طريق بزو تنانت أصبحت أشهر من نار على علم ، بفضل هذه البوابة و ما تنقله من أخبار مآسي هذه الطريق و ضحاياها ، عل ذلك يحز أو يهز أو يحرك شيئا في أعماق المسؤولين ، و بالفعل داست عجلات سيارات المسؤولين هذه الطريق أكثر من مرة و لا شيء تحقق ، لأننا ، ببساطة ، نسينا أن سيارات المسؤولين فخمة و مكيفة وذات نوابض قوية و عجلات متينة تغازلها الطريق أكثر مما تهزها ، و سيارات الدرك تسبقها مفسحة لها المجال ، فلا تقاطع و لا تجاوز ... و لن يحس بضربة " مزود " هذه الطريق إلا من ركب تلك التحف الفرنسية القديمة ( بيجو ) التي تسير على ظهرها يوميا .... مستعمل هذه الطريق يستعمل كل حواسه و جوارحه ، حتى فمه لا يكف عن النفخ تأففا ، و في بعض الأحيان سبا و لعنا . ركبت قبل أيام في إحدى تلك الحافلات التي تقطع هذه الطريق جيئة و ذهابا يوميا ، كان كل شيء على عاديا حتى اللحظة التي تقاطعت الحافلة مع شاحنة قادمة من الاتجاه المعاكس ، طبعا يستحيل مرور " إركاطين " دون أن تنزل إحداهما أو كلاهما إلى الحافة ، و بالأحرى حافلة و شاحنة . و لقلة صبر الاثنين كادت الحافلة أن تنزل في حافة عميقة لولا لطف اللطيف . بدأ سائقها يسب و يلعن غير آبه بمن وراءه من السيدات و السادة ، ثم غير سلوكه فأصبح أكثر شراسة و أكثر إصرارا على احتلال هذه الطريق ... سيارة رباعية الدفع قادمة في الاتجاه المعاكس تبدو على سائقها الفخامة و الأبهة ، و لكن لم تشفع لصاحبها لا ربطة عنقه و لا نوعية سيارته عند سائق الحافلة الذي مضى قدما دافعا صاحب السيارة إلى الحافة ..... سيارة تحمل منزلا من تلك المنازل المتنقلة لاحت من بعيد يقودها أحد السياح الأجانب ، ركن هذا السائح سيارته قبل وصول الحافلة ، فلا حاجة لعناد طفولي قد يزهق الأرواح .... ثم ظهرت سيارة للدرك الملكي ، فما كان من سائق الحافلة إلا أن أخرج عجلاته إلى الحافة مفسحا بذلك الطريق " للمخزن " ، خوفا طبعا لا حياء ... لنغير سلوكنا تعنى احترام الآخر لإنسانيته لا لسلطته أو نفوذه .... لنغير سلوكنا تعني استحضار الأرواح التي قد تزهق في لحظة عناد أو تهور ... لنغير سلوكنا تشمل أيضا الراجل الذي يفضل سماع قعقعة حذائه على الإسفلت على صمت و غبار الحافة أو الطوار .... لنغير سلوكنا تشمل أيضا كل من سن أو صوت على قانون مستورد لا يوافق لا مجتمعنا و لا طرقنا .... لنغير سلوكنا تشمل العقلية البراغماتية التي تحكم بناء الطرق و إصلاحها ، حيث تقدم الوطنية و السياحية على الإقليمية و الجهوية ..... لنغير سلوكنا تشمل المتلاعبين بمناقصات بناء الطرق و مراقبي دفتر التحملات .. لنغير سلوكنا تشمل رجل الأمن الذي يضعف أمام دراهم معدودة ناسيا حرمة بزته العسكرية ... حماد يونس [email protected]