كلمة شكر لا يسعنا ونحن بصدد انجاز هدا العمل حول اليهود بمنطقة تاونزة إلا أن نتقدم بتشكراتنا الى كل من ساهم من قريب أو بعيد لإخراجه إلى حيز الوجود ... - تحية خاصة لمن شجعنا لهدا... - تحية تقدير واحترام للمستجوبين الدين لم يبخلوا بتزويدنا بمجموعة من المعلومات ... - تحية مماثلة للأخوة والأصدقاء الدين ساهموا معنا بنصائحهم وإرشاداتهم .... - تحية لمن راجع هدا العمل ... - تحية لكم جميعا.. بطاقة عن تاونزة تمتد جماعة تاونزة على ضفتي وادي العبيد بجبال الأطلس المتوسط , وتقدر ساكنتها حسب الإحصاء العام للسكنى والسكان ب 11610نسمة وتتربع على مساحة تبلغ 340 كلم2 وتعد تابعة لقبيلة أيت أعتاب وإداريا لإقليم ازيلال يحدها شمالا جماعة بني اعياط وشرقا جماعتي ايت وعرض وبين الويدان وغربا جماعة مولاي عيسى بن إدريس وجنوبا جماعتي أكودي نلخير وتكلا ...يعتمد سكان تاونزة في اقتصادهم على الفلاحة كزراعة الأراضي البورية والمسقية وتربية المواشي وغلاة الزيتون واللوز ...توجد بغاباتها أشجار البلوط والعرعار, كما توجد بها ثروة مهمة من الحيوانات كالثعلب والخنازير والأرنب والحجل ,أما صناعتها فهي تقليدية كالدباغة والفخار ... توطئة لمحاكاتنا لموضوع اليهود بتاونزة ارتأينا الى استعمال تقنية "استطلاع الرأي فيما يحص حياة اليهود بملاح تاونزة إيمانا منا بان هده الطريقة ستساعدنا على جمع بعض المعلومات المتعلقة بيهود تاونزة . ولقد استهدفنا بدلك مجموعة من المستجوبين لا تقل أعمارهم عن العشرينات في حدود الستينات لكون سنهم هدا يؤهلهم – في دلك الوقت – لخوض الحياة السوسيو- اقتصادية بشكل عام والدخول في علاقات متنوعة مع اليهود بشكل خاص, هده العلاقات التي ساعدتهم على معرفة مجموعة من الخبايا حول الحياة الدينية والتجارية والصناعية لليهود ‘ وتعمدنا أن يكون هؤلاء المستجوبون رجالا عوض النساء لكونهن لم يدخلن في علاقة مباشرة مع اليهود.... ولقد سطرنا لدلك مجموعة من الأسئلة القبلية ' توخينا من خلالها الوصول إلى مجموعة من الأهداف من قبل : تاريخ اليهود لمنطقة تاونزة ...وأصولهم وعلاقاتهم الاجتماعية وتجارتهم وحرفهم وعاداتهم وتقاليدهم ونظرتهم للمسلمين ونظرة المسلمين إليهم .... وطريقة عيشهم وكدا اثأر هجرتهم على المنطقة والزيارات الدورية التي يقومون بها بين الفينة والأخرى لمقرات استيطانهم القديمة بتاونزة ... ولا نخفى مفاجئتنا العظيمة لوصولنا إلى مجموعة من المعلومات التي لم تكن في الحسبان .... وفى المقابل خيبة املنا لعدم معرفة تاريخ تواجد اليهود بالمنطقة غير أنهم كانوا يسكنون بايت عيسى ( ايت واحكو) ثم اغبر نعبدى ليستقر بهم الحال بدوار تاونزة وهو المكان الدى ظلوا يراوحونه الى حين هجرتهم إلى إسرائيل ما بين سنتي 1952 و 1962 ولا نخفى كدالك مجموعة من الصعاب التي وقفت في طريقنا ونحن نركب غمار مساءلة تاريخ اليهود بمنطقة تاونزة : أولها انعدام المراجع التي تسلط الضوء على المنطقة لكونها أصبحت تعيش عزلة مند بداية الاستقلال ( الدى تزامن مع بداية ترحيل اليهود من تاونزة الى إسرائيل ) وثانيها غياب " جنس اليهود" من قائمة