إنني أرى كرجل تعليم أن استحواذ نساء ورجال التعليم على مكاتب جمعيات الآباء أو على أغلب المناصب أو على المناصب الأساسية فيها ، ضرب للشراكة في الصميم وحكم بانغلاق المؤسسة على نفسها بذل الانفتاح المنشود ومساهمة مع سبق الإصرار في تنامي ظاهرة عزوف الآباء والأمهات عن التواصل مع المؤسسة وتأكيد ا للصورة السيئة والسلبية المرسومة في أذهان الناس عن بعض المسيرين من رجال التعليم في هذه الجمعيات. إن العملية التربوية بكل أبعادها معادلة متفاعلة العناصر تتقاسم أدوارها أطراف عدة أهمها الأسرة والبيت والمجتمع بحيث تتعاون جميعها في تأدية هذه الرسالة على خير وجه للوصول للنتائج المرجوة ولا يتحقق ذلك إلا من خلال توثيق الصلات بين البيت والمدرسة. من هنا جاءت أهمية جمعيات الآباء والأمهات ، حيث أن هذه الجمعيات لم تأت من فراغ وإنما جاءت كضرورة ملحة لربط المدرسة بالأسرة والمجتمع المحيط ، وعليه فإن الربط بين معطيات المدرسة والبيت أمر ضروري حيث أن ذلك يمكن المدرسة من تقويم المستوى التحصيلي للأهداف التعليمية ويحقق أفضل النتائج العلمية فذلك يساعد المدرسة على تقويم السلوكيات التلاميذية ويعينها على تلافي بعض التصرفات غير السوية في صفوف بعض التلاميذ ، وكذلك فإن تواصل أولياء الأمور مع المدرسة يساعد على توفر الفرص للحوار الموضوعي حول المسائل التي تخص مستقبل الأبناء من الناحيتين العلمية والتربوية ، ويسهم أيضاً في حل المشاكل التي يعاني منها التلاميذ سواءً على مستوى البيت أو المدرسة وإيجاد الحلول المناسبة لها وهذا يخدم الصالح العام والهدف المرجو ، وإذا فقدت العلاقة أو الشراكة بين البيت والمدرسة فلن نقطف الثمرة المثلى التي نطمح لها ، وفي اعتقادي فإن المدرسة الناجحة هي التي تزداد صلات أولياء الأمور بها ويزداد تعاونهم وتآزرهم . ويجب ألا ننسى انه قد حدث تغير جوهري في الاسر، فكثير من الأباء والأمهات قد تعدى حظهم من التعليم المرحلة الثانوية وربما المرحلة الجامعية الأولى، ولم تعد تقف مهمتهم عند حد توفير الكساء والغذاء للعائلة فقط. وأصبحت الأم مثلا تحمل أعلى الشهادات علاوة عن عملها خارج المنزل، وهذا إضافة إلى دورها السابق داخل المنزل، وهو تامين الأكل والتنظيف والراحة لكل من في المنزل. فقد أصبح الأبوين يستطيعان تحليل الأمور وتحليل المشاعر، وتحليل الأفعال وتفسيرها، وفي مقدرة الأبوين اليوم فهم حاجات أطفالهما اليومية ومشكلاتهم الفردية. كما أن انهم أصبحوا يعرفون حقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم ، ويواكبون المستجدات التي تحصل في ميدان التربية والتكوين ويصبحون ويمسون على شعارات الدولة التي تحثهم على الانخراط في الإصلاح والانفتاح على المؤسسة والمشاركة في برامجها ومساعدتها ماديا ومعنويا . ومع ذلك فإن جل الآباء لا يزورون المدرسة إلا مضطرين . لماذا؟ لقد أتضح لي كرب أسرة وكرجل تعليم أن عزوف أولياء الأمور عن التواصل مع المدرسة مرده إلى الأسباب التالية : استحواذ بعض رجال التعليم على مكاتب جمعيات الآباء والأمهات وعدم رغبة بعض هؤلاء الأباء في الدخول في صراعات معهم حول تحمل المسؤولية في مكاتب هذه الجمعيات خوفا من تبعات ذلك على أبنائهم. وفي هذه الحالة فإن الآباء إما يقطعون هذه الإجتماعات أو يحضرون لتزكية بعض الاساتذة لعلمهم بأن طبخة المكاتب قد أعدت سلفا بين بعض الأساتذة من داخل المؤسسة ومن خارجها والإدارة التربوية والذين تربط بينهم ولاءات حزبية أو نقابية أو مذهبية معينة ويتجلى ذلك في الإستدعاءات التي لا توجه بعد انصرام الأوقات