حتى تمر العاصفة....... استمرت الوريقات في التساقط واحدة تلو الأخرى واستمرت موجات من الريح في اجتياح المكان مقترنة بانخفاض شديد في درجة الحرارة ،حركات الأغصان تحدث اصواتا مزعجة تتصاعد كلما اشتد هيجان الرياح العاتية ،هي تزيد هبوبا والشجرة تزداد صمودا ،هي تتعاظم قوتها وشدتها ،في حين تتزايد جذور الشجرة صلابة وعزة بل وترتفع معنوياتها،وتتشبث أكثر فأكثر بتربتها ،بموقعها الجغرافي تتحرك الأغصان بل وتتساقط الوريقات ،لكن تبقى الجذور في تبات. يحدث هدا والشاب الوسيم جالس فوق ربوة على مقربة من منظر التحدي داك ،ينظر إليه غير مبال بالموقف ولا حتى بتأثير الرياح على هيئة جلوسه، فهو يعدلها بين الفينة والأخرى ،معرضا لها ظهره ،أو منهمكا في إعادة إغلاق صدفات قميصه ومعطفه ،استحسن أخيرا جلسته نظر إلى الأرض فوجد عليها شعيرات ،ثم إلى كتفه... رفع نظره مرة أخرى ....أخيرا أيقن الحقيقة التي يهابها غير ما مرة ، ،كلما تذكر واقعة الموت وصدمة فراق النفس العزيزة . إنها الشعيرات تتساقط الواحدة تلو الأخرى من رأسه دون كلل أو أسف ....كلما سقطت إحداهن إلا واستعدت صويحباتها للرحيل ملل ، ربما أو انزعاجا من تربة لم تعد تقوى على الصمود، قد يكون هدا وربما داك ،لكن ما يدركه هدا المسكين هو أن رأسه يوما ما ستكون منطقة معزولة من زغب الرأس ،وقد يتعدى الأمر دلك فيصادر بتهمة « ارض خلاء « وقد تستدعي المشكلة تدخل الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء ...من يدري...العواصف تشتد هده المرة ....تتدخل بعنف ... تتكاثر الأوراق المتساقطة...تشتد الاصطدامات بين الأعصان المرتبكة ....أغصان الشجرة دانها ....الجذور...الأرض ...الجغرافيا .صمود ومقاومة . ها هو يهرب ...يتخلى عن موقفه ،عفوا عن موقعه .لم ينفعه التدبدب بين هيئة في الجلوس وأخرى .أعياه الجلوس ومقاومة الرياح الهيجاء التي تعصف من جهة الغرب . أربكته الشعيرات اللواتي صممن على الرحيل دون رجعة.....تساءل مرة أخرى لم يجد السؤال المناسب .ترى يكون دالك سبب رحيلها؟....يجوز فالرأس الذي لا يتأمل ...لا يبالي بما يحيط به،يتسبب في هجرة سواد شعره. احسب الشعيرات راحلة ولسان حالها يقول وداعا ،غير مأسوف له ،فقد كنا لراسك سترا ولوجهك وسامة .فما عسانا نفعل لمن لنفسه مضيع ولامته واهن. هم الرجل بالرحيل هاربا من اشتداد العواصف ،متوغلا وسط الأشجار ،محتميا بها حتى تمر العاصفة.