لا أحد يمكنه أن يجزم بنوايا المسؤولين في هذا البلد الحبيب،هل هم مع الانحلال أم الاعتدال،فإذا كنا نسمع منذ أحداث 16 ماي 2003 بأنه يجب التشبث بقيم الاعتدال والتسامح التي يدعو إليها ديننا الحنيف،من خلال إصلاح الحقل الديني ومواكبته في المناهج التعليمية وشرح تعاليم الإسلام المعتدل بتسخير الإعلام العمومي السمعي البصري حتى يتشبع الشاب المندفع المتحمس إلى أفعال منبوذة يرفضها المشرع،لكن وحتى لا ينساق شبابنا مع الأفكار الأصولية المتشددة التي تدعو إلى محاربة المنكر وتغييره باليد عوض ترك الأمر لولاة الأمر، وجب أن تكون التعبئة في المستوى وتتضافر جهود الكل لنوصل لهؤلاء الشباب الدين الصحيح ومعنى الجهاد الحقيقي وهو مجاهدة النفس والتضحية في سبيل خدمة البلاد والعباد. لكن هيهات هيهات فالخطابات رنانة والتطبيق غائب ، فعوض تكثيف البرامج الثقافية والعلمية ، وكذا عقد ندوات ومحاضرات مع علمائنا في المدن والقرى والمداشر و المساجد ، أو من خلال الإعلام لشرح الدين الصحيح البعيد عن الغلو والتشدد هانحن نرى الواقع يدحض ما يدعون إليه، وزارة الأوقاف تمنع الشيخ "عبد الله نهاري "من صعود المنبر لأنه قال كلمة حق، الدولة تقفل دور القرآن وتفتح الحانات،تقلص ساعات تدريس مادة التربية الإسلامية وتضاف ساعات التربية الموسيقية،إعلام رديء يبث برامج دينية في الساعات المتأخرة من الليل ويتعمد عرض"المسخ" في أوقات تجمع العائلات أمام الشاشة، قنوات تغرد في واد والشباب في واد،إعلام "لالة العروسة واستوديو دوزيم" حيث المجون والرقص الخليع ،ملايير تصرف على "الخوا الخاوي" حيث تتنافس القناتين اليتيمتين على إيقاظ غريزة الشباب من خلال الرقص الماجن والأغاني الساقطة في إهانة متعمدة لتقاليدنا وأعرافنا. أما المهرجانات فما يكاد ينقضي الأول حتى يليه الثاني في رسالة لكل المغاربة بأننا لا نكثرت لنداءاتكم المناهضة لكل ما هو ثقافي هادف حسب قولهم،فهاهو مهرجان موازين الذي ستبذر فيه الملايير من أموال دافعي الضرائب رغم الدعوات المتكررة لإلغائه،لأن المنظمين اتفقوا مع الفنانين ولا يمكنهم إلغاؤه، وأن الشعب يريد هذا المهرجان، أتدرون من يريده من الشعب ،الشواذ والمثليون الذين يجدون الفرصة للتعبير عن مكبوثاتهم وأخذ الصور مع أمثالهم من هؤلاء الفنانين، "شاكيرا ،إليسا،تامر حسني" وغيرهم ...سيأتون في نزهة وينالون المبالغ الطائلة مقابل ساعتين على الأكثر،فشاكيرا ستأتي لإبراز مؤخرتها لشباب يتطلع لرؤية عشيقة نجم البارصا "بيكي"، إليسا الكاسية العارية ستزيد في فتحة الصدر لتهييج المراهقين وتنال تصفيقاتهم ،أما تامر حسني فالفتيات هدفه من خلال حركاته الأنثوية التي تحركهن وتجعلهن يتزاحمن للسلام عليه ولما لا تقبيله كما فعلت إحداهن سابقا في مراكش. هذه أمثلة وغيرها كثير ،فمفسدوا البلاد يراهنون على تمييع المجتمع وعلى رأسه الشباب ،يحقنونهم بمخدر المهرجانات ،الواحد تلوى الآخر حتى لا يطالبوا بمحاسبتهم أو تغيير قواعد اللعبة ،والغريب في الأمر هو أن مهرجان موازين يأتي في وقت حرج ويصادف استعدادات التلاميذ للامتحانات رغم المطالبة بتعديل توقيته بعد رفض إلغائه، لكن شياطين الإنس أبوا إلا أن يأتوا على الأخضر واليابس ويجردوا الشباب من الأخلاق، فالمروءة في دراستهم ومستقبلهم،حتى يطمئنوا بأن هؤلاء الشباب لن يطالبوا مستقبلا بالعمل معتصمين أمام البرلمان لأنهم يعلمون أنهم لا يملكون في رصيدهم إلا أغاني ماجنة وتواريخ المهرجانات وصور مع الفنانين والفنانات. اتقوا الله في الشباب واتقوا الله في أموال الشعب .