المستجوبين ... وهو الجزء المظلم للوحة التي سلطنا عليها المصباح.. ثم كذلك صعوبة نقل المعلومات بحيث كنا في غالب الأحيان نقوم بالترجمة الفورية لما يقوله المستجوبون... لكون الحوار يدور بالامازيغية والكتابة بالعربية... حاولنا أن نستجوب الأشخاص الدين وضعنا لائحة بأسمائهم على فرادى وغالبا ما كان بعضهم يحيلنا على مجموعة من الأسماء الأخرى للاستعانة بها... ولقد طرحنا نفس الأسئلة على مجموعة من الأشخاص فرادى وجماعات ' ولم نكن نتوقع مصادفتنا لمجموعة من الأشخاص كانوا بالنسبة لنا منبع عدد من المعلومات..حيث هناك من تعامل مع اليهود على المستوى التجاري والصناعي وتبادل الزيارات... وهناك من قام بتدريسهم اللغة العربية... . أصل اليهود .. من أين أتوا إلى تاونزة؟ تضل الإجابة عن هدا السؤال مطروحة , بحيث لاوجود لمصادر تاريخية تثبت أصول اليهود بتاونزة ولا حتى الفترة التي بدا تواجدهم بالمنطقة , إلا رواية واحدة ترجح اتهم وفدوا من بوكماز وايت عباس وايت أمحمد وتامرزوقت بضواحي مدينة ازيلال . أما الروايات الأخرى فتؤكد تواجد اليهود بجماعة تاونزة في بداية الأمر بمنطقة ايت عيسى بايت وحكو , ثم بعد دلك انتقلوا الى اغير نعبدي ( على بعد 200 متر من ايت عيسى ) يعني الضفة الأخرى لوادي العبيد . ليستقروا بدوار تاونزة على بعد 800 متر من ايت وحكو. وأثارهم لازالت متواجدة بايت عيسى ( مقبرة + والي يدعى مولاي غي أو مول تيني( نسبة الى شجرة النخيل بجانبه ) أو سيدي يوسف بن علي )). فيما يخص أسماء العائلات التي كانت تسكن بملاح تاونزة استطعنا أن نتعرف على مجموعة من الاسامي مثل : ايت بوتو وايت بويمي وايت مسعود وايت يشو نحكي وبني شوعة وايت شوي لمات وايت عكان وايت بن يدير وايت إسحاق وايت بن تخاموشت وبن يجو بن مايير وايت ناعوش وايت بايو .أما بخصوص أرباب العائلات... حيث كان سؤالنا: من كان يسكن في كل منزل لازال متواجدا لحد ألان ؟ فتعرفنا على شالوم وابن اساخا وعازر وايلو وايهودا ومسعود بن ساعدة و ببهي وايشان الكبير وايشان امزان وهدو وابن أنون ودود وش وابراهة وهارون وابن يفيح وبيزوت وحبيبة وموشي التهان وابن وطيطة . يمكن أن ننبه هنا الى نقص في نطق بعض الأسماء اليهودية .. كما نسجل بجانب دلك إضافة بعض الألقاب إلى الأسماء , لكنها تبقى معروفة عند عامة الناس..المسلمون منهم واليهود , وهده الأسماء لازالت عالقة بأذهان سكان تاونزة ..ومنازلهم لازالت تسكنها عائلات تتجاذب أطراف الحديث عن اليهود.... حرف اليهود بتاونزة يتفق جميع المستجوبون على أن اليهود هم المسئولون على إدخال جميع الحرف الى تاونزة – باستثناء الفخار – بحيث كانوا يزاولون مهنة الاسكافي والدباغة واللحامة وسك المعادن , الفضية منها ولبرادعي .....