القانونية للتجديد أو التأسيس بزمن كثير إلا لفئة معينة من الأباء والأمهات دون غيرهم وغالبا ما يحضر هذه الجموع العامة بعض محترفي العمل الجمعوي الذي يتوفرن على حاسة شم خاصة تنبؤهم بتواريخ وأمكنة انعقادها وهؤلاء معروفون عند القاصي والداني بانخراطهم في جميع الجمعيات (رياضية .. ثقافية .... فنية ... جنائزية ... صوفية .... وإحسانية وووو وكل ما يمكن أن يخطر على بالكم من ألوان الجميات ، خدمة لأجندة معينة لا تخفى الأهداف الثاوية وراءها على أحد أهداف ،العمل الجمعوي منها براء براءة الذئب من دم يوسف ...... قلة الوعي لدى بعض أولياء الأمور بأهمية التعاون والتواصل مع المدرسة ،في الواقع إن بعض أولياء الأمور لا يدركون أهمية التعاون و التواصل ويتركون كل شيء للمدرسة ويظنون أن ذلك يكفي ولا يقومون بأدنى متابعة في البيت وربما يرجع سبب ذلك في كثير من الأحيان إلى قلة المستوى التعليمي والثقافي لديهم وإلى غياب دور المدرسة في التواصل معهم وتحسيسهم بأهمية وبخطورة الدور المنوط بهم . ظروف الارتباطات العملية لدى البعض منهم ، البعض من أولياء الأمور يعملون بعيدا عن أماكن تواجد مدارس أبنائهم وعليه فإن ظروفهم العملية لا تمكنهم من زيارة المدرسة ولا تمكنهم من القيام بواجبات المتابعة والعناية بابنائهم.وما جاء دور مكاتب جمعية الآباء الا للنيابة عنهم تمثيلهم والتحدث باسمهم . التخوف من دفع الأموال والتبرعات للمدرسة ،يظن بعض أولياء الأمور أنهم عندما يزورون المدرسة أو عندما سيتدعون إليها ،سيطلب منهم دفع مبالغ مالية أوتبرعات أو تقديم خدمات ، ولا يدركون أي جوانب أخرى إيجابية لزيارة المدرسة.وهذه حقيقة مرة فبعض المؤسسات لا تعرف في دور جمعية الآباء غير الجانب المادي وكثيرا ما يكتنف الغموض مداخيل جمعية الآباء وغالبا كذلك ما تهدر اموالها بطرق ملتوية وتحت يافطات ظاهرها مصلحة التلميذ وباطنها ........ قلة اهتمام بعض أولياء الأمور بتعليم وتربية أبنائهم ، لا يهتم بعض أولياء الأمور بمستقبل أبنائهم وعليه لا يبدون أي اهتمام بشؤون تربيتهم أو متابعة تعليمهم سواءً في البيت أو المدرسة وتجدهم يعطون الأولوية للبحث عن لقمة العيش .وهؤلاء يشكلون السواد الأعظم من الأباء ، ظروف العيش وغلاء المعيشة هو شغلهم الشاغل . عطالة حاملي الشهادات أو خريجي المدارس بصفة عامة إن ازدياد أعداد العاطلين من حاملي الشهادات وخريجي المدارس جعل بعض الاسر تفقد الثقة في المدرسة وتعتبرها عبئا ثقيلا ومصاريف زائدة لا حول ولا قوة ولا قدرة لهم عليها وفي رأيهم فلا طائل من زيارة المؤسسة أو الإنخراط في جمعياتها . سلوك بعض رجال التعليم (إدارة وأساتذة) : إن تصرفات بعض الاساتذة وسلوكهم سواء داخل المدرسة أو خارجها زعزع ثقة الأسرة في جدوى التعامل مع المدرسة وخلخل أواصر الثقة المفروض أن تكون متينة وقوية بينهما ويرى بعض الأباء أن الحديث عن دور الجمعية الذي هو دور ثانوي بالمقارنة مع الدور الأساسي الذي يجب أن يضطلع به كل من الاستاذ والإداري هو من باب العبث بمعنى أش خاصك العريان الخاتم أمولاي .... قد نتج عن عدم التعاون والتواصل بين البيت والمدرسة أضرار كثيرة اثرت سلبا على التلميذ والبيت والمدرسة والمجتمع ، وعلى العملية التعليمية التعلمية برمتها وأذى ضعف الترابطات بين البيت والمدرسة خروج إلى انحراف العلاقات عن مجراها الصحيح واحتل النفور والعزوف مكان الود والتعاون والتواصل والتفاهم إن ما نراه اليوم بغض النظر عن بعض الإستثناءات هنا وهناك \" وهي حالات شاذة والشاذ لايقاس عليه كما يقول الفقهاء \" يدعو