في مثل يومه الإثنين 09 غشت 2010 منذ سنتين،رحل محمود درويش الرحيل الأخير -وقد ذكرت الأنباء انذاك أنه توفي في إحدى مصحات هيوستن بالولايات المتحدة الأمركية.. على إثر عملية في القلب ..ونقل جثمانه حيث وري التراب في مسقط رأسه \\\"بروة..\\\" ذاك النبأ، وهذه الحقيقة، محمود درويش لم يمت.. أرى طيفه في كل وقت وحين.. أراه بعيدا ،نحو الأفق يسير.. أراه هنا في حاضرة، في قلب وطن.. ذاكرة الشهيد، جنين، ورضيع، وطفل، رجال ونساء، كبير وصغير ومقاوم حر شريف، ذاكرة قصيد لا ينته.. ذاكرة بيت ،مسلح في غمد غصن الزيتون.. ذاكرة فلسطين.. محمود لم يمت،بل يحيا.. نحن الأموات في الحياة.. نعبث بالوقت.. ساعة زائدة ، ساعة ناقصة، نعبث بالعدل، بالتسيير وبالتدبير.. نلهو.. نلوث.. نستهلك أكثر مما نبني.. نأكل بعضنا.. وبعضنا يأكلون حريتنا، يلتهمون تربية أبناءنا، يلتهمون صحتنا.. يأكلون أرزاقنا، يأكلون تراب القرى والمدن، يأكلون تراب الوطن شر أكل.. ويرموننا بالرصاص البارد والحي، يدفنوننا أحياء نرزق.. إسرائيل تضرب هناك بشكل، من يضربنا نحن هنا بشكل وبجاورنا وبجوار جوارنا من يضربنا بشكل اخر.. درويش لن يمت بل يحيا. أرى طيفه بين \\\"دراويش\\\"الفجر \\\"بالمغربية تعني البسطاء\\\"يواجهون نهارا اخر في حر الصيف، في حاضرة، يابسة، تستيقظ كأنها الثلث الخالي، بئيسة فاقعة اللون،.. ممزقة الأحشاء، والأحياء، مريضة بالقلب،وداء الكبد.. تعيش بكليه واحدة، والأخرى بيعت في أسواف الخردة ، تشكو من ارتفاع الضغط.. ونسبة العيش والملح فيها ناقصة حاضرة بلا عقل، بلا دماغ بلا مخ ولا مخيخ.. نفار الحاضرة والطبالين المرافقين له إلى حد هذا الوقت مازالوا يشخرون.. عمال ، وجيوش مستخدمين بلباس رسمي أو عادي يتبادلون مداومة الليل بالنهار بائعون متجولون، وواقفون.. ومفترشون..يبيعون كل شيء، أي شيء.. يملؤون المدينة عن اخرها.. حاضرة بائعة متجولة.. مفلسة، \\\"كارطون\\\".. وبلاستيك تتقاذفه رياح الشركي في زقاق الحي العتيق، حمار عند شارة ضوء الوقوف منذ أيام غير شغال.. يلتهم قشور البطيخ والصبار.. عربات يدوية.. كلب يقدد رجل دجاجة ممرقة في بقايا بغل، وعائدون من أعراس الليل بخفي حنين.. سكرانين.. الليل وما طال يردحون.. يلقون بأوراق المال الأزرق على الشيوخ والشيخات.. نوادل المقاهي يفتحون أبوابها.. منتشرة في الحاضرة كأنها \\\"سراق الزيت\\\" مقهى جنب مقهى، ومقهى فوقها مقهى، ومقهى أسفلها مقهى، ومقهى في جوفها مقهى.. ومقاهي الرصيف.. والمقاهي المفتوحة على مدار الساعة ومقاهي متخفية في الإقامات، والمنازل.. ومقاهي متنقلة فوق عربات تبيع \\\"الخوندجال\\\" أو تمشي على أقدام قهوجاني، يحمل بيده اليمنى \\\"مقراجا\\\" مربوطا إلى فرن بسلك نحاسي، وبيده اليسرى سلة من قصب للكؤوس، والماسي يبيع \\\"القهوة البلدية\\\" معطرة بالقرفاء والزنجبيل. وسارية تتوسد حائط المحطة،من بائعي السجائر بالتقسيط والفطائر بالكيلو و\\\"سيكوك\\\"-لبن وكسكس- بالصحن، محطة الموت من أجل أي شيء.. محطة الواقفين أمواتا يطلبون شغلا وحتى ربع ربع شغل.. وسوق الحاضرة تنظف أنفها بالخنصر وتهش على الذباب نفار الحاضرة وطباليه إلى حد هذا الوقت مازالوا يشخرون.. أينك يا درويش.. أينك لا تبتعد عن الدراويش في هذا الثلث الخالي، و ذكراك في كل يوم رحيل رعيل.. إقترب، أينك هل تسمعني.. إنا هنا أساعد بقال يفتح بقالته، استعصت عليه بابه، جف فيه الدم، والزيت، جف فيه حتى الريق ما هذا الذي أرى، ما هذا الذي تركت ورائي هناك وما أراه هنا.. أنتم هكذا أصبحتم إذن أكيد أنكم نسيتم البندقية والثورة أحوال الحالة حولت حالتنا إلى حالة.. المدينة القديمة و سوق الحاضرة- الثلث الخالي- انقذف بفنابل من نوغ اخر.. أسواف ممتازة في محيط النفايات المشيدة فوق النفايات، ودروب قصدير ومساكن كارطون.. وزبناء \\\"السوبير مارشي\\\" يتفسحون، يتبردون، ولا يشترون.. يتفرجون في بعض من بعضهم ممن يشترون .. نفار المدينة وطباليه إلى حد هذا الوقت مازالوا يشخرون.. ترى هل هم نيام.. أم أموات كمن سبقوهم نيام لا يستيقظون.. محمود درويش ذاكرة مغربية.. [flash=http://www.youtube.com/v/s6QTDxLyLPQ]WIDTH=450 HEIGHT=350[/flash] النفار هو شخص موروث شعبي يوقظ الناس إلى السحور في رمضانومع مرور الزمن وتسلط السلطة تسلطت على هذه المهمة وغدا النفار هو \\\"الزواكة\\\" la sireine التي تعلن عن ساعة الإفطار بإنذار لا يختلف عن الانذار الذي يعلن وفت الحرب أو الكوارث فرحمك الله يا محمود درويش فقد قال إن السلطة موجودة في كل مكان حتى وسط القصيدة المصطفى الكرمي الإثنين 09غشت 2010