كما زاول النساء منهم مهنة النسيج. فالاسكافي , بالإضافة الى انه يقوم بإصلاح الاحدية (للمسلمين واليهود على حد سواء ) فهو يقوم بتصنيع بعضها : اركسن التي تصنع من جلد البقر ويكو ربين من الزيواني ( جلد الماعز المصقول) ويصنعون كذلك الغربال من جلد الغنم . ولقد استطاعوا أن يطوروا صناعاتهم هاته الى بلغة عصرية مستعينين في دلك بمواد قادمة من البيضاء . لابد من الإشارة هنا الى آن اليهود لقنوا المسلمين هده الحرف كلها . وهناك من لازال يزاولها لحد ألان رغم التكاليف الباهظة والمنافسة. نذكر منها الدباغة التي انتقلت مند دلك الحين الى كل من فاس وخنيفرة ومراكش سواء عبر اليهود أنفسهم أو المسلمين الدين هاجروا المنطقة آنذاك . لقد أكد لنا المستجوبون على أن الانتعاش التجاري الذي ساد المنطقة خلال تواجد اليهود بتاونزة تراجع بشكل كبير... حيث يذكر أن السلع كانت تأتي من تافيلالت ومراكش الى تاونزة ومنها الى بني ملال وخنيفرة و فاس مرورا بمجموعة من الأسواق كافورار وبني عياط وأولاد امبارك وزاوية الشيخ وايت اسحاق الى أن تصل إلى فاس على ظهور الجمال والبغال . كان يقام بتاونزة سوق يومي (بالإضافة إلى السوق الأسبوعي ) نظرا لتوافد مجموعة من التجار الى المنطقة قادمين من ناحية القبلة ( الراشيدية و ورزازات ) حاملين معهم الثمر والتين والحناء لبيعها وشراء مواد أخرى كالشاي والصابون والسكر ...وهي المواد التي كانت تأتي من مراكش . أما السوق الأسبوعي فيقول احدهم بمرارة من الحسرة : " إن رحبة الزيواني فقط تعادل مساحة السوق الأسبوعي الذي ينعقد حاليا يوم الأحد بتاونزة " ويضيف : " كانت تاونزة أكثر رواجا من مدينة بني ملال ؟" ويقول آخر : " تاونزة هي البوابة ..... هي بوابة الشرق نحو الوسط والعكس " فإلى جانب تاونزة توجد بلدية دمنات... فهاتان المنطقتان تعتبران معبر الاتى من وسط المغرب الى الشرق وللاتي من الشرق الى الوسط أو للمتجه إلى مراكش أكثر من مائة دابة ( بين حمير وبغال وجمال ) كانت تدخل تاونزة يوميا حاملة معها مجموعة من السلع ... يقول احدهم: "كنا نسمع الضجيج على بعد 300 متر من الملاح....والدكاكين الموجودة حاليا بتاونزة يشهد لها الكل بما روجت من سلع مابين المناطق السالفة الذكر" . أما أول حافلة دخلت ايت أعتاب فكانت تربط ما بين تاونزة ومراكش.. هناك من قال بان هده الحافلة كانت "تتنقل" بالفحم الخشبي وقال آخر بالفحم الحجري .. والشيء المؤكد لنا من احد حفدة شريك اليهودي بوتو في هده الحافلة هو أن هده الرخصة تم بيعها لأحد المراكشيين... وثم تغيير خطها الى ما بين مراكش ومدينة ازيلال عبر دمنات تربية المواشي عند اليهود كان اليهود يشترون للمسلمين أغناما وأبقارا لتربيتها مقابل النصف ولم يشهد لهم أنهم كانوا يقومون بدلك بأنفسهم ولا يحتفظون بمنازلهم إلا بالدواب لحمل السلع( البغلات في أحيان كثيرة) أما بخصوص الفلاحة والحرث فلم تكن لهم أراض يقومون بزرعها بل سجل التاريخ أنهم يشتركون مع المسلمين في دلك .والناشطون من اليهود في هدا الميدان قليلون ،ويمكن تأجيرهم للعمل عند المسلمين ( خاصة في معاصر الزيتون ) الأعياد.. العادات والتقاليد فيما بخص سؤالنا حول العادات والتقاليد التي تميز يهود ملاح تاونزة ،سجلنا انغلاق اليهودي على نفسه،بحيث لم يستطع المسلمون التعرف بشكل دقيق على عاداتهم ، إلا بعض الشدرات منها ..