إلى إيجاد علاقة وثيقة بين المنزل والمدرسة من خلال التعاون المنتج فلا توجد في رأيي طريقة أهم من فسح المجال للاباء وللأمهات لتحمل مسؤولياتهم كاملة وتدبير عقد اجتماعات دورية تحسيسية وتكوينية بين المدرسة والاسرة والآباء وهي في اعتباري الترجمة الفعلية لانفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي كما يمكن للمؤسسة أن تستفيد من خبرة بعض الأباء والأمهات وعكس ذلك فهو انغلاق على الذات ولن تجني منه المؤسسة غير ما نراه اليوم من عنف بجميع اشكاله ومن هدر وتسرب وضعف مردودية .... ولكن كيف السبيل إلى ذلك وبعض المؤسسات لم تفسح للآباء مجال المشاركة والمساهمة ،بل لا تستدعيهم \" هذا إذا تم استدعاؤهم \" إلا للإصلاح أو لإقامة حفلة شاي أو أذا كان إن القوانين والمراسيم والمذكرات تفرد لجمعية أباء وأمهات التلاميذ مكانا متميزا وتشركها مشاركة فعالة في تدبير الشأن التعليمي،ولكن ألا ترون معي أن الواقع شيء آخر ؟ مكاتب جمعية الآباء برمتها أو باغلبية أعضائها من الأساتذة والموظفين العاملين بالمؤسسة !!!! اليس هذا ضربا لهذه الشراكة والانفتاح والتعاون المفروض أن يتم بين المدرسة والأسرة ممثلة في جمعية الآباء ؟؟؟. لقد حاولت الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية أن توحد القوانين الأساسية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ خلال كل الملتقيات الوطنية التي نظمت في بكل من ( تطوان, وجدة, إفران, أسفي ,بوزنيقة ( وكانت لي فرصة حضور بعضها ،ولكن هذا المشروع لقي معارضة شرسة من طرف رؤساء وكتاب وأمناء جمعيات الآباء التي أبانت الإحصائيات أن نسبة عظيمة منهم كانت من نساء ورجال التعليم .وكانت تلك المؤتمرات مناسبة سلخ فيها جلد الوزير / ساعف المسكين من طرف معارضيه السياسيين والنقابيين على حد سواء وكانت تلك اللقاءات مؤتمرات للتداول والتحاور والتناطح والتصارع السياسي والنقابي وخرجت منها جمعية الآباء خاوية الوفاض . خلاصة القول نعم من حق امرأة ورجل التعليم الترشح لعضوية مكتب جمعية الآباء ولكن هناك مبدا في القانون العام يسمى / التنافي ؟!! وهل يعقل أن يكون الأستاذ خصما وحكما في نفس الآن ، أظن لا ؟ وبدون الدخول في التفاصيل ..... تصوروا أنه توجد ببعض المؤسسات التعليمية مكاتب لجمعية الآباء أغلب أعضائها من الموظفين العزاب العاملين بالمؤسسة بل ورئيسها أعزب وليس له في المدرسة لا ولد ولا بنت ولا مكفول لا من يقرب له من قريب ولا من بعيد ؟؟؟؟ وبما أنه موظف بالمؤسسة ؟ولأنه يتطلع للعب جميع الأدوار فيها، فهو منشط ؟ وأي نشاط ؟ ورئيس الجمعية الرياضية؟وأية رياضة ؟ ورئيس جمعية الآباء أو كاتبها أو أمين صندوقها ؟ وعضو مجلس التدبير بقوة القانون ؟ وعضو فاعل في جمعية دعم مدرسة النجاح وهلم جرا ، أضف إلى ذلك أن بعض هؤلاء قد عمروا في مكاتب جمعيات الآباء ، وبعضهم عضو في أكثر من جمعية. والنتيجة : • مدارس مهترئة آيلة للسقوط • أجهزة متلاشية • نتائج متدنية • هدر بالجملة ( عندما أتحدث عن الهدر فأعني به الهدر بجميع اشكاله ) • بيع وشراء في نقط المراقبة المستمرة • غض الطرف والتواطؤ اثناء الإمتحانات الإشهادية • التلاعب في ميزانية الجمعية وصرفها في غير ما هي مخصصة له \"\" هدر المال العام\"\" • غياب الاساتذة بالجملة قبل وبعد العطل المدرسية بكثير \"\" هدر الزمن المدرسي \"\" وقد يسأل سائل: وماهو دور جمعية الآباء وما حدود مسؤوليتها في كل ما ذكر؟ أترك الجواب لكم وفي انتظار ردودكم وأرائكم تحياتي الصادقة وإلى فرصة اخرى م.ن. البوعيشي والسلام