أسقنبر ... الدوار المعزول قادتني رجلاي في أحد الأيام إلى دوار أسقنبر بجماعة بني حسان، وبينما كنت أتجول لمحت أستاذة تعمل في مدرسة الدوار لا يهدأ لها بال وهي في حركة دؤوبة في جميع الاتجاهات، فتساءلت عن السبب فعرفت أنها كانت تبحث عن بقعة صغيرة تتوفر فيها تغطية الهاتف النقال لتتصل بأهلها لعلهم ينسونها تلك الوحدة والعزلة القاتلتين اللتين تعيشهما. وإذا كانت الأستاذة تعاني من ضعف تغطية شبكة الاتصال، وهي التي لن تعيش هناك إلى الأبد، فماذا عساي أقول عن هؤلاء السكان الذين كتب عليهم أن ينتموا إلى هذا الدوار؟ أهل أسقنبر يتميزون بكل الصفات الحسنة: المروءة، الجود والكرم، الجد في العمل،ا لصبر عند الشدائد ... لكنهم معزولون !! كيف؟ بكل بساطة ليست هناك طريق تسمح لوسائل النقل بالمرور إلى الدوار باستثناء الطريق الوعرة المارة بأيت عبد الرحمان، ومن كان يشك في هذا الكلام فسأضرب له موعدين في الأسبوع ليقف على حجم معاناة هؤلاء السكان مع التنقل من وٳلى مساكنهم. الموعد الأول هو كل يوم ٳثنين موعد انعقاد السوق الأسبوعي بفم الجمعة حيث يضطر رجال أسقنبر إلى قطع مسافة طويلة قبل أن يصلوا إلى أقرب نقطة تتوفر فيها وسائل النقل التي ستوصلهم إلى السوق، ولكم أن تتصوروا معي ما سيكابده هؤلاء الرجال في عودتهم لإيصال أنواع المواد الغذائية التي لا تحتمل التأخير. الموعد الثاني هو كل يوم أربعاء حينما ستواجه نساء أسقنبر صعوبة المسالك للوصول إلى المستوصف الصحي ببني حسان لأجل الظفر بحقنة لأطفالهن الرضع. وأعتقد أن صورة امرأة تحمل في ظهرها رضيعا تقطع به مسافة طويلة صيفا أو شتاء، لهي من الصور الغنية عن كل وصف والتي تعبربصدق عن عزلة دوار أسقنبر.