فاليهودي لايكشف عن نفسه وعلى الرغم من دلك فقد يتبادل مع المسلم الزيارات والمأكولات والهدايا ويحكى أن يهود تاونزة يخلدون عيدا يدعى " اشططو" يدوم أسبوعا ويسمى على كعكة عبارة عن رغيف رقيق يأتون به غالبا من الدارالبيضاء خصيصا لهدا الحفل ويتم تبادل الزيارات بهده المناسبة ويلبسون الجديد . ومنهم من يأتي الى أصدقائهم من المسلمين في اليوم الأول من هدا الأسبوع ، ويطلبون منهم مقايضته باللبن في آخر أيام العيد ..وتسمى هده الليلة الأخيرة بالميمونة....أما عيد " الشليحوت " فهو عبارة عن إقامة الصلاة ليلا ، ولا أحد يدرى كيف تقام هده الليلة ...ويحتفلون بعيد " بيساح " .. حيت يبنون "نوالة" من أعمدة خشبية على شكل مثلت يظلون بداخلها طيلة هدا اليوم احتفاء بالعام الجيد (الصبا) ويخلدون كذلك عيد (لم نتمكن من تحديد اسمه ) وهو يوم الفانتزيا .. خاص بالحمير والبغال ، حيت يمتطي شبان اليهود صهوة دوابهم في يوم من أيام شهر مارس ويركضون جماعة على شاكلة مواسم الفروسية حاليا..لكن بدون بارود . أما عطلة نهاية الأسبوع عندهم.. فهي تعرف بيوم "تاسخينت " تشبه الطنجية المراكشية .. تملا باللحم وتدفن في فرن جماعي: كل عائلة تأتي بتاسخينت الخاصة بها الى هدا الفرن , ابتداء من مساء يوم الجمعة الى ما بعد زوال يوم السبت .. بعد الصلاة حيث يأتي ممثل كل عائلة وياخد طنجيته .. ووجبت الإشارة هنا الى أن اليهود يمتنعون عن العمل خلال هدا اليوم .. ويحرمون على أنفسهم إيقاد المواقد في المنازل ( وقد يكون هدا من الأسباب التي تجعلهم يوقدون الفرن الجماعي مند صبيحة يوم الجمعة) ولقد سجلنا هنا أن اليهودية تحمل هدا الإناء عبر محطات..اعتقادا منها أن عدم التوقف عبارة عن جهد عملي محرم عليها خلال هدا اليوم المقدس. الجنازة عند اليهود معروف عند يهود تاونزة أنهم يولولون ..ويندبون .. - وقد يكون دلك بالبنادر – ادا هلك احدهم .. و يأتون جماعات لتقديم التعازي لأسرة الميت.. ويتم تغسيل الهالك في مكان معلوم ( بمنزل الحزان مثلا) ووجبت الإشارة هنا الى أن الحزان عند اليهود هو إنسان متعلم ومتفقه في الدين اليهودي .وهو المرخص له شرعا للقيام ببعض الأمور الدينية والاجتماعية بدءا بتغسيل الأموات وإقامة الصلاة والذبح وختان الأطفال وقيادة الجنازة وما الى دالك ... إن حمل النعش عند اليهود مؤدى عنه: فمن أراد أن يحمل الميت وجب عليه دفع قدر مالي مقابل دلك. لهدا كانت الجنازة تتوقف عدة مرات..ودلك كلما رغب احدهم في الأداء.. بل كثيرا ما يأمر الحزان بالتوقف من اجل جمع المال , حيت ينادي في وجه الناس : "هل هناك من يريد أجرا ...؟ هل هناك من يريد حمل النعش..؟ من.. هيا ها هي الفرصة أمامكم...فينكم يا أولاد ربي شمعون ؟؟ " ولا تتحرك الجنازة إلا بعد أن يتطوع احدهم للأداء... ويحكي احد المستجوبون انه عندما كان طفلا كان يتربص – رفقة أصدقائه – بجنازة اليهود.. ويصيحون في وجههم: " حرام.. حرام.. حرام.. " وعندما يسمع اليهود هدا الكلام يتوقفون ويضعون النعش على الأرض ويطردون الصغار ليستأنفوا السير بالجنازة. وكثيرا ما كانت تتكرر هده اللعبة.. الشيء الذي أدى باليهود إلى تنصيب حراس لصد الأطفال المسلمين . ولما سألنا صاحبنا عن السبب في القيام بهذا الاستفزاز ..