السرو، ومدت طرقا جديدة للماء والريح. ها قد انطفأت شعلة عيون أسلافي، وخبت في لحظة غفوة، وتراخت الجفون على الأحداق، لما انفتحت من جديد على مكان غير المكان. وإذ أنظر اليوم من بريقها أتساءل: أين سافرت تلك العيون؟ وأي الطرق ركبت؟ وأي فضاء جللته بالنور؟ وأنا أتأمل العيونالجديدة التي تؤثث فضاء أسلافي أكتشف كم هي حافية، وخابية، محاطة بغلاف سميك لا يفسح لها نوافذ للرؤيا، محاصرة ببياض يسد عليها كل الفتحات، وفي ليل نعاسها الأزلي، تجتر ما سهرت عيون أسلافي على إبداعه.