أجاب على أن هدا السلوك لا يعدو أن يكون عملا صبيانيا لا اقل ولااكثر .... النظرة والنظرة المعاكسة... لما حاولنا أن نبحث عن نظرة اليهود للمسلمين ونظرة المسلمين لليهود , اكتشفنا إن الهاجس الديني هو العنصر المتحكم في هده العلاقة . أما بخصوص الجانب العرقي واللغوي فيكاد يكون غائبا .. فاليهود لاينظرون الى سكان تاونزة كامازيغ , بل كمسلمين .. وكثيرا ما كانوا يتكلمون الامازيغية كلسان حال تاونزة بالرغم من إن اليهود كانوا يتكلمون العربية الدارجة خصوصا فيما بينهم ويستعملون العبرية في حالة ما ادا أرادوا تضليل المسلمين .. دون أية نظرة عرقية لطرف اتجاه آخر ..فالمسلمون يتقبلون ويفهمون أن اللسان الأصلي لليهود هو العبرية.. ولا يجدون حرجا في دلك .. بل هناك من يحب إن يسمع إليهم وهم يتكلمون هده اللغة رغبة منه في استكشاف الآخر . ويذكر أن العبرية كانت تدرس لليهود في المسجد ..لتعلم المبادئ الدينية اليهودية ( شانها في دلك شان اللغة العربية في مساجد المسلمين ) , أما بالنسبة للامازيغية , فهي الوسيلة التي يستعملها اليهودي بشكل يومي لقضاء حاجاته مع المسلمين . وبخصوص الدارجة المغربية فتكاد تكون الوسيلة الأكثر استعمالا بين اليهود أنفسهم.. دون أن تخلو لا امازيغيتهم ولا عربيتهم من نبرة كنعانية .... أما اللغة العربية الفصحى فقد خصص لهم مكان منعزل في احد المنازل الذي لازال يشهد بنفسه على دلك لتعلم المبادئ الأولية للغة الضاد.. وليس من باب الصدف إن يكون من بين الأشخاص الدين استهدفناهم في استجوابنا شخص كان يدرسهم أبجدية لغة القران.. حيث حكى لنا على أن إقبال اليهود على العربية كان ضعيفا.. ويعزى دلك الى تخوفهم من فقدان هويتهم ..خاصة أن معلمهم متفقه في الدين الإسلامي . من هنا يمكن القول إن العربية فرضت عليهم ولم تكن خيارا أمامهم.. ولقد تعاقب على تدريسهم تلاتة اساتدة مابين 1953 و1961 وفي المدرسة الرسمية سجلنا أن اليهود كانوا متفوقين في اللغة الفرنسية, وكانوا يقبلون عليها جيدا مقارنة مع العربية. وتجدر الإشارة أن اليهود عندما يصل موعد العنصرة ( أي العاصفة القوية ) ينقلبون ويكرهون النظر الى المسلمين ويحرمون على أنفسهم أكل اللحم لمدة أسبوع ويندبون ويولولون , كما أنهم يمشون حفاة ويرمون الوادي بالحجارة ,وهناك طريقة للتداوي عندهم – كما هو الشأن عند المسلمين – بحيث أنهم يطوفون ببيضة على رأس مرضاهم ويضعون عليها قليلا من الحناء وفي الصباح الباكر يضعونها على قارعة الطريق اعتقادا منهم انه ادا مر احد المسلمين سياخدها وسينتقل إليه المرض مباشرة . أما المسلمون فيقومون بالطريقة نفسها , لكنهم يتخلصون من البيضة بقذفها في الفضاء ليلا حيث تتكسر حثما ... العلاقات الاجتماعية إن العلاقات الاجتماعية بين اليهود والمسلمين محدودة جدا ويطبعها جانب من الحيطة والحذر.. ففيما يتعلق بالعلاقات الزوجية فلم نسجل إلا حالة واحدة وهى إن إحدى اليهوديات تزوجت احد المسلمين وأسلمت بعد دلك لتصد عنها نظرة اليهود .. وعلى الرغم من أن المستجوبين لم يحضروا هده الضجة فقد ظلوا يتقصون أخبار هده الزوجة حيث قيل لنا بأنها طلقت رجلها الأول والثاني فالثالث ويذكر أن لها درية من هؤلاء...... أما تبادل الزيارات فكان محدودا إلا ادا كانت تربطهم علاقات تجارية أو شراكة الأغنام مثلا فالمسلمون يحتفظون بألد الطعام لديهم ( السمن والعسل ) لتقديمه أثناء زيارة اليهود المرتقبة, واليهود متسامحون مع المسلمين في أداء القروض وفى مستحقات الشراكة أما المسلمون فلا يأكلون من طعام اليهود إلا الشاي واللوز و الجوز وبما أن يهود تاونزة يفضلون أكلة البيض والطماطم فان المسلمين أنداك يتعففون الطماطم ويعتبرونها حراما ويعزى تحفظ المسلمين في الاقبال على طعام اليهود الى مثل هده الشبهات .... ولا زال احد المستجوبون يذكر أول يوم ذاق فيه الطماطم.... حيث اختفى في احد جنبات الوادى ليتدوق هده" الخضرة العجيبة " والمسلمون في تاونزة لم يقبلوا على أكل الطماطم إلا بعد أن عاشروا النصارى الفرنسيين أثناء بناء سد بين الويدان في نهاية الأربعينات من القرن الماضي ...وفى هده الفترة بالذات بدا إحصاء اليهود لتهجيرهم من المنطقة .. أما من جانب اليهود فهم لا يشترون اللحم من السوق العام....بل يشتركون في شراء عجل أو خروف ويتفضل الحزان بالذبح والسلخ ويقسمون اللحم فيما بينهم .....ويتفادون بدلك اللحم المذبوح من طرف المسلمين وفى هدا الصدد سجلنا أن اليهود ى لا يتعاطى لمهنة الجزار هجرة اليهود إن الحديث عن الهجرة من تاونزة لا يميز اليهود وحدهم بل هناك من العائلات المسلمة التي غادرت إلى مدينة بني ملالوالدارالبيضاء ..... لكن رحيل اليهود ما بين سنتي 1952 -1962 كان" خسارة كبرى على المنطقة" على حد تعبير رجل مسن, فالهجرة نزلت كالصاعقة على الطرفين.. فلم يسبق لليهود إن توقعوا يوما أنهم سيهجرون تاونزة . إن المسلمين جميعهم يتذكرون كيف كانت حالة اليهود النفسية عندما ثم الشروع في إحصائهم. حيث أن هناك من أسرع إلى بيع ممتلكاته من منازل ومتاجر وتصفية حساباته التجارية مع المسلمين, فقد سبق القول بان اليهود شاركوا الغنم والبقر مع المسلمين ولهدا كان عليهم تسوية مجموعة من المشاكل قبل الرحيل . وفى هدا الصدد سجل شركاؤهم شدة هدا الوقع في نفوس اليهود.. إن التسامح في تقسيم الأرباح كان ملازما طيلة تعاملهم مع شركائهم المسلمين .. فكيف لا يحضر هدا التسامح في لحظة الفراق ؟ لقد باع اليهود منازلهم ومتاجرهم وجاء رحيلهم عبارة عن دفعات.. اد يتم إخبار كل عائلة على حدة من اجل الاستعداد للهجرة.... فهناك من غادر من تاونزة مباشرة الى إسرائيل.. وهناك من فضل بيع ممتلكاته وشراء منزل سواء في بني ملال أو في البيضاء في انتظار دوره للمغادرة النهائية.. . وبالرغم من بعض الارتباك الدى لازم هده الهجرة فقد كانت المنازل والمتاجر تباع باثمنة مرتفعة مقارنة مع مثيلتها فئ بني ملال .... ويعزى هدا الى مكانة تاونزة في الرواج الاقتصادي أنداك ...... يقول احد المستجوبون : " اشتريت أنا منزلا ب 1500 درهم في ملاح تاونزة واشترى فلان مثله في بني ملال بأقل من هدا الثمن ".. إن هدا التصريح يحمل في طياته بعض الحسرة والندم على تراجع المستوى الاقتصادي بتاونزة .. فلو اشترى هدا الرجل منزلا ببني ملال لربح المدينة كما يقول... . وهناك من اليهود من باع منزله وعاد واشترى منزلا آخر – نظرا لتأخر رحيله – في انتظار تسوية ظروف استقباله بإسرائيل.. يقول احد الاشخاص : " ودعنا اليهود بالبكاء " لقد بكوا مغادرة سكناهم وممتلكاتهم وشركائهم وزبنائهم وأصدقائهم وأضاف أخر .." لم نكن نتوقع أن اليهود سيرحلون يوما " . إن رحيلهم بالنسبة لسكان تاونزة كان خسارة على المنطقة بكاملها ..رغم أن هناك من اعتقد من المسلمين أنهم سيتولون أماكنهم فى التجارة لكن جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن .. ولو إن هناك من استمر بالاشتغال في متاجر ومصانع اليهود .لكن دالك لم يدم طويلا .. حيث بدا التراجع على مستوى المدخول اليومى .. مقارنة بما كان عليه الحال إبان تواجد اليهود بالمنطقة , بالاضافة الى تدهور المعاملات التجارية الواسعة التي لعبتها تاونزة في هده الجهة وقد تاثرت بدلك كل من منطقتى فم الجمعة ودمنات بالاقليم ... فهناك عدة عوامل موضوعية ساهمت بدورها في هدا الانحطاط , نذكر منها على سبيل المثال الجفاف حيث قلت الامطار في الآونة الاخيرة وتطور الصناعة الحديثة , الشىء الدى اثر سلبا على الصناعة التقليدية المحلية خاصة الدباغة منها الى درجة انه لم يعد يشتغل فى هدا الميدان سوى بضعة صناع تقليديون معددون على اصابع اليد , ومنهم من حاول أن يتأقلم مع هده الظروف وتشبث بمهنته لكنه رحل اخيرا الى بني ملالومراكش لمتابعة مزاولة هده المهنة لأنه لا يتقن غيرها , وقد يكون من باب الصدف أن التقى هؤلاء الصناع التقليديون النازحون من تاونزة مع سياح – يهود – تاونزة القادمون من إسرائيل...... سياحة اليهود بتاونزة لايمكن أن نتحدث عن سياحة اليهود لتاونزة دون ربطها بعلاقة المد والجزر التي تحكم إسرائيل بفلسطين.. فعندما تهدا هده العلاقة يكثر توافد السياح اليهود الى تاونزة.. وعندما تتوتر العلاقة بالشرق الأوسط تكاد تنعدم هده الزيارة .. غير أننا سجلنا أن بعض اليهود يأتون دون أن يولوا اي اهتمام لهده الأمور وياثون لزيارة منازلهم ومقر سكناهم وولادتهم القديم . فلا يلقون من المسلمين إلا الترحيب ويتفضلون بالسماح لهم لدخول منازلهم وتفقدها. ويحكى انه من اليهود من لازال يذكر غرف منزلهم واحدة واحدة .. ومنهم من جزم على أن لا شيء تغير إلا بعض الترميمات الخفيفة , ويحنون لمثل هدا البناء ( التابوت ) الدافئ فى وقت القر والبارد فى وقت الحر ومن اليهود من جاء خصيصا لترميم بعض قبور آبائهم وأجدادهم . خاتمة في نهاية هدا البحث لابد من الإشارة إلى أن موضوع اليهود بتاونزة لازال يحمل في طياته مجموعة من الخبايا لابد من الكشف عنها ..لان تواجد جنس اليهود بالمنطقة لمدة ليست باليسيرة.. ثم رحيله المفاجئ الى إسرائيل لا يعني أبدا نهاية لهدا الموضوع , بل رغم هدا الرحيل فان الذاكرة الشعبية لسكان تاونزة والمنطقة عموما لازالت حبلى بمجموعة من الرموز لابد من الكشف عنها.. وبحثنا هدا حاول فقط أن يسلط الضوء على الجانب الاجتماعي في العلاقة التي كانت تربط اليهود بالمسلمين وتبقى الجوانب الأخرى مفتوحة ... حسن خمة نونبر 2007